كنت أحاول قدر المستطاع أن أنأى بنفسي عن الجدال الدائر حول تحويل ما كان يعرف بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية إلى مدينة لعيون في صورة جامعة إسلامية.
حاولت وصبرت نفسي وقلت سحابة صيف عن قريب ستنقشع لكن أما وقد رأيت طرفا بعينه يضع القضية في إطار جهوي ويرى أن للثقافة ومؤسساتها في موريتانيا حدودا جغرافية داخل الحدود وجدتني مدفوعا دفعا إلى كتابة هذه الخواطر.
لا أخفيكم أنني تفاجأت بل أرعبت لما قرأت بيانا لأساتذة ما كان يسمى بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية كما تفاجأت وأرعبت من تسخير خطبة الجمعة لهذا الموضوع وكأن نقل المعهد إلى لعيون كبيرة من أعظم الكبائر وهنا أدعو الإمام الذي أقحم هذا الموضوع في خطبة الجمعة إلى الكف عن المتاجرة بالدين والتسكع داخل المكاتب فالدين الإسلامي ليس سلعة لتحصيل الأموال وتعيين الأقارب وما ينبغي له أن يكون كذلك وأطلب من هذا الإمام ان يتنحى عن إمامة المسجد الجامع لأن ما أقدم عليه مدعاة للفرقة والخلاف.
لقد كان بيان الأساتذة يفوح جهوية وجهلا ويتفصد أنانية وفرقة، وهنا أقول لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز إن للإصلاح على مر التاريخ أعداء ومشككين وإن أي قرار رئاسي إصلاحي لن يجدي نفعا إلا إذا كان صارما ونافذا لا يؤثر فيه أصحاب المصالح الضيقة.
إن رئيس الجمهورية الذي عرفناه مذ عرفناه حازما إذا أذعن – لا قدر الله – لأساتذة ما كان يعرف بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية المرتبطين ارتباطا وثيقا (بنقطة ساخنة) فإن أي قرار آخر سيلاقي نفس المصير، فالعرب تقول (لا تعدم الحسناء ذاما).
قرار نقل ما كان يعرف بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية إلى لعيون يأتي ضمن إنجازات من العيار الثقيل تحققت للشعب الموريتاني في ظرف وجيز في حين أمضت أحكام سابقة عشرات السنين في الحكم دون أن تحقق مكاسب من هذا القبيل.
أول هذه المكاسب هو مكسب الأمن، فبإمكانك أن تتجول في العاصمة نواكشوط في ساعات متأخرة من الليل دون أن تشعر بالخوف فالدوريات ساهرة لتأمين السكان الذين ينامون قريري الأعين، وجيمع الذين سولت لهم أنفسهم تعريض أمن البلاد للخطر وجدوا أنفسهم مكبلين في الأصفاد.
أضف إلى مكسب الأمن مكاسب أخرى كبيرة كبناء المساجد وتشييد شبكات الطرق وشركات النقل البري والجوي والمستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة وإقامة الجامعات والمعاهد كالحي الجامعي على طريق نواذيبو والحزام الأخضر المحيط بنواكشوط والذي يحتوي على مليون شجرة وغيرها كلها مشاريع طموحة ينتظر أن تغير واقع البلاد إلى الأفضل في الأفق المنظور.
(والقافلة تسير والكلاب تنبح)