نقص حاد في القمح يؤدي إلى ارتفاع أسعاره.. ومخاوف من وصوله إلى 200 ألف للطن
نواكشوط ـ الشيخ ولد محمد حرمه
تشهد أسواق العاصمة نواكشوط ارتفاعاً في أسعار بعض المواد الغذائية الضرورية، هذا عدا عن النقص الكبير الذي تشهده بعض السلع مثل القمح، مما تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل صاروخي خلال الأسبوع الماضي.
في الوقت ذاته يتحدث البعض عن عمليات احتكار ومضاربة يقوم بها بعض المستوردين خاصة وأن أسعار هذه المواد تشهد انخفاضاً على المستوى العالمي.
وتتميز أسعار السلع في أسواق العاصمة بعدم الاستقرار، حيث تخضع لمعايير العرض والطلب، كما أن هنالك تجار كبار يتحكمون في هذه الأسعار من خلال ضخ السلع التي بحوزتهم بكميات محدودة حسب حاجة السوق مما يجعلهم المتحكم الأكبر في الأسعار؛ على حد تعبير المختار ولد أحمد الذي يملك محلاً تجارياً قرب مسجد المغرب وسط العاصمة نواكشوط.
ويضيف ولد أحمد؛ في حديثه لصحراء ميديا، أن الأسواق منذ حوالي أسبوعين تشهد نقصا حاداً في مادة القمح، حيث يتوفر لدى عدد قليل من التجار مما رفع سعره ليصل إلى حوالي 132 ألف أوقية للطن أي ما يعادل 6600 أوقية لخنشة 50 كلغ، بينما كان سعرها 5800 أوقية خلال الأسابيع السابقة، و6000 أوقية كحد أقصى.
أما اشريف ولد احمدناه، وهو تاجر في المركز التجاري للعاصمة، أو ما يعرف محلياً ب”شارع الرزق”، فقال إن بعض المستوردين أخبره بأن مشكلة القمح سيتم التغلب عليها في القريب العاجل، حيث توجد حوالي 32000 طن من القمح في طريقها إلى موريتانيا.
وفي نفس السياق كانت الجمعية الموريتانية لحماية المستهلك قد حذرت من حدوث أزمة في مخزون القمح خلال الأيام القادمة، معتبرة أن السبب في ذلك يعود إلى عمليات احتكار ومضاربة يقوم بها التجار، مبدية تخوفها من وصول أسعار القمح إلى أكثر من 200 ألف أوقية للطن الواحد، خاصة في ظل تراجع كبير في واردات القمح؛ على حد تعبيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن القمح من المواد المستهلكة بكثرة في موريتانيا، حيث تصل نسبة استهلاكه بالمقارنة مع المحاصيل الزراعية الأخرى إلى 52%.
أما على المستوى العالمي فقد أشارت مؤشرات الأسواق العالمية خلال شهر سبتمبر المنصرم إلى تراجع معتبر في أسعار القمح حيث وصل سعر الطن إلى 236 دولار أمريكي (68000 أوقية) خلال النصف الأخير من سبتمبر، بينما كان سعره في بداية سبتمبر 253 دولار أمريكي (73000 أوقية).
كما أشار موقع (Forexpros) العالمي المتخصص في عروض الأسعار في الوقت الفعلي والرسوم البيانية المتدفقة، إلى أن أسعار القمح الأمريكي تشهد منذ حوالي شهر تناقصاً كبيراً حيث انخفضت من 765 دولار أمريكي (04-09-2011) إلى أن وصلت إلى 609 دولار أمريكي (04-10-2011)، أي بنسبة 5% على المستوى العالمي.
أما بالنسبة للمواد الغذائية الأخرى التي يستهلكها المواطن الموريتاني بشكل يومي فعلى الرغم من توفرها فلا تزال تشهد أسعارها ارتفاعاً ملحوظاً، حيث وصل سعر دقيق السكر إلى 244 ألف للطن، هذا في الوقت الذي انخفض فيه سعر طن السكر على المستوى العالمي من 687 دولارا (197000 أوقية) في منتصف سبتمبر إلى 631 دولارا (180000 أوقية) في 23 سبتمبر، أي بما نسبته 8% وذلك حسب ما جاء في تقرير الأسبوع الأخير من سبتمبر الذي أصدرته الغرفة الدولية للصناعات الغذائية.
وكان سعر طن السكر عالميا قد تجاوز 818 دولارا (234000 أوقية) أوائل يوليو الماضي نتيجة لارتفاع الطلب العالمي إضافة إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير.
أما الألبان بجميع أنواعها فتباع بأسعار أقل من أسعار الأسواق العالمية حسب ما صرح به التاجر الهادي ولد أحمدو، قبل أن يضيف “لا أعرف كيف يقوم المستوردون بجلبها ثم بيعها بأسعار أقل، إلا أن ذلك يحدث!”.
وقال ولد أحمدو إن سعر اللبن المجفف يختلف من نوعية إلى أخرى حيث هنالك نوعية تسمى “أنكو” وهي الأشهر والتي يقبل عليها المواطنون بشكل كبير يصل سعرها إلى 32500 أوقية للخنشة الواحدة، بينما يصل سعر الأنواع الأخرى إلى 29500 أوقية للكيس.
الأرز بدوره يختلف سعره من نوعية إلى أخرى، فنوعية أرز الزهرة “لافلير” يباع بـ 10200 أوقية للكيس (204000 أوقية للطن)، بينما تباع نوعية الفيل الإفريقي بـ 9800 أوقية (196000 أوقية للطن).
وكانت أسعار الأرز على المستوى العالمي قد شهدت انخفاضاً مهما هي الأخرى خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر، حيث وصل سعر طن الأرز إلى 363 دولار أمريكي (104000 أوقية)، بعد أن كان يباع مطلع الشهر بسعر 395 دولار أمريكي (113000 أوقية)، هذا في الوقت الذي شهد فيه تذبذباً خلال شهري يوليو وأغسطس حيث تراوح ما بين 360 إلى 380 دولار أمريكي للطن.
واعتبر المختار ولد أحمد أن هنالك ركوداً كبيراً تشهده الأسواق الموريتانية نتيجة لضعف الإقبال، مرجعاً ذلك إلى تواجد الكثير من المواطنين خارج العاصمة، ومعتبراً أنه عندما تفتح المدارس أبوابها فإن السوق سوف تشهد انتعاشاً مع عودة الأسر من البادية إلى العاصمة نواكشوط.
كما أشار إلى أن دكاكين التضامن التي فتحتها الدولة في الآونة الأخيرة ساهمت في امتصاص هذه الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد، معتبراً بأن المواطنين البسطاء أصبحوا يحصلون على حاجياتهم عندما يتوجهون إلى هذه الدكاكين دون أن يكونوا على علم بما تشهده الأسواق من ارتفاع في الأسعار؛ على حد تعبيره.
وأضاف بأن هذه الدكاكين تبيع كيلوغرام المعكرونة بسعر 180 أوقية، في الوقت الذي يباع فيه بالجملة في السوق بسعر 300 أوقية، وهو فرق واضح لا يمكن أن تتحمله سوى الدولة، مبديا تخوفه في نفس الوقت من أن يكون ذلك على حساب جودة المواد التي تبيعها هذه الدكاكين.