درس فيه وزير الشؤون الإسلامية الحالي.. وشهد صولات وجولات أبرز علماء البلد
نواكشوطـ محمد ناجي ولد أحمدو
انتشرت سيارات الشرطة الموريتانية في المناطق المحيطة بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، فجنوبه تموقعت أربع سيارات.. شمال المعهد تموقعت سيارتان للشرطة أمام ملعب العاصمة، وتوقفت اثنتان أخريان أمام المركز الوطني لتكوين أطر الشباب والرياضة.
وتركت آثار أيام الكر والفر بين الشرطة والطلاب بصماتها على الشارع المار أمام بوابة المعهد، وبدا المعهد خاليا من الطلاب والأساتذة.
المعهد العالي عنوان معركة تشغل الرأي العام الموريتانية، حيث تحول إلى ورقة تستخدمها الأطراف السياسية في موريتانيا.
تعامل الشرطة مع الطلاب، كان موضوعا لجلسة برلمانية؛ حيث استجوبت النائب المعارضة كادياتا مالك جالو، وزير الداخلية محمد ولد ابيليل، حيث شن برلمانيو المعارضة هجوما على ما أسمه “قمع” الشرطة للطلاب.
المعهد المفتتح في الثمانينات، والذي قررت الحكومة تحويله إلى مدينة “لعيون” شرق البلاد، في خطوة اعتبرها الطلاب “تجفيفا للمنابع”، في حين دافعت عنها وزارة الشؤون الإسلامية، وقالت إن الأمر يتعلق بانتهاج “سياسة لا مركزية” في ميدان التعليم العالي.
لا يعارض الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، أقوى الاتحادات الطلابية، والمحسوب على التيار الإسلامي، إنشاء جامعة للعلوم الإسلامية في لعيون، لكنه يرفض إغلاق المعهد العالي، وإلغاء دخوله عن طريق مسابقة مفتوحة أمام خريجي المحاظر، كما جاء في بياناته.
تعاقب على إدارة المعهد، منذ افتتاحه، عدد من المديرين، أولهم وأطولهم فترة: وزير التوجيه الإسلامي الأسبق إسلم ولد سيدي المصطف، ثم خلفه الدحه ولد مولود، فأحمدو ولد المصطفى ولد السنهوري، فمحمد ولد مايابى، فالمدير الحالي أحمد ولد أباه.
كان المعهد العالي في سنواته الأولى يقسم طلابه إلى شعبتين: شعبة الأساتذة وشعبة القضاة، تلبية لحاجات الوظيفة في البلد، غير أنه أدخل في السنوات الأخيرة شعبا من قبيل الفقه وأصوله، والإعلام والحضارة.
شهدت جنبات المعهد العالي صولات وجولات عدد من أبرز رموز الفكر والثقافة في البلد، ففيه ألقى الراحل جمال ولد الحسن أهم محاضراته، وفي قاعاته كانت أصوات كل من محمد الحافظ ولد السالك والناجي ولد محمود ومحمد سالم ولد المحبوبي، وغيرهم.. تنبعث حاملة معها التبحر في المعارف الشرعية واستنطاق أدلتها.
من قاعات محاضرات المعهد تخرج عدد كبير من فقهاء موريتانيا، من بينهم على وجه الخصوص الوزير الحالي للشؤون الإسلامية أحمد ولد النيني، الذي كانت رسالته الجامعية، التي ما زالت تحتفظ بها رفوف مكتبة المعهد، حول تحقيق جزء من كتاب “الريان في تفسير القرآن” للعلامة محمد ولد محمد سالم.
مرت علاقات الطلاب بالإدارات المتعاقبة عليهم بفترات مد وجزر، وفي أحيان كثيرة كان الطلاب يحاصرون “مكتب الناظر” (يحمل مكتب المدير لافتة تحوي ذلك العنوان)، وبعد وساطات يخلي الطلاب سبيل مديرهم.
أوج أزمات الطلاب مع إدارتهم كان في العام الأخير من حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، حيث استقدمت إدارة المعهد “كتائب” حراسة مدنية، لحمايتها من الغليان الطلابي، الذي كان يقال حينها إنه موجه من قبل التيار الإسلامي، الذي كان أبرز رموزه حينها خلف القضبان.
بعد ست سنوات من “حصار المدير الأول”، حاصر الطلاب مكتب مديرهم الأخير، لتتدخل الشرطة وتعتقل ستة منهم، من بعد ما فكت الحصار عن المدير، ليعود الطلاب فيحاصروه، وتعود الشرطة فتتدخل.
وزير الداخلية محمد ولد ابيليل اتهم جهات لم يفصح عن من تكون بالمسؤولية عن “التغرير” بالطلاب، في حين تعتبر المعارضة مطالب الطلاب “عادلة“، وتدين ما تسميه “القمع في حقهم“.