سهل تجشمي البيداء معتسفا === لو كنت من وصل من أهوى على أمل
سلي فؤادي عني هل سلوتكم === والجفن بعدك هل ذقت المنام سلي؟
صلي أخا كلف كم بات من شـــغف === إلى لقـــــــــــاك سمير النجــــــــم أو زحل
واليوم تيسرت وسائل النقل والتواصل ، وتقاربت الأصقاع النائية ، فصار ما كان حلما في الماضي او أملا ـ لا يجد من التنفيس إلا الحنين والتحرق ـ واقعا سهل المنال ميسور الفعل.
ولاشك أن الطريقة التجانية اليوم تعتبر من أهم الطرق الصوفية، في عدد المنتسبين لها وفي توزعهم بين البلدان؛ مما يجعلها مؤهلة أكثر من أي وقت مضى للقيام بدور أساسي في توحيد المسلمين والعمل على تآزرهم وتعاضدهم ، وفي مقاومة محاولات تحجيم الدين الإسلامي سواء من طرف المنصرين أومن طرف اللادينيين وغيرهم من الملاحدة ، كما أنها تمثل حاجزا منيعا يحصن المجتمع من دعوات التطرف والتكفير والتي كان من بين أسبابها بلا شك طريقة تلقين الإسلام وتدريسه بشكل يبعده عن مقاصده الجوهرية والعميقة التي من أهمها نشر المحبة بين المسلمين والتخلق بأخلاق الرحمة والاعتماد على القدوة الحسنة والكلمة الطيبة.
وقد نظمت المشيخة التجانية هذه الأيام ( 14،15،16مايو 2014) تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، ملتقى دوليا هو الثالث من نوعه للمنتسبين للطريقة التجانية من عدد كبير من البلدان؛ أتاحت لهم زيارة الشيخ المؤسس سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه وأرضاه، والتواصل فيما بينهم وبحث المسائل المتعلقة بشأن الطريقة وشأن المسلمين ،وكان هذا الملتقى بالغ النجاح على كافة الأصعدة والمستويات ،لأنه :
أولا:جمع أزيد من ألف من المنتسبين للطريقة التجانية من49 دولة من مختلف القارات.
ثانيا:هذا الكم الكبير كان اختياره أيضا على المستوي النوعي واضحا للعيان فأغلب المدعوين كانوا على مستوى متميز من الناحية العلمية والمعرفية والدينية.
ثالثا:الانسجام التام بين مختلف أصحاب الزوايا التجانية رغم اختلاف أسانيدهم ومشاربهم وبلدانهم.
رابعا :سيطرة المنظمين التامة على مسار الملتقى مما أدى إلى احترام جميع تفاصيل البرامج الزمنية من محاضرات وزيارات ودعوات عشاء.
وفضلا عن هذه الأشياء فقد أثار انتباهي كثيرا مايلي:
- ـ محتوى الرسالة السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس إلى المؤتمرين والتي بينت مدى اهتمام العرش العلوي بشأن التصوف عموما والتيجانية خصوصا، منذ إيوائه الشيخ سيدي احمد التجاني رضي الله عنه مؤسس الطريقة .
2- الدور الريادي للمملكة المغربية جنوب الصحراء ،الذي أهلها لتكون النبراس الذي يضيء مجاهيل المنطقة وينشر فيها الإسلام بأبعاده الحقيقة ويجعل منها كعبة لجميع أبناء هذه القارة.
3.حضور شيخ الطريقة السيد محمد الكبير التجاني الذي كان يواكب كل تفاصيل ودقائق هذا الملتقى العلمي والروحي الكبير من بداياته إلى تفاصيل محاضراته إلى تنظيم اللجان التي عملت على تحضير البيان الختامي والتوصيات إلى حل المسائل الجزئية المتعلقة بالمدعوين.
4-الحضور البارز لوزارة الأوقاف ممثلة:
أولا: في وزيرها السيد أحمد التوفيق الذي واكب هو الآخر هذا الملتقى بدءا وختاما.
وثانيا: في شخص رئيس ديوان الوزير السيد عبد اللطيف البكدوري الذي كان حضوره متميزا سواء في لقاءاته مع الضيوف وملاطفاته لهم، أو في الاهتمام بمسار الملتقى التنظيمي فكان آخر من ينام وأول من يستيقظ.
ولقد كانت حفلات العشاء التي تكرم بالدعوة لها جلالة الملك ووزير الأوقاف ووالي فاس فرصة طيبة للتعارف بين المؤتمرين وتبادل المعلومات والعناوين ونقاش مختلف المسائل العلمية والروحية من فقه وتصوف وأدب.
هذه مجموعة خواطر علقت بالذهن أيام مقامي بمدينة فاس المحروسة أحببت أن أودعها في هذه الأسطر، اعترافا بالجميل ووصلا للعهود وإعلاما للناس.
ففاس التي هذي مناقبها ذه === وأم الزوايا الأحمديات هاهيا
تعاطي بني الدنيا ثدي معارف === تغذيهم ألبان علم رواغيا.
بقلم: الدكتور محمد الحنفي بن دهاه
منسق وحدة التصوف بقسم الفلسفة وعلم الاجتماع
كلية الآداب / جامعة نواكشوط