في نهاية القرن التاسع عشر، طالب تشارلز دويل المسؤول عن تسجيل الاختراعات الجديدة في الولايات المتحدة بإلغاء المكتب الذي يديره، بحجة أن كل ما يمكن أن يكتشفه العلم قد تم اختراعه.
استيقظ دويل صباح الأربعاء الماضي مبكرا ليشاهد في معرض جايتكس دبي 2014 للتكنولوجيا السيناريو الذي ستسير عليه حياته وحياة مليارات البشر التي يفعل بها رواد التكنولوجيا كما يفعل الخباز بقوالب الحلوى.
تعجل عن شرب الشاي الموريتاني وهو ما سيدفع ثمنه لاحقا، وتذكر وهو يسير على السجاد البنفسجي عند مدخل المعرض كيف ارتكب أكذب تنبئ في التاريخ.
أمواج من البشر من كل أنحاء العالم تزدحم عند أكشاك التسجيل لإنهاء إجراء الدخول للمعرض الذي يأتي في خضم أربع مواجات متزامنة ومتداخلة تعصف بقطاع تكنولوجيا المعلومات، وتعيد تشكيل خارطة اللاعبينوترسم أنماط أفكارنا وأنشطتنا اليومية.
في قاعة الشيخ راشد المخصصة للجهات الحكومية ظهرت علامات الدهشة على وجوه آلاف الزوار وهم يشاهدون كيف استطاع برنامج”حكومة دبي الذكية” أن يركب بذكاءالموجة الأولى التي يطلق عليها Big Data.
من خلال تطبيق يطلق عليه أم دبيmDubai سيطلق في شهر ديسمبر القادم يستطيع الشخص عبر هاتفه المحمول الحصول على ملايين البيانات التي تفيده، كالدخول إلى بيانات المستشفيات والاطلاع على أسماء وصور الأطباء وتخصصاتهم وخبراتهم والجامعات التي تخرجوا منها وحجز مواعيد معهم، كما يمكنه من خلال نفس التطبيق الاطلاع على كل شيء في دبي: أقرب مسجد منه، والمسافة دونه بالدقيقة مشيا أو بالسيارة،ومحطات الباصات ورحلة الباص القادمة والطرق التي عليها حوادث سير ليتفادى الزحام، وتفاصيل المخالفات المرورية المسجلة على سيارته.كل تلك البيانات والآلاف غيرها يتم تحديثها في كل لحظة.
خدمات الهواتف الذكية اللامتناهية في منصات جايتكس تذكر الزائر بأسطورتين: مصباح علاء الدين الذي يمسحه ويخرج العفريت من القمقم لينفذ كل مطالبه، و”المخدمين” في الأسطورة الموريتانية، فالجن ينفذون ما يريد “المخدم” مقابل التخلي عن إحدى الفرائض. فالهاتف الذكي يوفر لك كل ما تريد ب”المجان” وتدفع ثمنا باهظا هو الهدوء وراحة البال، فتنبيهات التطبيقات لا تتوقف عن الرنين.
في الجناح الياباني عندما كان ضيف القرن التاسع عشر يقوم بتجربة تحويل إصبعه إلى طبشور بمختلف الألوان على أي جدار اهتز آيفون في جيببه: “الحمد لله”، صور وصول أهله سالمين إلى مطار الجزائر وصلت عبر تطبيق “واتساب”. إنها الموجة الثانية موجة”التواصل الاجتماعي”بتطبيقاتها “المجانية” التي عصفت بحياة الملايين فدفعوا الثمن غاليا عندما تحولوا إلى مدمنين.
لحسن الحظ انقلب السحر على الساحر فكادت الموجة أن تعصف بثروةمارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك وأبرز روادها حيث اضطر أن يخرج من جيبه الصغير ورقة 19 مليار دولار ليدفعها مقابل تطبيق “واتساب” بعد أن أظهرت دراسة أن فقاعة فيس بوك ستنفجر ويختفي من الوجود في ظرف سبع سنوات بعد أن أصبح موضة قديمة.
اهتز الآيفون من جديد: “حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم حوالينا لا علينا” أحد التطبيقات أفاد بأن هزة أرضية بقوة ست درجات ضربت إيران، وخشي من تأثير ارتداداتها على الإمارات. إنها الموجة الثالثة التي يطلق عليها Mobility أو الحوسبة الجوالة، فأي وسيلة أعلام أو أي شركة لا تمتلك تطبيقا على الجوال ستصبح “خارج التغطية” فهاتف تشارلز الذكي أصبح عدسة صغري يرى الشخص من خلالها العالم من حوله، لذا يستخدمه كل شيء لمخاطبته بدءا من سلسلة مقاهي “لاكوستا” التي تريه الطريق إلى أقرب فرع من مركز المعارض، و”داعش” التي تريه ما ذا ستفعل برأسه عندما تتمكن من آمريكي مثله والعياذ بالله.
