تداول الناشطون الموريتانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء أمس الاثنين، مقطع فيديو يوثق اعتداء عناصر من التجمع العام لأمن الطرق على مواطنين خرقوا حظر التجول المفروض من طرف السلطات في إطار إجراءات الحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد، وقد أثار مقطع الفيديو غضب نسبة كبيرة من المعلقين عليه، وطالبوا بفتح تحقيق ومعاقبة المتورطين.
ويوثق مقطع الفيديو القصير ضرب وإهانة وتعذيب مجموعة من الأشخاص على يد عناصر من أمن الطرق، فيما لم يُعرف من قام بتصوير المقطع ولا تاريخ تصويره، فيما يظهر أن الحادثة وقعت في قلب العاصمة نواكشوط.
تنوعت تعليقات الناشطين الموريتانين على الفيديو، ولكنها في أغلبها كانت غاضبة؛ المدون إسحاق الفاروق علق على الفيديو قائلاً: «نتمنى أن لا تمر إهانة أفراد أمن الطرق لمواطنين عزل مر الكرام، وأن يفتح تحقيق في الموضوع وتتم محاسبة المسؤولين، ما فائدة الوطن إذا كان المواطن لا يجد فيه إلا الإهانة والتعذيب».
أما الصحفي والناشط السياسي الحسين حمود فقد كتب معلقً على الفيديو: «ما فعله عناصر من أمن الطرق أمر مدان، احتقار الناس وامتهان كرامتهم أمر خطير وله عواقب، يجب أن يعاقب هؤلاء العناصر».
من جانبه نشر المدون حميد حميد المقطع وقال: «فيديو يوثق أفراد من أمن الطرق يهينون بعض المواطنين ويعتدون عليهم بالضرب أثناء حظر التجول»، وأضاف حميد: «طبعا بعد لحظات يمر عليهم أحد النافذين يسرح ويمرح بترخيص مرور حصل عليه بالمحسوبية»، وختم حميد تدوينته بعبارة «شعبان في وطن واحد».
ومع تصاعد موجة الغضب من الفيديو في أوساط المعلقين، ذهب البعض منهم إلى المطالبة بكسر حر التجول كتعبير عن الاحتجاج، على غرار ما كتبه محمد عبد الله بونن: «أمن الطرق من جديد يهينُ المواطنيين.. وبتالي فإننا نعلن كسرنا لحظر التجوال تضامنا واستنكاراً لهذا التصرف العسكري الموغل في الإهانة!».
وإن كانت أغلب الأصوات كانت رافضة لتصرف عناصر أمن الطرق، إلا أن بعض المعلقين دافعوا عنهم، واعتبروا أن خرق حظر التجول وعدم التقيد بتعليمات السلامة يعرض حياة الجميع للخطر، وبالتالي يستحق مرتكبه العقوبة.
بل إن بعض المعلقين قلل من أهمية مقطع الفيديو، وقال إن حوادث مشابهة وقعت في السنغال والمغرب وتونس، بل إن دولاً غربية (فرنسا) أخرجت الجيش إلى الشارع لإرغام المواطنين على البقاء في بيوتهم، يقول أحد المعلقين.
في هذا السياق كتبت الصحفية والناشطة السالمة بنت الشيخ الولي: «أنا مع أمن الطرق في إهانة كل خارج على الحظر، ومع الدولة في فرض سيطرتها بالقوة، فالأمن الصحي أولى من الحريات»، وقد حظيت هذه التدوينة بالكثير من التعليقات المتباينة.
ولكن بنت الشيخ الولي دافعت عن وجهة نظرها قائلة: «بالمناسبة كل العقوبات البدنية من الحبس والحرمان من الحقوق المدنية شرعية كانت (حدودا وتعزيرا) أو جنائية في القانون الوضعي (الحبس والأشغال الشاقة ) هي امتهان لكرامة الإنسان، لماذا لا يطالب الإنسانيون جدا بحذفها وإلغائها ؟ لماذا نعاقب الإنسان ونمتهن كرامته ؟».
وخلصت إلى القول إن «كرامة الإنسان بيده إن شاء حافظ عليها باحترام القانون، وإن شاء عرضها للانتهاك بخرقه»، على حد قولها.
ووسط النقاش الذي أثاره فيديو الاعتداء على المواطنين، حاولت «صحراء ميديا» دون جدوى التواصل مع التجمع العام لأمن الطرق من أجل الحصول على تعليق حول الموضوع، فيما تداول بعض الناشطين على الفيسبوك خبراً حول عقوبات مرتقبة في حق العناصر الذين وثق الفيديو اعتداءهم على مواطنين.
في غضون ذلك قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إنها اطلعت على «مشاهد يتعرض فيها مواطنون موريتانيون للإهانة على يد عناصر من الأمن بحجة انتهاكهم لحظر التجول»، وأضافت أنه «لا يخامرها أدنى شك أن الأمر يتعلق بأفعال معزولة لأشخاص غير مهنيين ويجهلون حدود صلاحياتهم ولا يمثلون قيم المصالح الأمنية والعسكرية التي يتبعون لها».
وقالت اللجنة إنها سبق أن وجهت استشارة للحكومة توضح فيها أن «الحجر الصحي وحظر التجول لا يعتبران، بالنسبة لمن يخضعون لهما، توقيفا وإن حرموا من جزء من حريتهم لأسباب مؤقتة تتعلق بالحالة التي يفرضها انتشار الوباء. إذن يجب تجنب التعامل مع هؤلاء على أساس أنهم موقوفون».
وأضافت اللجنة أنه «حتى الموقوفين قانونيا لا يجوز تعريضهم لسوء المعاملة والإهانة الجسدية والنفسية وصنوف التعذيب كما يشاهد هذه الأيام في فيديوهات تم تداولها على نطاق واسع».
وتعهدت اللجنة في ختام بيانها بأنها ستقوم «بتعبئة خاصة على مستوى الجهات المعنية لكي تتخذ الإجراءات اللازمة الكفيلة بعدم تكرار مثل هذه الممارسات وإنزال العقوبة بمرتكبيها».