رئيس محكمة الاستئناف المفصول بسبب تبرئة المتهمين في ملف “المخدرات” تحدث عن “الاستهتار بالقانون”
قال القاضي محمد الأمين ولد المختار الرئيس السابق لمحكمة الاستئناف بنواكشوط والمفصول من عمله قبل أيام إن القضاء الموريتاني اليوم بات يعاني “الارتهان للرغبات والحسابات الشخصية لدى السادة المطاعين في هرم المؤسسة القضائية” واصفا ذلك بأنه حقائق مفجعة.
وأكد القاضي في بيان صحفي شديد اللهجة اليوم الثلاثاء أنه مما يثير الانتباه في قرار وزارة العدل المصدق من التشكلة الخاطفة للمجلس الأعلى للقضاء أنه استهدف رئيس المحكمة شخصيا دون غيره رغم أن التشكيلة تداولية والأحكام جماعية. وقال ولد المختار إن المجلس الأعلى للقضاء أرغم في تشكلته التأديبية يوم أمس على التصديق على طلبات الوزارة بشأن القضاة بدون أي تعديل، واصفا الطريقة بأنها “تعكس مستوى الاستخفاف بأهم سلطة في الدولة الديمقراطية”.
وأضاف ان ذلك يكرس حقيقة كون الوزارة اليوم هي ” السيد المطاع” للمؤسسة القضائية المدجنة من طرف القضاة المهيمنين على الهرم القضائي، خاصة إذا علمنا أن الوزير ليس له أن يعهد التشكلة التأديبية وكلما يملكه هو أن يحيل الوقائع إلى المجلس الأعلى للقضاء في تشكلته الموسعة التي يرأسها رئيس الجمهورية حيث نصت المادة 38 من النظام الأساسي للقضاء على أن (الوقائع التي يمكن أن تسبب متابعة تأديبية ضد القضاة تبلغ إلى المجلس الأعلى للقضاء من طرف وزير العدل) وللمجلس الأعلى في تشكلته الموسعة صلاحية تقدير ما إذا كان القاضي يستحق الإحالة إلى المجلس في شقه التأديبي أم لا وسابقة قرار غرفة الاتهام شاهدة بذلك.
وأشار القاضي محمد الأمين ولد المختار، إن الوقائع تكشف التي رافقت القضية من بدايتها إلى نهايتها عن استهتار واضح بالقانون؛ روحا ومساطر، وهو ما يحتم علينا أن نضع الرأي العام الوطني في صورة ما حصل حتى يكون الناس على بينة مما يُطبِق على هرم السلطة القضائية اليوم من فساد وتحيز ومزاجية.
وقال إن المحكمة أسست حكمها على وقائع ونصوص واضحة لم تستطع المفتشية ولا المجلس فى جلستة الخاطفة أن يثبت عكسها، وهي في ذلك خضعت للقانون والقانون فقط. بسحب ولد المختار.
وأشار في بيانه الصحفي إلى نقاط توضيحية :
ـ لم يتضمن تقرير المفتشية العامة للقضاء أي اتهام للقضاة وإنما ركز على كون المحكمة لم تساير الحكم الصادر عن المحكمة التي حكمت ابتدائيا في القضية أو ما توصلت إليه الشرطة القضائية، وكأن تراتب المحاكم وتعدد درجات التقاضي لم يعد له معنى.
ويمثل التقرير في الواقع خروجا عن جوهر مهمة المفتشية التي هي رقابة السلوك الخارجي للقضاة أو الظروف المحيطة التي يتخذ فيها القرار القضائي أما أن يراقب العمل القضائي فهذا افتيات على عمل المحكمة العليا وسيؤدي إلى تعريض أي قاض مستقل في قراره للفصل.
كما أن المفتش ـ في خروج منه عن مهمته ـ استغرق في تعبيرات إنشائية غير دالة متدخلا أحيانا في مضمون الأحكام لدرجة بدا معها أشبه ما يكون بمرافعة يائسة لم تسعف صاحبها الأدلة فبات يبحث في الكلمات والتعبيرات الغريبة عما يرضى به رغبات الجهات المصرة على إهانة القضاء وإذلال القضاة.
ـ تم استبعاد ثلاثة من أعضاء المجلس التأديبي السبعة من بينهم نائب رئيس المجلس، واثنان من ممثلي القضاة استبعدا على أساس أنهما في عطلة رسمية رغم أنهما استدعيا السنة الماضية في نفس الظروف لحضور جلسة المجلس الأعلى للقضاء في تشكلته الموسعة التي يرأسها رئيس الجمهورية وانعقدت بتاريخ 6 سبتمبر 2010، وقد تم استغلال الوضعية النفسية لأحد ممثلي القضاة لتبرير مؤامرتهم.
ويمثل استبعاد ممثلي القضاة عن المجلس فى تشكلته التأديبية ـ رغم طرقهم لباب المجلس التأديبي ومنعهم بالقوة من الحضور ـ خرقا سافرا لإرادة المشرع الذي أراد للتشكلة التأديبية أن تكون قضائية بحتة، فضلا عن كونه يمثل مساسا مباشرا بحق الدفاع في حق القضاة الخاضعين لإجراءات التأديب من طرف زملائهم المنتخبين حيث لم يبق لانتخابهم معنى.
ـ خلافا لما قصد المشرع من تكوين المجلس التأديبي بتشكلة قضائية صرفة حرصا على استقلال السلطة القضائية اعتمد المجلس التأديبي على توجيهات صريحة من وزير العدل الذي يفترض أنه لا دخل له بأحكام القضاء،وهو ما يثير الإشفاق على السلطة القضائية التي يفترض أن يكون ممثلوها أكثر الناس حرصا على حماية استقلاليتها ، ومما يؤسف له حقا أن القضاة المفجوعين اليوم من تصرف ” هرم السلطة القضائية ” باتوا يعلقون الأمل على المجلس الأعلى للقضاء بتشكلته الموسعة لإنصافهم من ظلم ذوي القربي.