لقد تابعنا ببالغ الشفقة المقابلة التلفزيونية التي جمعت وزير الدولة للتهذيب و التعليم العالي والبحث العلمي، مع ممثلي بعض نقابات قطاعه، الوزير كما شأن محاوريه، أثبتوا مرة أخرى لكل المتتبعين جشعا لا متناهي لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة، لحد يبعث على السخرية.
الوزير تباهى بنجاح الاكتتاب الجامعي الذي استغرق سنة كاملة و بدا مزهوا وهو يضيف ان اكتتاب آخر على الأبواب لا يمكن الإعلان عنه إلا بعد اكتمال جميع إجراءات السابق ! وهنا نذكر السيد الوزير أن تزامن اكتتابين أمر وارد جدا طالما انه لا وجود لنص قانوني يمنع ذلك فى موريتانيا.
لم يكن كلام السيد الوزير خلال المقابلة مفاجئا لأحد، لأنه من الواضح أن أي تفكير جدي في إصلاح منظومتنا التعليمية هو آخر ما يؤرق وزارته، بيد أننا فوجئنا بكلام ممثلي نقابات التعليم العالي والثانوي والأساسي،وهم المفترض أنهم المعنيون المباشرون بعملية الإصلاح المنشودة و الأدرى من غبرهم بمكامن الخلل وعوامل التغيير في مجالات تخصصهم.حيث انه لسوء الحظ كانت مداخلاتهم تقزيما للموضوع على جسامته، وحصرا له في تفسير مادي ضيق لا يأخذ فى الحسبان سوى المكاسب الشخصية…
فبالنسية لممثل اكير نقابات التعليم العالى فإن التعليم العالى»عرف تطورا ملحوظا فى السنوات الأخيرة« لنتأمل كيف حد ذلك : ممثل النقابة الموقر وفر علينا الوقت الضروري للبحث عن دليل حين قال بزهو ان اكبر دليل على ذلك هو نجاح مساعى نقابته فى تحويل القطع الارضية المخصصة لسكن الاساتذة من شمال المركب الجامعى الى جنوبه ( المنطقة المرغوبة فى أعين سماسرة الاراضى لقربها من المدينة ) !. العائق الوحيد، والكلام دائما لممثل النقابة، (القطع الأرضية أصبحت في الجيب) هو أن على الدولة البحث عن تمويل سريع !! ليس التمويل المطلوب لفتح الماستر بعد إفساد الليصانص كلا….وليس موجها لتجهيز المختبرات والوحدات البحثية إطلاقا …
كما أنه ليس موجها لإنشاء الحوليات العلمية وتعزيز الإنتاجية ولا … لشراء المعدات داخل المؤسسات ولا … للمؤتمرات و المحاضرات العلمية…. بل على العكس من ذلك إنه تمويل مخصص لما هو اكثر إلحاحا و أهمية ( من وجهة نطر ممثل اكبر نقابات التعليم العالى ) … مخصص لبناء مساكن للأساتذة بجوار مركب جامعي لازال يبحث عن تمويل لأغلب كلياته !!يبدو أن أساتذتنا نسوا او تناسوا أنه حتى داخل (كلية العلوم والتقنيات) تنجز الفصول الدراسية (السداسي) فى أسبوعين او ثلاثة من التدريس نتيجة العجز ، وانه يتم امتحان الطلبة فى فصل او فصلين من المقرر فى اغلب المواد .تناسوا أننا اعتمدنا نظام LMD من دون M و دون D. الأدهى ان مسألة القطع الأرضية والمساكن فى نظر هولاء هى العائق الوحيد فى وجه إصلاح التعليم ! انه منطق نفعي ضيق توجزه العبارة أنا و من بعدى الطوفان. أي طموح لإصلاح التعليم العالي؟؟! ممثل التعليم العالي الأخر يبدو أن أتي من عالم آخر لا علاقة له بالواقع، حيث أنه بعد وصلة ثناء على الوزير، دخل مباشرة فى المراهنة على البحث العلمي في جامعة نواكشوط، وبشرنا بمستقبل باهر لأنه سيكون هناك طلاب للماستر يجرون الأبحاث العلمية ….!!!، وفقا لهذا الأستاذ : الاستاذ الباحث لايجرى أبحاثا علمية وإنما يشرف على الطلاب المضطلعين بذلك الدور! لذلك وفق منطق “المتحدث ” طلابنا المساكين وقعوا في فخ التسجيل فى وهم الماستر هم الباحثون الموؤهلون اصلا.. مثل هذه التصريحات يثير لدينا شكوكا قوية في قدرة هذا المنظر النقابي على استيعاب مبادئ أساسية للغاية من صميم مهنته. ممثلوا النقابات الأخرى للتعليم الثانوي والاساسي لم يكونوا استثتاء لما سار عليه سابقوهم ، فقد تركز النقاش معهم حول زيادة الرواتب والعلاوات والترقي الوظيفي وغيرها. ولم بتضمن حديثهم كلمة واحدة عن تقييم مناهج تعليم وتكوين أجيالنا القادمة التي يبدو أنها ببساطة لاتمثل أولوية لأحد! في ضوء الأزمة التي يعيشها نظامنا التعليمي! إجمالا ، يتضح لنا بجلاء بعد متابعة البرنامج أن نظامنا التعليمي كان الحاضر الغائب ليلتها ، لأنه ببساطة لم يتم التطرق له من قريب او بعيد.
بقي إن نلفت انتباه الرأي العام إلى أننا فى رابطة الدكاترة العلميين قد اتصلنا مرات عديدة بمعد البرنامج قبل يومين من تاريخه معربين عن استعدادنا للمشاركة في الناقش وعرض رؤيتنا وإثارة بعض النقاط التي تستحق الناقش، ولكن يبدوا ان احدا لم يكن راغبا فى ان نسمع صوتنا .اننا فى رابطة الدكاترة العلميين نسجل بمرارة خيبة أملنا هذه مستشرفين غدا افضل فى مقبل الابام.