ترجمة : صحراء ميديا
تتطرق الحلقة الثالثة من وثائق وزارة الخاريجة الأمريكية المتعلقة بموريتانيا، والتي نشرها موقع “ويكيليكس” لعلاقات موريتانيا واسرائيل والرؤية الأمريكية لها خصوصا في الفترة التي أعقبت انقلاب السادس من أغسطس 2008.
وتقول وثيقة كتب عليها ” مسجل سري من طرف:المكلف بمهام في السفارة كورنيلياس والش” إن المجلس العسكري (المجلس الأعلى للدولة) اتخذ إجراءاته ضد الوجود الإسرائيلي “ببطء وحذر شديدين”. وأشارت الوثيقة إلى أنه خلال محادثات الأمريكيين مع السفير الإسرائيلي في نواكشوط لمسوا أن حكومة بلاده لا تعي أن مجمل الطيف السياسي في موريتانيا يعارض العلاقات، وتحدثت الوثائق عن “عودة سرية محتملة مستقبلا لهذه العلاقات”.
الموضوع: العلاقات الموريتانية-الإسرائيلية
مسجل سري من طرف: المكلف بمهام في السفارة كورنيلياس والش:
1ـ ملخص: بعد تتبع تطور العلاقات الإسرائيلية الموريتانية في سياق الأزمة الموريتانية، نعتقد أن المجلس العسكري، خصوصا في شخص وزير الخارجية محمد محمود ولد محمدو، قلق بشدة بشأن تداعيات قطيعة رسمية في العلاقات الموريتانية-الإسرائيلية. ما قاموا به من إجراءات لحد الساعة، بينما كانت مضرة للمصالح الإسرائيلية، كانت كثيرة ومترددة. رغم ذلك، بالنظر للطبيعة المتقلبة للقضية، فإن الدخول الأمريكي على الخط في هذه الوقت الحساس جدا يمكن أن يتم توظيفه من طرف عدد أكبر من أعضاء المجلس العسكري الراديكاليين، الذين لديهم أفق تخطيط أكثر محدودية بكثير مقارنة بوزير الخارجية.، كذريعة لقطع العلاقة مع إسرائيل وتحرير موريتانيا من ما يعتبرونه قيودها المضنية. نهاية الملخص.
2- منذ حصول الانقلاب العسكري مع بداية أغسطس تتبعت السفارة الأمريكية وأعدت تقارير عن مقاربة المجلس العسكري للعلاقات مع إسرائيل وكذا مواقف وتصريحات أطراف آخرين في الأزمة السياسية الحالية التي تصيب موريتانيا. بقدر ما لم يقدم السفير الإسرائيلي أربيل أوراق اعتماده قبل الانقلاب واصطفاف إسرائيل إلى جانب السياسية الغربية التي تقضي بعدم الاعتراف بالانقلاب، هذا الأمر جعل مسألة العلاقات بين البلدين خارج الاعتبارات. الموضوع كان دائما مسألة حساسة، ويبدو أن كلا من المجلس العسكري ومعارضيه فضلوا أن لا يدخل الموضوع إلى دائرة عالمهم السياسي.
3- غيرت الغارة الإسرائيلية الأخيرة على غزة في دجنبر من طبيعة الحديث عن الموضوع. وجد المجلس العسكري نفسه تحت ضغطه قاعدة مؤيديه ومعارضيه والدول الإسلامية لقطع العلاقات مع إسرائيل كتعبير عن التضامن مع غزة والتيار الغالب في العالم الإسلامي. ويبدو أنه قد عرضت فعلا بعض الدول تقديم اعترافها بالانقلاب وتقديم الدعم المادي لخطوة كهذه. مظاهرات واسعة وأحيانا عنيفة تركزت على السفارة الإسرائيلية بنواكشوط أرغمت المجلس العسكري على معالجة المسألة. على مستوى الجبهة الداخلية بدا المجلس العسكري وكأنه في منافسة مع خصومه حول من يظهر أكثر معارضة لإسرائيل من الآخر.
