ثلاث ليالٍ مرت على اعتقال السيناتور الموريتاني المعارض محمد ولد غده، قضاها في مقر فرقة الدرك الخاصة بروصو، في قضية بدأت بحادث سير أودى بحياة شخصين وجرح ثالث ونجا منه السيناتور بأعجوبة، ولكن القضية انتهت بطابع سياسي إذ دخلت على الخط لجنة في مجلس الشيوخ اتهمت “جهات عليا” باستهداف الرجل، وأحزاب المعارضة التي قالت إن هنالك تصفية حسابات “سياسية” معه.
فيما كانت تداعيات اعتقال السيناتور المعارض تتفاعل في العاصمة نواكشوط، وتثير معها زوبعة في الرأي العام الوطني، ما بين مؤيد ومعارض، وآخر يطالب بتطبيق القانون، كان الرجل يقضي ليلته الأولى في مقر فرقة الدرك بروصو داخل ناموسية مشبّعة، بين أربعة جدران لا يسمع فيها سوى أزيز الذباب وطنين البعوض، لا أنيس له غير كتاب “مسار حافل بالتقلبات” لمؤلفه الوزير يحيى ولد منكوس.
الكتاب الذي يحكي مسار رجل من رواد بناء الدولة الوطنية في موريتانيا، لم يكن من الحجم الكبير ليكون قادراً على ملأ فراغ الرجل، خاصة بعد أن صادر الدرك هواتفه الشخصية التي لم يستعدها إلا بعد أربع وعشرين ساعة بتدخل وضغط من محاميه أحمد سالم ولد بوحبيني.
الكيلومتر 22
غادر ولد غده مدينة نواكشوط صباح يوم الجمعة متوجهاً إلى العاصمة السنغالية دكار، عبر المنفذ الحدودي في مدينة روصو، ولكنه لم يكن يتوقع أن تنتهي هذه الرحلة قبل الموعد المحدد وعند الكيلومتر 22 من روصو، وأن يكون السبب في مقتل سيدة وطفل وإصابة سيدة أخرى.
شهود عيان أكدوا لنا أن ولد غده كان يسير بسرعة كبيرة عندما مرت من أمامه ناقة حاول تفاديها، قبل أن ينفجر إطار سيارته ويفقد السيطرة عليها، لتصطدم بعريش يبعد 11 متراً عن الطريق، كانت بداخله سيدة، وفي جواره سيدة أخرى وطفل.
توفيت إحدى السيدتين على الفور، فيما توفي الطفل وهو في الطريق إلى نواكشوط لتلقي العلاج، بينما تعافت السيدة الثانية من إصابتها الطفيفة بعد تلقي العلاج في المستشفى الجهوي بروصو.
الشهود العيان أكدوا أن ولد غده بعد الحادث مباشرة نزل من سيارته وهو في حالة صدمة، ويضيف أحد الشهود: “كان يكرر عبارات الحمد والهيللة، قبل أن يبدأ في معاينة الخسائر، والبحث عن ذوي الضحية”، ويقول شاهد آخر: “لقد حاول الاتصال بالطوارئ ولكنه لم يتلق أي رد”.
“جهات عليا”
بعد وقوع الحادث وصل عناصر من الدرك الوطني إلى موقعه، عاينوا السيارة وتحدثوا مع السيناتور، ثم غادروا بعد أن سجلوا ملاحظاتهم، وفق ما أكدته لجنة الأزمة بمجلس الشيوخ، والتي أضافت أن “جهات عليا” اتصلت بالدرك ليتغير بعد ذلك تعاملهم مع ولد غده.
خضع السيناتور للتفتيش البدني، كما فتشت سيارته بشكل دقيق، وصودرت هواتفه الشخصية، وذلك ما اعتبرته لجنة الأزمة بمجلس الشيوخ أنه “استفزازي وغير قانوني”، إلا أن مصادر تؤكد أن الدرك عثر على “وثائق خاصة” بحوزة عضو مجلس الشيوخ.
في غضون ذلك قالت مصادر أخرى إن السيارة التي كان يستقلها ولد غده “غير مؤمنة”، وهو ما نفته مصادر مقربة من الرجل، أكدت أن السيارة مكتملة الأوراق والوثائق وأنه كان يستعد للسفر بها خارج البلاد، وذلك ما يؤكد سلامة وثائقها.
