قال الخبير الاقتصادي محمد يسلم ولد الفيلالي إن إنشاء بورصة للأوراق المالية في موريتانيا من شأنه أن يسرّع وتيرة الشفافية المالية ويعزز جهود مكافحة الفساد.
وأوضح ولد الفيلالي، في مقال تحليلي، أن غياب بعض الشروط الفنية والتنظيمية لا يجب أن يكون مبررًا لتعطيل المشروع.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن إطلاق البورصة يمكن أن يشكل محفزًا لإصلاح المنظومة الاقتصادية وتطويرها، بدلًا من أن يكون تابعًا لها.
وأضاف أن بعض الانتقادات الموجهة لمشروع البورصة ترتكز على افتقار البيئة المحلية إلى الشفافية والحوكمة، وغياب عدد كافٍ من الشركات المؤهلة للإدراج.
لكنه عاد ليشدد على أن أن هذه الملاحظات، وإن كانت واقعية، لا تُبرر تأجيل المشروع، بل تستدعي المضي في تنفيذه ضمن خطة إصلاح شاملة، تشمل “تحسين الإفصاح المالي، وتأهيل مؤسسات الرقابة والتدقيق، وتطوير مهنة المحاسبة”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى تجارب دول أفريقية مثل المغرب وكينيا وساحل العاج، التي أطلقت بورصاتها في سياقات اقتصادية غير ناضجة بالكامل، لكنها تمكنت من تحويل تلك الأسواق إلى أدوات فعالة لتعزيز الشفافية، وجذب الاستثمارات، وتوسيع القاعدة الاقتصادية.
وقال ولد الفيلالي إن الحكومة الموريتانية تسير في مسار إصلاحي يدعم قيام سوق رأس مال منظم، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وإعداد بعض الكيانات للخصخصة الجزئية أو الكاملة، إضافة إلى مراجعة الإطار القانوني والمهني المنظم للمحاسبة والتدقيق المالي.
ورأى ولد الفيلالي أن “تأسيس البورصة لا يجب أن يُنظر إليه كهدف في حد ذاته، بل كأداة لتحفيز الاقتصاد، وتوسيع فرص التمويل أمام القطاع الخاص، وترسيخ قواعد الشفافية والمساءلة في المجال المالي”.
وحذّر من أن تأجيل إطلاق البورصة بحجة غياب الجاهزية قد يصب في مصلحة مجموعات مستفيدة من غياب الشفافية والمنافسة، مشددًا على أن المؤسسات الإصلاحية، مثل البورصة، تُسهم في تحسين الأداء المؤسسي ولا تُقام بالضرورة بعد نضجه.
وختم بالقول إن “البورصة إذا أُنشئت وفق إطار قانوني واضح وإرادة سياسية جادة، يمكن أن تتحول إلى رافعة اقتصادية حقيقية، تفتح المجال أمام استثمارات شفافة، وتحد من تركز رأس المال في يد نخبة ضيقة، وتعزز الثقة في بيئة الأعمال الوطنية”.