نظام العقيد استخدم الجزائر و النيجر لتنسيق عبور المقاتلين الأفارقة
أظهرت رسائل عديدة تم الكشف عنها، بين السفير الليبي في المملكة العربية السعودية الدكتور محمد القشاط، ومكتب العقيد معمر القذافي و وزارة الخارجية الليبية في طرابلس اهتماما كبيرا للنظام العقيد معمر القذافي بدعم شخضيات موريتانية لحكمه وهو يواجه ثورة شعبية مسلحة، وحملة عسكرية جوية من حلف الناتو. وتضمنت الرسائل التي بدأت تتقاطر على مكتب العقيد والخارجية الليبية منذ فبراير الماضي مواقف وتصريحات مؤيدية من مسؤولين موريتانيين سابقين مدنيين وعسكريين.
وخصصت معظم تلك الرسائل التي نشرتها صحيفة الشرق الأوسط السعودية في عددها 11974 الصادر اليوم السبت لما يتعلق بالموريتانيين الداعمين للعقيد القذافي، وللأفارقة خاصة من مالي والنيجر، وكيفية الاستفادة من “المجاهدين المتطوعين” عن طريق الجزائر والنيجر.
وجاء في إحدى الوثائق : “خاطبني الرئيس السابق الموريتاني محمد خونا ولد هيدالة يؤيد موقف ليبيا وموقف الأخ القائد وطلب مني إبلاغ تحياته إليه ودعائه له بالنصر وأنه على استعداد لعمل أي شيء لدعم ليبيا وقيادتها وهو حاليا يحرض الجماهير على التحرك لنصرة ليبيا وسيتحركون أيضا اليوم“.
وإلى جانب اسم الرئيس الأسبق ولد هيداله، ورد اسم النقيب المتقاعد من الجيش الموريتاني ابريكه ولد أمبارك وهو أحد أبرز أركان نظام ولد هيداله أيام حكمه. إلى جانب من يعتقد أنه الوزير والسفير محمد محمود ولد وداداي، وهو إعلامي وديبلوماسي متقاعد، ونائب رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض.
وتضمنت الوثائق (الرسائل) اسم مريم داداه أرملة الرئيس الأسبق لموريتانيا المختار ولد داداه، وإشارة إلى اتصال من أحد أبنائها لم يحدد، على العلم أن أحدهما (محمدن) يعمل مديرا للتعاون الدولي في وزارة الخارجية الموريتانية.
وأشارت أكثر من برقية إلى من وصفتهم بـ”بعض شباب موريتانيا” الذين دأبوا على الاتصال بالمسؤول الليبي المكلف (السفير في الرياض) وإبلاغه بكافة تحركاتهم المساندة للقذافي، وباستعداداهم لأي عمل تكلفهم به الجماهيرية، وفي إحدى البرقيات يقول الشباب انهم تظاهرون أمام سفارة قطر في نواكشوط وانضم لهم عمال السفارة من الموريتانيين وكذلك حرسها!
وتحدثت وثائق عن اتصالات قام بها عسكريون سابقون في الجيش الموريتاني لصالح القذافي، حيث جاء في الرسالة رقم 198 بتاريخ 27 فبراير الماضي: “الأخ الأمين: أنا على اتصال بمجموعة من الموريتانيين ومن ضمنهم الأستاذ محمد محمود ولد دادة، (لعله يقصد محمد محمود ولد ودادي) موريتاني سبق وأن اشتغل سفيرا لبلاده بالجماهيرية، هذا الرجل أبدى استعداده للتحدث إلى بعض الإذاعات الفرنسية ويحمل وجهة نظرنا، وأبلغني أنه متى تم تحديد موعد لحديثه سيبلغني، هذا كما تم الاتصال بمجموعة من رجال الدين الموريتانيين لإصدار فتوى ضد الفتنة وضد مناصرة العدو، وقد أخبرني محمد محمود أن (قناة) الجزيرة فقدت مصداقيتها ويتداول الموريتانيون حديث (الشيخ يوسف) القرضاوي وهم جميعا يستهجنونه”. وهي الرسالة نفسها التي تضمنت تصريحات الرئيس الأسبق محمد خونه ولد هيداله.
وفي رسالة إضافية تحمل رقم 205 بتاريخ 28 مارس الماضي، قال السفير الليبي في الرياض مخاطبا وزير خارجيته في طرابلس: “الأخ الأمين، من موريتانيا اتصل بي العقيد ابريكة ولد امبارك (ابريكه نقيب وليس عقيدا) وهو عقيد متقاعد ويرأس مجموعة العسكريين المتقاعدين، ويقول إنه يعمل لصالح الجماهيرية في تحريك المظاهرات وكتابة الرسائل لساركوزي وغيره من الرؤساء ويقول إنه على استعداد لعمل أي شيء تكلفونه به من أجل الجماهيرية وقائدها“.
وأضاف: “كما اتصل بي شخص مكلف من السيدة مريم داداه زوجة الرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد داداه وهي فرنسية وقالت نحن لا ننسى معروف القذافي عندما أوصى بمختار بعد الإطاحة به وقالت سأعمل جهدي لصالح الجماهيرية في الأوساط الفرنسية والأوروبية، كما اتصل ابنها أيضا (لم يفصل أي أبنائها على العلم أن أحدهما مدير التعاون الدولي في وزارة الخارجية الموريتانية)“.