المقربون أسرياً من الرجل تحركوا في روصو للبحث عن طريقة سريعة للإفراج عنه، وحاولوا جاهدين إبعاد الملف عن التعاطي السياسي وفق ما أكده أحدهم لـ”صحراء ميديا”، ولكن وفداً من الشيوخ وصل إلى روصو ودخل المحامي المعارض أحمد سالم ولد بوحبيني على الخط.
وفد الشيوخ
في الناحية الشرقية من مدينة روصو، يقع أحد أشهر المباني الحكومية وأقدمها، اختاره شيخ المقاطعة ورئيس مجلس الشيوخ الموريتاني محمد الحسن ولد الحاج للإقامة بعيداً عن ضجيج المدينة ونقع غبارها، بعد اعتقال ولد غده تحولت هذه الإقامة إلى مجلس شيوخ “مصغّر”.
سبق لهذه الإقامة أن شهدت أبرز الأحداث السياسية في المقاطعة خلال السنوات الأخيرة، فمنها أطلق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حملاته الانتخابية على مستوى الولاية، وفيها اتخذت أهم القرارات السياسية على المستوى المحلي.
كان الجناح الخاص في الطابق العلوي من مبنى (أو أم في أس) كما يطلق عليه محليّاً، حيث يقيم رئيس مجلس الشيوخ هادئا مساء الجمعة قبل أن يتحول إلى غرفة مؤقتة للشيوخ يتابعون من خلالها تطورات “أزمة” زميلهم السيناتور محمد ولد غده.
وصل الشيوخ إلى روصو بكثير من الحماس، حتى أن أحدهم قال إنها مجرد ساعات وينتهي الموضوع ويعودون إلى نواكشوط وبصحبتهم السيناتور المعتقل، إلا أن رياحاً هبت من نواكشوط غيرت مجرى توقعات الشيوخ، وتحول حماسهم إلى صمت، وغادروا المدينة من دون حتى أن يلتقوا بزميلهم، فيما تحولت وجهة رئيس المجلس محمد الحسن ولد الحاج من روصو إلى نواذيبو.
وحدها المعلومة منت الميداح، وصلت إلى مقر فرقة الدرك بروصو، ولكنها اكتفت بالوقوف لدقائق أمام بوابة المقر، ربما بحثاً عن طريقة للوصول إليه، أو على الأقل كطريقة للتضامن مع السيناتور الذي يرى الشيوخ في اعتقاله “إهانة” لمجلسهم، ورسالة “سياسة” مفادها أنهم ليسوا بمنأى عن المتابعة.
نهاية العزلة
تحركات مقربين من الرجل ومحاميه أحمد سالم ولد بوحبيني، لدى ذوي ضحايا الحادث، مكنت من الحصول على موافقة من الأخيرين بعدم التقدم بأي شكاية وطي الموضوع، ولكن الدرك طلب منهم توكيلاً موثقاً بذلك، وهو ما تم إحضاره صباح يوم السبت، إلا أن الدرك عاد ليطلب “التريث” قبل إكمال الإجراءات القضائية.
إلا أن الدرك في مساء يوم السبت سمح للسيناتور بلقاء محاميه وأعاد إليه هواتفه، كما فتح الباب أمام زيارته من طرف بعض أقاربه وذوي الضحايا، الذين أكدوا له أن القضية مغلقة بالنسبة لهم، وأنهم لن يتقدموا بأي شكاية ضده.
اللقاء جرى في باحة مقر فرقة الدرك بروصو، وحضرته كمراسل لـ”صحراء ميديا”، وكان ولد غده يرتدي زياً تقليدياً ويضع بجواره كتاب “مسار حافل بالتقلبات”، فيما حمل إليه أحد أقاربه كتباً وملابس وبعض الأدوات واللوازم الخفيفة، وغير بعيد من المكان الذي استقبل فيه ولد غده زواره، كانت سيارته مركونة وآثار الحادث ما تزال بادية عليها.
استقبل ولد غده في نفس المساء وفداً من المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، قبل أن يزوره أمس الأحد رئيس المنتدى محمد جميل منصور الذي حذر في تصريحات صحفية عقب اللقاء من استغلال سياسي للحادث الذي تعرض له ولد غده.
