نواكشوط ـ محمد ناجي ولد أحمدو
في موريتانيا، وخلال شهر رمضان المبارك، تنتعش أسهم الفتاوى، التي تختلف بين الميسر والمتشدد والوسطي والطريف، وكثيرا ما اختلف فقيهان أو أكثر حول نازلة معينة، تبعا لمشاربهم الفقهية.
تولي وسائل الإعلام الرسمية اهتماما كبيرا بالشأن الديني في رمضان، وتفرد مساحات واسعة للإجابة على استشكالات المتابعين ونوازلهم المختلفة.
بعض الفتاوى تكتسي طابعا مغرقا في الطرافة من قبيل الفتوى الشهيرة التي أصدرها العلامة حمدا ولد التاه، حينما سأله أحدهم، وهو موريتاني مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، عن مشروعية عمله في تنظيف أواني الخمر، فرد عليه أحد الفقهاء بالقول إن عمله غير جائز، فما كان من حمدا إلا أن عقب بأسلوبه الموغل في الطرافة “أما أنا فأرجو أن تثاب على عملك فأنت على الأقل تطهر الآنية النجسة”.
هذه السنة دخلت على الخط فتأوي من نوع جديد، حيث طرح أحدهم سؤالا عن جواز استخدام مجال الانترنت اللاسلكي غير المشفر Wifi من طرف غير مالكيه، فأجابه أحد الفقهاء بالقول إنه “يعتقد أن ذلك جائز مادام لا ينقص من قوة الربط”.
إشكالات جديدة وجدت طريقها لعلماء الدين، خصوصا في ظل مستجدات أملاها العلم والتقنية وتشعب الحياة المعاصرة، فلم تعد الأسئلة حول جواز اللحوم البيضاء الأروبية ولا طهارة بعض مساحيق التجميل التي يروج أنها تضم في تركيبها أمورا غير طاهرة العين، هي محور اهتمامات المتلقي الموريتاني الفقهية.
بل إن أمورا من قبيل المعاملات عبر الشبكة العنكبوتية والفيس بوك، الشبكة الاجتماعية المنتشرة، وإثبات الحامض النووي للأبوة، وإمكانية اعتماده مثبتا شرعيا في القضاء الموريتاني، الذي يعتمد المذهب المالكي، الذي يعتبر الشهادة وسيلة وحيدة لإثبات البنوة، في ضوء قياس تحليل الحمض النووي على استئناس الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالقيافة في النسب.
توحيد رؤية الأهلة بين مختلف دول العالم الإسلامي، والجدال الدائر بين أنصار أن تكون لكل بلد رؤيته وداعمي عموم الرؤية، وجد طريقه إلى صدارة أجندة النوازل الفقهية في رمضان الحالي، وتحدث مستمعون على الهواء عن تأكدهم من رؤية الهلال يوما قبل الإثبات الرسمي، وهو ما عقب عليه بعض العلماء بالقول بأنهم أخطأوا عندما لم يرفعوا رؤيتهم.
مهما يكن، فقد طفت؛ في رمضان الحالي، نوازل جديدة على السطح لم يسبق لمفتي موريتانيا أن تناولوها أو أن خطرت لهم على بال، و”تلك سنة الحياة”، التي تزخر دوما بالجديد، وتتطلب الإشكالات المعاصرة فيها وجود مفتين ملمين بفقه الواقع لكي تكون أحكامهم على المستوى؛ يعلق أحد المهتمين.