الجمعية الموريتانية لحماية المستهلك ومحاربة الغلاء
في السنوات الأخيرة دأبت السلطات على إطلاق ما يعرف بعملية رمضان تلك العملية التي تهدف إلى التخفيف من الأعباء المعيشية التي يذكيها الغلاء خلال شهر الصيام الذي عادة ما ترتبط بزيادات جزافية في الإنفاق على الطعام وبتعرض ميزانيات الإفراد والأسر لهزات عنيفة قد تظهر توابعها طوال باقي أشهر العام.
وبغض النظر عن خطأ الربط بين رمضان شهر العبادة والإنفاق و إحياء النزاعات الاستهلاكية لدى الأفراد لاسيما وان من حكم الصيام الارتقاء بالأرواح لا البطون والتخفف من متاع الدنيا لا إتباع الشهوات والخلود إلى الأرض إلا أن البعض يحاول جعل رمضان هو”بزار” العام وشهر الإقبال على ملذات الطعام والشراب واللهو بدل أن يكون شهر عبادة ونسك وعمل .
المهم أن هذا التقليد الذي يكلف ميزانية الدولة عشرات الملايين من الأوقية كل عام يوشك أن يفقد مصداقيته وتضيع ثمرته إن لم تتدخل الجهات العليا لإعادة العملية إلى جادة الطريق والوقوف في وجه أولئك الذين يحاولون الانحراف بالعملية إلى أهداف مشبوهة وركوبها كمطية من اجل تحقيق مكاسب ذاتية.
وليس المقام هنا مقام تنقيص وتجريح ولا من أجل استهداف جهات بعينها وإنما أداء لأمانة الكلمة وغيرة على مصالح وحقوق العشرات من المواطنين الذين لا يجدون حيلة لرفع شكواهم ولا يهتدون سبيلا.
إن الخروقات التي شابت عملية رمضان لهذا العام لم تعد سرا بعدما كشفت عنها الجهات المعنية وتحدثت عن وقوعها في معظم مقاطعات نواكشوط، لكن ما يهمنا هنا ليس وقوع عمليات احتيال محدودة هنا أو هناك ولا ردع انتهازية بعض النفعيين :
وشاف النفس من نزعات سوء كشاف من طبائعها الذئابا
ما يعنينا هنا هو دحض وتفنيد تلك الصورة الوردية التي تقدمها بعض الجهات عن سير العملية في نواكشوط ، وكيف أنها تحقق أهدافها باضطراد وتكسب ثقة المواطن يوما بعد آخر، بل ويذهب للقول إن طول طوابير الانتظار أمام منافذ العملية دليل على مصداقية العملية لدى المواطن وتعاطيه الايجابي معها.
والواقع أن العديد من المواطنين سمعوا عن العملية دون أن يجدوا لها أثرا على أرض الواقع ولجأ بعضهم إلى منافذ البيع فلم يجد غير طوابير الانتظار الممتدة والمشاجرات والزحام الخانق فضاع وقتهم وتبدد جهدهم ولم يظفروا – إن جاء عليهم الدور قبل انتهاء الدوام – سوى بكميات شحيحة قد لا تكفي لتلبية احتياجاتهم اليومية من المواد الاستهلاكية.وقد بلغ تحجيم الكميات المباعة ذروته هذا العام
عندما حظر على منافذ البيع الرئيسية أن تبيع خنشة كاملة بل الطلب المسموح ببيعه هو نصف خنشة فقط وخمسة كليوغرامات من مسحوق الحليب المجفف ومثلها من الزيوت .
إن الحيرة تستبد بالمواطن عندما يولي وجهه إلى هذه المنافذ فلا يجد غير البيع بتجزئة التجزئة رغم أنها منافذ للبيع بالجملة، كما يقف مشدوها وهو يشاهد العشرات من الذين تم إعفاؤهم من هذه الضوابط والقيود المجحفة لأنهم من عمال المؤسسات التجارية المشاركة في العملية أو لأنهم من منسوبي إدارة حماية
المستهلك أو من مقربي أعضاء لجان الإشراف على العملية.
إن إدارة برنامج ضخم مثل عملية رمضان يستدعي توسيع التشاور وإشراك مختلف الجهات المعنية بما فيها جمعيات حماية المستهلك مع وضع معايير وضمانات شفافة للمشاركة لكن الواقع أن أعضاء لجان الإشراف على العلمية هم أنفسهم منذ انطلاق العملية قبل ثلاث سنوات دون تغيير ولا أحد يريد المجازفة بتغييرها لأن لكل عضو أو هيئة أو مؤسسة ذراعها القوي الذي يدافع عنها ويعمل على حمايتها حتى ولو كان بقاؤها ضد مصلحة الوطن والمواطن.
وحتى يكون لكلامنا دليل من الواقع أوبرهان على الأرض أحيل القارئ الكريم إلى الطريقة التي تعتمد بها السلطات الإدارية الجمعيات غير الحكومية المشاركة في العملية وكيف تم حرمان جمعيتنا من المشاركة لا لشيء سوى أن المسؤول الإداري المعني بالاختيار لديه أجندة وتعليمات واضحة باسم الجمعية صاحبة الحظ والتي أثبتت التجربة ولاء وجدارة رئيسها بهذا الامتياز !! فلم يسبق لها أن قدمت تقريرا عن حصيلة مشاركتها في العملية ولم تصدر عنها أي ملاحظات بالإيجاب أو السلب حولها ولعل ذلك هو سر الاحتفاظ بها كعضو في لجان الإشراف.
أما الجمعيات الميدانية التي لم يكبلها ضعف الإمكانات وشح الوسائل والتي ظلت وفية لرسالتها نحو المستهلك ماضية في الدفاع عن حقوقه المادية والمعنوية فلا مكان لها في هذه اللجان ولا أحد يريد التورط بإشراكها لأنها لن تحابي ظالما ولن تقصر في الدفاع عن حق مسلوب.
إن الأمانة تستدعي منا المطالبة بالتناوب في عضوية هيئات ولجان الإشراف على عملية رمضان، ووضع معايير واضحة للحصول على هذا الحق. كما أن الواقع الميداني لمنافذ البيع يؤكد لنا الحاجة إلى أن يشمل هذا التناوب لجان الإشراف والمتابعة والتنفيذ بما في ذلك وحدات الشرطة المكلفة بالحراسة والأمن وحتى عمال الوزن والحمل.
إن من شان هذا التناوب أن ينتج نوعا من المنافسة والصرامة والنزاهة وهي أمور تحتاجها العملية حتى تؤتي أكلها وتحقق أهدافها ، وهو إلى ذلك علاج أمثل للمحاباة والعلاقات الزبونية التي أخذت تنسج خيوطها وتلقي بحبالها –للأسف حول عملية رمضان لتزيد من معاناة المستهلك وتفرغ العملية من محتواها.
الخليل ولدخيري
مهتم بالشان العام للامة من الجمهورية الاسلامية المورتانية 2401921-6181960
00222