قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إن حكومته بذلت جهودا كبيرة، في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، على الرغم من ظرف دولي وإقليمي غير موات، مؤكدا في الوقت ذاته أنه ما يزال الكثير مما يتعين إنجازه لتحقيق أجندة 2030، وفق تعبيره.
ولد الغزواني الذي كان يتحدث في الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أضاف أن تحقيق أجندة 2030 “يتطلب من الموارد المالية ما يفوق، بشكل هائل، ما نحن قادرون على تعبئته ذاتيا، شأننا في ذلك شأن مجمل الدول النامية، وخاصة الإفريقية منها” على حد قوله.
وأكد أنه لو كان “عبء المديونية خف على هذه الدول، وحصلت على استثمارات أكثر، أو على الأقل، على ما تعهد الشركاء به، علنا، من دعم، لكانت النتائج اليوم، أحسن مما هي عليه”.
ودعا إلى إيجاد حل لمشكل المديونية، ومراجعة منظومة المساعدة الإنمائية، وتحفيز الدعم لصالح الدول الأقل نموا، والأكثر هشاشة وترقية التعاون المتعدد الأطراف.
وأردف قائلا: “كافحنا الفقر والهشاشة والإقصاء، من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي واسعة، تعزز صمود مواطنينا الأكثر هشاشة، وتدعم قدرتهم الشرائية، بصيغ متنوعة، وتوسع الضمان الصحي الاجتماعي على نحو يؤدي تدريجيا، إلى ضمان صحي شامل”.
الإصلاحات
وقال ولد الغزواني إنه يجري حاليا العمل على تنفيذ “إصلاحات واعدة، لمنظومتنا التربوية، تهدف إلى بناء مدرسة جمهورية، تتيح لكافة أبنائنا، الاستفادة من تعليم ذي جودة عالية، في ظروف حسنة، متماثلة”.
وأكد أنه علاوة على “جهودنا في إرساء دعائم دولة القانون، والحكامة الرشيدة، وتوطيد اللحمة الاجتماعية، وترسيخ الحريات الفردية والجماعية، فقد حرصنا على ترقية حقوف الإنسان، وحماية حقوق المرأة والطفل، وحاربنا الاسترقاق في أشكاله العصرية ومخلفاته القديمة، على نحو أثمر نتائج جد إيجابية، يقر بها شركاؤنا وكذلك الهيئات الدولية ذات الاختصاص”.
وأضاف أن الحكومة اتخذت من “الحوار، والانفتاح على الجميع، نهجا ثابتا في تدبير الشأن العام، وأطلقنا إصلاحا عميقا للمنظومة القضائية، ترسيخا لاستقلالية السلطات وتكريسا للفصل بينها، كما طورت الآليات الكفيلة بمحاربة الفساد، في مختلف جوانبه”.
وأشار إلى أن الحكومة أجرت إصلاحات “هيكلية، تساعد على بناء اقتصاد متنوع، أقوى صمودا، وأقدر على خلق فرص العمل وإنتاج القيمة المضافة، وعززنا الحكامة في المجال الاقتصادي، والمالي، والنقدي، مع الحرص على ترقية قطاعاتنا الإنتاجية، من زراعة، وصيد، وتنمية حيوانية، سعيا إلى تعزيز أمننا الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.
وأوضح أن هذا العمل الحكومي هو الذي مكن من تحقيق “نمو اقتصادي في حدود 6.4 % السنة الماضية، وهو الذي مكن كذلك من تحسين نسب النفاذ إلى الخدمات الأساسية: فتم توسيع عرض الخدمات الصحية، وبلغت نسبة النفاذ، إلى الماء الصالح للشرب 72,33 %، وإلى الكهرباء 91,84 % في الوسط الحضري و53% على مجمل التراب الوطني، مع زيادة حصة الطاقات المتجددة في مجمل الاستهلاك الطاقوي، حيث وصلت إلى 34% سنة 2020 مع التخطيط للوصول إلى نسبة 50% سنة 2030”.
واعتبر أن هذه الإصلاحات “زادت من قوة دولة القانون لدينا، ومن حيوية نظامنا الديمقراطي، وشفافيته” مضيفا: “ما كنا لنحقق هذه النتائج، لولا أن وفقنا في توفير الأمن والاستقرار، على عموم التراب الوطني، على الرغم من المحيط الإقليمي والدولي الشديد الاضطراب”.
الأمن والمناخ
وأكد ولد الغزواني أن الاستراتيجية الأمنية التي تبنتها موريتانيا، كانت “موضع إشادة من الجميع، وساهمنا في العمل على استعادة الأمن والاستقرار في شبه المنطقة عبر مجموعة دول الساحل الخمس، التي نتولى اليوم رئاستها الدورية”.
وأشار إلى أن موريتانيا تشارك كذلك في قوات حفظ السلام الأممية في جمهورية إفريقيا الوسطى، وتحتضن أكثر من 100 ألف من الماليين اللاجئين بفعل الاضطرابات الأمنية.
وعلى صعيد آخر قال ولد الغزواني إن بلاده تعلق “آمالا كبيرة على قمة المناخ COP 28 المقرر عقدها في دولة الامارات العربية المتحدة راجين أن تحترم الدول الصناعية التزاماتها في خفض الانبعاثات الحرارية والوفاء بتعهداتها في قمة باريس”.
وتابع: “يكمل جهدنا هذا في التحول الطاقوي، عمل دؤوب على مكافحة التصحر، والتغيرات المناخية وعلى استعادة توازن منظوماتنا البيئية، وذلك في إطار مبادرة السور الأخضر الكبير واللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في الساحل، والعمل على ترقية الاقتصاد الأخضر”.
القضايا الدولية
وجدد ولد الغزواني “تأكيد بلاده على حق الشعب الفلسطيني، في إقامة دولة مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، وكذلك تمسكها، بالحلول التي تحفظ الوحدة الترابية، وترسي دعائم الاستقرار، والأمن، في كل من ليبيا، واليمن، وسوريا”.
وطالب ببذل كل الجهود الممكنة، لوقف الأعمال القتالية، بشكل دائم، وفعال، في جمهورية السودان، والتأسيس لحل سياسي شامل، في هذا البلد، مؤكدا “وقوفنا إلى جانب الحكومة الصومالية، في سعيها إلى تحقيق الأمن والاستقرار”.
كما أكد موقف بلاده “الثابت من نزاع الصحراء الغربية ودعمنا لجهود الأمم المتحدة ولكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، الرامية إلى إيجاد حل مستدام ومقبول لدى الجميع”.
وأعرب عن “رفضه لكل أشكال الاستيلاء على السلطة بطرق غير دستورية، داعين دول الساحل الشقيقة، التي شهدت انقلابات عسكرية للإسراع في العودة إلى وضع دستوري سليم”.
وخلص ولد الغزواني إلى أنه “يتعين علينا العمل، معا، وباستمرار على إصلاح منظمة الأمم المتحدة، لتصير مقاربتها للأزمات الدولية، يوما بعد آخر، أكثر توازنا، وإنصافا، ومراعاة للدول الأقل نموا، فيطرِد ازدياد ثقة الجميع بها، وتتحسن نجاعة عملها، في سبيل تعزيز السلم، والأمن الدولبين، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة” وفق تعبيره.