4- رغم الضغوطات الممارسة عليه، شرع المجلس العسكري في اتخاذ إجراءاته ضد الوجود الإسرائيلي ببطء وحذر شديدين. لقد استدعوا السفير الإسرائيلي وأعلنوا له تجميد العلاقات وقاموا بإغلاق سفارتهم في تل أبيب تقريب في أجواء سرية وسحبوا طاقمهم من هناك وأخيرا استدعوا السفير الإسرائيلي قبل أسبوعين وطلبوا منه اتخاذ “الإجراءات المناسبة” بخصوص التجميد. ومنذ 16 فبراير لم يتم الاتصال مجددا بالسفير الإسرائيلي من طرف وزارة الخارجية التابعة للمجلس العسكري.
5- لقد اعتبرنا في بعض الأحيان الإجراءات التي قام بها المجلس العسكري كمحاولة للحصول على نصيبهم من الكعكة وأكلها، وكذا إعطاء الانطباع بأنهم نأوا بأنفسهم عن إسرائيل مع الإبقاء على علاقة قائمة معها. لكن بالمقابل، ما ظهر من المجلس العسكري من تردد ورفض لمراءاة إيران وليبيا ودول أخرى، وسجالها مع المعارضة يقودنا إلى الاعتقاد بأن المجلس العسكري واع جدا بجدية تبعات قطيعة فعلية في العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل. القطيعة الرسمية هي فعليا ورقة قد يرغب المجلس العسكري في توظيفها في مرحلة ما. مع ذلك تقول المؤشرات لحد الآن أنه لن يقوم بذلك من دون ذريعة أو حركة تمكنه من كسب امتياز إما من شركائه الدوليين (لقد نجح مسبقا في حصد دعم من الجامعة العربية يعارض إنزال عقوبات دولية عليه) أو ضد خصومه الداخليين.
6- التدخل الأمريكي في هذه المرحلة قد يكون الذريعة التي يرغب فيها/يحتاجها المجلس العسكري لإحداث القطيعة النهائية. توظيف التنبيه الأمريكي كنقطة ارتكاز للقطيعة مع إسرائيل سيلمع صورة المجلس العسكري في المشرق أمام عدد من الدول الإسلامية. بما أنه ظهرت الولايات المتحدة للمجلس العسكري كأكثر منتقديه الغربيين تصلبا، فسيكون للمجلس نزوع لتوظيف هذا التدخل لتقويض مكتسباتنا الديمقراطية مع إدارة سيدي ولد الشيخ عبد الله والجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية وأحزاب أخرى عملنا معها على طول الستة أشهر الماضية*.
هناك من الأشخاص، وقد ظهروا بجلاء أكبر، في مقال مؤخرا بجريدة محلية صغيرة إسمها “”Points Chauds اختاروا أن ينظروا إلى مسألة العقوبات وتدويل الأزمة الموريتانية على أنه (كما عبر عنه عنوان المقال) “اللوبي الإسرائيلي في مواجهة مجموعة الضغط العربي التي سيكون لها الكلمة الأخيرة؟”. وبالتالي فإننا نوصي بأن يتم أخذ الطلب المسطر في الإحالة (أ) بعين الاعتبار.
7- تعليق: خلال محادثاتنا مع السفير الإسرائيلي نلمس أن الحكومة الإسرائيلية لا تعي أن مجمل الطيف السياسي في موريتانيا، سواء كان المجلس العسكري أو معارضيه أو الانتهازيين يعارضون استمرار العلاقات مع إسرائيل. العامل الوحيد الذي أبقى المجلس العسكري من دون إحداث قطيعة كلية هو فهمه أن خطوة كهذه ستجعل من علاقته بالولايات المتحدة والغربية أكثر تعقدا. هذا الأمر تعيه بدورها أحزاب المعارضة التي، في حين تضغط على المجلس العسكري لإحداث القطيعة، لا تجعل من هذه القطيعة ضرورة لا بد منها في أدبياتها السياسية. في نظرنا، يمكن للإسرائيليين أن يظفروا بعلاقة جيدة ممكنة في المستقبل مع المجلس العسكري لو أنهم اتبعوا القيادة الموريتانية وغادروا بهدوء وبطريقة غير رسمية للعودة بنفس الهدوء عندما تتحسن الأوضاع هنا وفي الشرق الأوسط. هناك، بطبيعة الحال، خطر احتمال أن يكون هذا الأمر ذريعة أخرى لقطيعة رسمية لكن هناك أيضا احتمال بأن المجلس العسكري/ أو إدارة تليه في السلطة ستضع هذه السرية في عين الاعتبار كعامل إيجابي في المستقبل. نهاية التعليق.
التوقيع: هانكينس.