ولكن التوقعات تشير إلى أن ولد غده سيمثل اليوم الاثنين أمام وكيل الجمهورية، بينما بدأ الدرك في الاستماع لذوي الضحايا قبل التوقيع بشكل نهائي على المحضر المتضمن لعفوهم، وتنازلهم عن حق الدم في الحادث الذي تعرض له السيناتور، وطلب منهم أن يبقوا هواتفهم مفتوحة لأنه قد يتم الاتصال بهم في أي وقت.
فيما كانت تداعيات اعتقال السيناتور المعارض تتفاعل في العاصمة نواكشوط، وتثير معها زوبعة في الرأي العام الوطني، ما بين مؤيد ومعارض، وآخر يطالب بتطبيق القانون، كان الرجل يقضي ليلته الأولى في مقر فرقة الدرك بروصو داخل ناموسية مشبّعة، بين أربعة جدران لا يسمع فيها سوى أزيز الذباب وطنين البعوض، لا أنيس له غير كتاب “مسار حافل بالتقلبات” لمؤلفه الوزير يحيى ولد منكوس.
الكتاب الذي يحكي مسار رجل من رواد بناء الدولة الوطنية في موريتانيا، لم يكن من الحجم الكبير ليكون قادراً على ملأ فراغ الرجل، خاصة بعد أن صادر الدرك هواتفه الشخصية التي لم يستعدها إلا بعد أربع وعشرين ساعة بتدخل وضغط من محاميه أحمد سالم ولد بوحبيني.
الكيلومتر 22
غادر ولد غده مدينة نواكشوط صباح يوم الجمعة متوجهاً إلى العاصمة السنغالية دكار، عبر المنفذ الحدودي في مدينة روصو، ولكنه لم يكن يتوقع أن تنتهي هذه الرحلة قبل الموعد المحدد وعند الكيلومتر 22 من روصو، وأن يكون السبب في مقتل سيدة وطفل وإصابة سيدة أخرى.
شهود عيان أكدوا لنا أن ولد غده كان يسير بسرعة كبيرة عندما مرت من أمامه ناقة حاول تفاديها، قبل أن ينفجر إطار سيارته ويفقد السيطرة عليها، لتصطدم بعريش يبعد 11 متراً عن الطريق، كانت بداخله سيدة، وفي جواره سيدة أخرى وطفل.
توفيت إحدى السيدتين على الفور، فيما توفي الطفل وهو في الطريق إلى نواكشوط لتلقي العلاج، بينما تعافت السيدة الثانية من إصابتها الطفيفة بعد تلقي العلاج في المستشفى الجهوي بروصو.
الشهود العيان أكدوا أن ولد غده بعد الحادث مباشرة نزل من سيارته وهو في حالة صدمة، ويضيف أحد الشهود: “كان يكرر عبارات الحمد والهيللة، قبل أن يبدأ في معاينة الخسائر، والبحث عن ذوي الضحية”، ويقول شاهد آخر: “لقد حاول الاتصال بالطوارئ ولكنه لم يتلق أي رد”.
“جهات عليا”
بعد وقوع الحادث وصل عناصر من الدرك الوطني إلى موقعه، عاينوا السيارة وتحدثوا مع السيناتور، ثم غادروا بعد أن سجلوا ملاحظاتهم، وفق ما أكدته لجنة الأزمة بمجلس الشيوخ، والتي أضافت أن “جهات عليا” اتصلت بالدرك ليتغير بعد ذلك تعاملهم مع ولد غده.
خضع السيناتور للتفتيش البدني، كما فتشت سيارته بشكل دقيق، وصودرت هواتفه الشخصية، وذلك ما اعتبرته لجنة الأزمة بمجلس الشيوخ أنه “استفزازي وغير قانوني”، إلا أن مصادر تؤكد أن الدرك عثر على “وثائق خاصة” بحوزة عضو مجلس الشيوخ.
في غضون ذلك قالت مصادر أخرى إن السيارة التي كان يستقلها ولد غده “غير مؤمنة”، وهو ما نفته مصادر مقربة من الرجل، أكدت أن السيارة مكتملة الأوراق والوثائق وأنه كان يستعد للسفر بها خارج البلاد، وذلك ما يؤكد سلامة وثائقها.
المقربون أسرياً من الرجل تحركوا في روصو للبحث عن طريقة سريعة للإفراج عنه، وحاولوا جاهدين إبعاد الملف عن التعاطي السياسي وفق ما أكده أحدهم لـ”صحراء ميديا”، ولكن وفداً من الشيوخ وصل إلى روصو ودخل المحامي المعارض أحمد سالم ولد بوحبيني على الخط.
