وأكدت مصادر من العائدين تحدثت إليها صحراء ميديا في المخيم، صباح اليوم الأحد، أن مسؤولاً كبيراً في السلطات الإدارية المحلية، زار المخيم ليلة البارحة (السبت- الأحد)، وأبلغهم أن عليهم إخلاء المخيم، مؤكداً أن الدولة الموريتانية لن تقبل بوجود مواطنين لاجئين داخل بلادهم.
وعبر العائدون عن استيائهم من تصريحات المسؤول الموريتاني، مؤكدين أنهم عبارة عن أسر تضم نساء وأطفال ومسنين، وأغلب هذه الأسر مرت عليه عشرات السنين خارج البلاد وليست لديها أي صلة بأقاربهم في موريتانيا.
وفي هذا السياق يقول أحد العائدين، وهو رجل خمسيني يعيل أسرة تتكون من عشرة أفراد: “لقد تفاجأنا من تصريحات الحاكم، ولم نتوقع أن نستقبل بهذه الطريقة”، قبل أن يضيف: “هنا عائلات لا تملك قوت يومها وليست لديها صلة بأقاربها هنا، حتى أن بعضنا لا يريد أن يكون عبئاً على الموجودين في موريتانيا لأن ظروفهم قد تكون صعبة”.
صحراء ميديا التي قامت بجولة صباح اليوم في مخيم المعرض، حيث يقيم العائدون من أفريقيا الوسطى، حاولت أن تقف على الوضع الإنساني في المخيم، التقت برب أسرة تتكون من سبعة أطفال كان يعمل تاجر مجوهرات وظل طيلة ثلاثين عاماً وهو يعيل خمسة أسر في موريتانيا، يقول هذا التاجر السابق: “لقد تركت جميع بضائعي ومحلاتي ومنازلي، فراراً بحياتي وحياة أولادي، وطيلة يوم أمس لم أجد قطعة خبز أسد بها جوع أبنائي”.
ويضيف تاجر المجوهرات: “لم أحاول التواصل مع أقاربي لأنني أعرف مدى حاجتهم وعجزهم عن الصرف علي وعائلتي، فأنا ملم بجميع تفاصيل حياتهم اليومية وأعرف أن ظروفهم صعبة، الباب الوحيد الذي أعول عليه بعد الله تبارك وتعالى هو ما تجود به الدولة الموريتانية”.
ويجمع العائدون من أفريقيا الوسطى على أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز “وقف معهم وقفة رجل دولة”، مثمنين إرساله لطائرة خاصة من أجل نقلهم إلى موريتانيا، كما يثنون على القنصل الشرفي في غينيا الاستوائية الذي قالوا إنه بذل جهوداً كبيرة لإخراجهم من أفريقيا الوسطى.
وأشار بعض العائدين إلى أنهم كانون يتوقعون زيارتهم من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز، من أجل الاطلاع على أوضاعهم، مشيرين إلى أن ولد عبد العزيز لا يمكن أن يكون على علم بما أقدمت عليه السلطات المحلية من دعوتهم إلى إخلاء المخيم.
وفي غضون ذلك أكد مصدر رسمي لصحراء ميديا، أن “الدولة استقبلت العائدين في المطار ونقلتهم إلى المعرض من أجل إحصائهم، بما في ذلك زوجاتهم المنحدرة من أفريقيا الوسطى، وسنعمل على توفير ما يلزم لدمجهم في المجتمع ولكن نظراً لغياب حكومة فإن ذلك قد يأخذ بعض الوقت”.
وأضاف نفس المصدر أن “السلطات لن تقبل بوجود لاجئين موريتانيين داخل وطنهم”، دون أن يعطي تفاصيل عن الآليات التي ستعتمدها السلطات لمنع ذلك، ولكنه أبدى خشيته من وجود “دخلاء يدعون أنهم من العائدين دون أن يكونوا منهم، بغية الاستفادة من دعم الدولة”، على حد تعبيره.
يشار إلى أن الدولة الموريتانية تدخلت من أجل توفير رحلات جوية لنقل مواطنيها المقيمين في أفريقيا الوسطى التي تشهد اضطرابات أمنية تحولت إلى مواجهات طائفية بين المسيحيين والمسلمين، وحتى الآن عاد أكثر من مائتي مواطن موريتاني كان يقيم في أفريقيا الوسطى.