وجاء الرد على هذه الرسائل من طرابلس في برقيتين كتبتا أيضا بخط اليد الأولى تقول: “شكرا على تضامنهم ونطلب منهم مقاتلة الفرنسيين والتطوع مع إخوتهم الليبيين”، بينما قالت الرسالة الثانية: “نرحب بالإخوة المجاهدين ضد الصليبيين“.
وفي رسالة أخرى حملت رقم 198 بتاريخ 21مارس الماضي قال السفير الليبي في برقية بخط اليد موجهة إلى مكتب القذافي: “اتصل بي الآن بعض شباب موريتانيا وأخبروني أنهم قاموا بمسيرة لمبنى هيئة الأمم وساروا أمام السفارة الفرنسية يؤيدون ليبيا ويشجبون العدوان. وفي رسالة أخرى تحمل رقم 195 بتاريخ 22 مارس الماضي، وموجهة أيضا إلى مكتب القذافي بطرابلس جاء ما يلي: “اتصلت بي مجموعة من الشباب الموريتاني وأبدوا استعدادهم لأي شيء تكلفهم به ليبيا دفاعا عنها وعنا القائد، وأبدوا استعدادهم للتظاهر والاحتجاج أم السفارة الفرنسية وقد يعملون أشياء أخرى“.
وجاء في الرسالة التي حملت رقم 191 بتاريخ 20 مارس الماضي: “الأخ الأمين، اتصلت بي مجموعة من شباب موريتانيا وهم متحركون في تجمعاتهم ضد فرنسا والحلف الصليبي وضد التدخل في ليبيا، المجموعة تطلب تكليف موظف في المكتب الشعبي للتنسيق معهم، مع العلم أن أمين المكتب غير موجود وترك هذه المساحة فارغة في هذه الظروف غير مستحب“.
وبعد يومين كتب السفير رسالة تحمل رقم 202 بتاريخ 23 مارس الماضي، إلى وزير الخارجية الليبي قال فيها: “قبل ساعة من الآن قام الشباب الموريتاني بمسيرة أمام السفارة القطرية حيث انضم إليهم العاملون بها من الموريتانيين وكذلك شرطة الحراسة، وقاموا بإلصاق صور الأخ القائد على حيطان السفارة، وأصدروا بيانا سأرسله لكم متى وصلني منهم“.
وكتبت معظم الرسائل بخط اليد حيث دأب نظام القذافي على اعتماد وسيلة تقنية لتشفير هذه الرسائل بعد كتابتها بخط عادي ومسحها على جهاز سكانر خاص بشفرة سرية، بمقر الخارجية الليبية في طرابلس لفك التشفير بطريقة سهلة.
تجنيد “المرتزقة“..
في رسالة موجهة مباشرة إلى مكتب القذافي بتاريخ 21 مارس قال السفير الليبي: «أبلغني الشيخ أوسا أنه يسعى لتجميع الشباب في كيدال (شمال مالي) ويؤيده محمد أنتاله والعباس أنتاله والهادي بشير، ولكن يجد معارضة كبيرة من إياد غالي الموجود بالمنطقة ومن حمة سيدي محمد الموجود بالجماهيرية واللذين يحرضان الشباب على عدم الالتحاق، يمكنكم إبطال مفعول حمة سيدي محمد من عندكم“.
وفي نفس اليوم وجه السفير أيضا رسالتين مقتضبتين إلى نفس المسؤول، الأولى تحمل رقم 203 يقول فيها: “برقيتكم رقم 403 بتاريخ 23/3/2011 يطلب التنسيق مع الجزائر والنيجر لمنح تأشيرات للناس القادمين، وإيجاد شخص منا لاستقبالهم». وردا على هذه البرقية، جاء الرد من طرابلس كالتالي: «تم تكليف الأخ أمين المكتب في الجزائر بهذا الموضوع“.
أما الرسالة الثانية فتحمل رقم 201 وجاء فيها «الأخ الأمين: بلغونا كيف يصلكم المجاهدون؟ وأي البلدان المجاورة أفضل لاستقبالهم، ومن يستقبلهم، في انتظار الرد”. ولم يتأخر الرد كثيرا حيث أفادت برقية صادرة من مكتب وزير الخارجية الليبي إلى السفير الليبي بالسعودية: «إلى الإخوة/ الرياض برقيتكم رقم 200 بتاريخ 22 مارس (الماضي) يمكن استخدام الجزائر أو النيجر“.
وفي رسالة أخرى من نفس المصدر قال وزير الخارجية الليبي مخاطبا سفارته في الرياض: “نحن نرحب بإخوتنا في القتال معنا“.
وفي رسالة وجهها السفير الليبي إلى مكتب القذافي (القلم) وتحمل رقم 185 بتاريخ 26 فبراير الماضي، كتب السفير الليبي يقول: «اتصل بي عبد الرحمن قلة من تمنراست حيث يشتغل هناك قنصلا لمالي، وقال نحن يهمنا ما يحدث في الجماهيرية فهي ثورتنا ونحن لا ننسى مواقف القائد من شعبنا ونحن على استعداد للدفاع عن ليبيا“.