وفد الشيوخ
في الناحية الشرقية من مدينة روصو، يقع أحد أشهر المباني الحكومية وأقدمها، اختاره شيخ المقاطعة ورئيس مجلس الشيوخ الموريتاني محمد الحسن ولد الحاج للإقامة بعيداً عن ضجيج المدينة ونقع غبارها، بعد اعتقال ولد غده تحولت هذه الإقامة إلى مجلس شيوخ “مصغّر”.
سبق لهذه الإقامة أن شهدت أبرز الأحداث السياسية في المقاطعة خلال السنوات الأخيرة، فمنها أطلق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حملاته الانتخابية على مستوى الولاية، وفيها اتخذت أهم القرارات السياسية على المستوى المحلي.
كان الجناح الخاص في الطابق العلوي من مبنى (أو أم في أس) كما يطلق عليه محليّاً، حيث يقيم رئيس مجلس الشيوخ هادئا مساء الجمعة قبل أن يتحول إلى غرفة مؤقتة للشيوخ يتابعون من خلالها تطورات “أزمة” زميلهم السيناتور محمد ولد غده.
وصل الشيوخ إلى روصو بكثير من الحماس، حتى أن أحدهم قال إنها مجرد ساعات وينتهي الموضوع ويعودون إلى نواكشوط وبصحبتهم السيناتور المعتقل، إلا أن رياحاً هبت من نواكشوط غيرت مجرى توقعات الشيوخ، وتحول حماسهم إلى صمت، وغادروا المدينة من دون حتى أن يلتقوا بزميلهم، فيما تحولت وجهة رئيس المجلس محمد الحسن ولد الحاج من روصو إلى نواذيبو.
وحدها المعلومة منت الميداح، وصلت إلى مقر فرقة الدرك بروصو، ولكنها اكتفت بالوقوف لدقائق أمام بوابة المقر، ربما بحثاً عن طريقة للوصول إليه، أو على الأقل كطريقة للتضامن مع السيناتور الذي يرى الشيوخ في اعتقاله “إهانة” لمجلسهم، ورسالة “سياسة” مفادها أنهم ليسوا بمنأى عن المتابعة.
نهاية العزلة
تحركات مقربين من الرجل ومحاميه أحمد سالم ولد بوحبيني، لدى ذوي ضحايا الحادث، مكنت من الحصول على موافقة من الأخيرين بعدم التقدم بأي شكاية وطي الموضوع، ولكن الدرك طلب منهم توكيلاً موثقاً بذلك، وهو ما تم إحضاره صباح يوم السبت، إلا أن الدرك عاد ليطلب “التريث” قبل إكمال الإجراءات القضائية.
إلا أن الدرك في مساء يوم السبت سمح للسيناتور بلقاء محاميه وأعاد إليه هواتفه، كما فتح الباب أمام زيارته من طرف بعض أقاربه وذوي الضحايا، الذين أكدوا له أن القضية مغلقة بالنسبة لهم، وأنهم لن يتقدموا بأي شكاية ضده.
اللقاء جرى في باحة مقر فرقة الدرك بروصو، وحضرته كمراسل لـ”صحراء ميديا”، وكان ولد غده يرتدي زياً تقليدياً ويضع بجواره كتاب “مسار حافل بالتقلبات”، فيما حمل إليه أحد أقاربه كتباً وملابس وبعض الأدوات واللوازم الخفيفة، وغير بعيد من المكان الذي استقبل فيه ولد غده زواره، كانت سيارته مركونة وآثار الحادث ما تزال بادية عليها.
استقبل ولد غده في نفس المساء وفداً من المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، قبل أن يزوره أمس الأحد رئيس المنتدى محمد جميل منصور الذي حذر في تصريحات صحفية عقب اللقاء من استغلال سياسي للحادث الذي تعرض له ولد غده.
ولكن التوقعات تشير إلى أن ولد غده سيمثل اليوم الاثنين أمام وكيل الجمهورية، بينما بدأ الدرك في الاستماع لذوي الضحايا قبل التوقيع بشكل نهائي على المحضر المتضمن لعفوهم، وتنازلهم عن حق الدم في الحادث الذي تعرض له السيناتور، وطلب منهم أن يبقوا هواتفهم مفتوحة لأنه قد يتم الاتصال بهم في أي وقت.