فيه لا نرتفع بلغتنا العربية إلى مستوى الهبة الربانية التي جعلتها لغة القرآن الحكيم،…القرآن العادل الداعي للعدالة،….القرآن الذي لا يميز بين الأعراق إلا على أساس اجتهادها ،في تحقيق إنسانيتها الحقة المختزلة في تقوى الله.
على العكس إننا نستخدم الفصحى العربية لنجرح، لنقصي، لنقتل “مفاهيميا” أية حقوق لآخر “منا”، كل ذنبه أنه لم ينشأ نشأة عربية قحة!،…كل جريمته أنه عاش ازدواجية تربوية أقصته بعيدا عن ضفاف لسان العرب، وبحره الزاخر.
ما زلنا نستخدم الفصحى العربية لذكر أنسابنا، وأيامنا، وأماكن انتجاعنا، و بطولاتنا، ونبكي بها على أطلالنا، و نذروها كالدراهم الذهبية تحت أقدام الجميلات، تماما كما نذرو نقودنا الورقية في أعراس باذخة، دون أن نتذكر آلاف الجياع منا، وآلاف العطشى، وآآآلاف الذين لا يستنيرون في ظلمات ليلهم إلا إذا ظهر قمر الله في فضائهم!.
لا جديد…،لا جديد؟!…،بلى ثمة جديد هو أننا بدأنا هذه الأيام مرحلة اللعب باللغة في ترسيماتنا السياسية، ومقارباتنا الانتهازية “الانتخابية”….
الجديد أيضا في هذه المرحلة التي أقبل موسمها “الجديد”، هو أننا بتنا نسمع ونقرأ عن أساتذة ومثقفين، يمدحون رئيس الجمهورية، فقط لأنه ألقى خطابا باللغة العربية في حضرة رئيس فرنسا “التي كانت تستعمرنا”…!!!…،إن أحدهم يشكر فخامته، وكأنه يختزل كل معاني الاستقلال في مجرد حديث رئيسنا بالعربية!؟….،ولأني كنت أعرف الدكتور المثقف لا ينحاز للسلطة الحاكمة من أجل منفعة
“انتهازية”…،فسألتمس له العذر ، وسأعتبر أن عاطفته تحركت بدافع قومي ووطني، حين شاهد رئيس فرنسا المجسد “رمزيا” لتاريخ استعماري مقيت…،لكني سأسأل مثقفنا الناقد الجهبذ: ترى هل أحس ويحس بمعاناة آلاف المواطنين البسطاء من قسوة الحياة اليومية، و ارتفاع الأسعار، وجمود الرواتب أو انعدامها، و تردي خدمات التعليم والصحة وووو…..، ؟!…،هل بعد كل ذلك يمكن الحديث عن استقلال أو إنجاز يستحق الشكر مقارنة مع ما يستحق الانتقاد؟؟….، هل تكفي كلمات مكسرة بالعربية لتطعم وتبرئ و تمنح الأمل في حياة كريمة لكل ملاييين الموريتانييين؟….،وأخيرا ألا يضع مثقفنا احتمالا -ولو بسيطا- أن الرئيس الجنرال أراد بمحاولته تلك “العنترية”…،دغدغة مشاعرنا، وإلهاء عقولنا عن رؤية الواقع؟؟!…
إن لغتنا عزيزة جدا علينا،…لكن الإنسان هنا ينبغي أن يكون أعز وأكرم …،ولو لم يرتفع الخطاب اللغوي العربي بصاحبه إلى مستوى عدالة القرآن الكريم الذي نزل بها….،فلا تستحق هي الاحتفاء..،ولا يستحق متحدثها