إذا كان زائر المعرض تخرج قبل خمس سنوات من أفضل كلية لتقنية المعلومات ولم يواكب التحولات السريعة فإن وظيفته المناسبة أن يصبح لوحة في متحف التاريخ الطبيعي إلى جانب “فلوبي ديسك” وأشرطة الكاسيت وأفلام التصوير، وقريبا سيلتحق به بقية أعضاء الفريق مثل “فلاش ديسك” و”دي في دي” بعد أن أصبحت كلها في عين إعصار الموجه الرابعةCloud أو الحوسبة السحابية، فكل شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت تملتلك مراكز للبيانات مؤمنة للغاية، وتوفر مساحات هائلة للتخزين بأسعار رمزية، كما توفر الشركات أنظمتها عبر نظام الاشتراك وهو ما وفر تكاليف هائلة في البنية التحتية حيث تستطيع أي شركة مهما كان حجمها أن تحصل على أفضل الأنظمة دون استثمار في البنية التحتية وفي رواتب الخبراء، عبر طريقةPay As You Go.
حرب الموجة السحابية كانت أكثر ضراوة في المعرض من حرب “داعش” والغبراء، إذ تخوضها مايكروفس مع غوغل من جهة من خلال أوفيس 365، ومع أوراكل وSAP من جهة أخرى عندما دخلت بقوة إلى حلول الأعمال عبر عائلة Microsoft Dynamics التي تلبي مختلف احتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة في إدارة الموارد وإدارة خدمة العملاء.
شركة أوراكل في منصتها الحمراء، وSAP في منصتها الصفراء المتجاورتين أصبحتا تساومان الزوار بالتقسيط بمئات الدولارات بعد أن كانتا لاتتحثان إلا مع الزائر الذي يحمل في جبيه ملايين الدولارات.
الكثير من الشركات العارضة ستختفي قريبا بفعل موجة Cloud المدمرة، والمفارقة أن هذه الشركات ما زالت تحصل في ربع الساعة الأخير على زبائن مغفلين من “الأخصائيين” والمدراء الذين عجزوا عن رؤية الصورة الكاملة للمشهد.
مثقلا بالصداع المزدوج من أضواء الشاشات و”آدواخ”،وبآلام الظهر تمنى تشارلز وهو يستقل مترو دبي إلى سيارته المركونة على بعد 20 كلم من المعرض في مواقف “ابن بطوطة مول” أن تتعطل كل شاشات العالم.
“سأكون أسعد كثيرا لو كانت تنبؤاتي صحيحة”.تمنى أن يعود أدراجه إلى القرن التاسع عشر عندما اكتشف أنه أحد أبطال مسلسل طويل عنوانه “سوف تدفع الثمن”.
استيقظ دويل صباح الأربعاء الماضي مبكرا ليشاهد في معرض جايتكس دبي 2014 للتكنولوجيا السيناريو الذي ستسير عليه حياته وحياة مليارات البشر التي يفعل بها رواد التكنولوجيا كما يفعل الخباز بقوالب الحلوى.
تعجل عن شرب الشاي الموريتاني وهو ما سيدفع ثمنه لاحقا، وتذكر وهو يسير على السجاد البنفسجي عند مدخل المعرض كيف ارتكب أكذب تنبئ في التاريخ.
أمواج من البشر من كل أنحاء العالم تزدحم عند أكشاك التسجيل لإنهاء إجراء الدخول للمعرض الذي يأتي في خضم أربع مواجات متزامنة ومتداخلة تعصف بقطاع تكنولوجيا المعلومات، وتعيد تشكيل خارطة اللاعبينوترسم أنماط أفكارنا وأنشطتنا اليومية.
في قاعة الشيخ راشد المخصصة للجهات الحكومية ظهرت علامات الدهشة على وجوه آلاف الزوار وهم يشاهدون كيف استطاع برنامج”حكومة دبي الذكية” أن يركب بذكاءالموجة الأولى التي يطلق عليها Big Data.
من خلال تطبيق يطلق عليه أم دبيmDubai سيطلق في شهر ديسمبر القادم يستطيع الشخص عبر هاتفه المحمول الحصول على ملايين البيانات التي تفيده، كالدخول إلى بيانات المستشفيات والاطلاع على أسماء وصور الأطباء وتخصصاتهم وخبراتهم والجامعات التي تخرجوا منها وحجز مواعيد معهم، كما يمكنه من خلال نفس التطبيق الاطلاع على كل شيء في دبي: أقرب مسجد منه، والمسافة دونه بالدقيقة مشيا أو بالسيارة،ومحطات الباصات ورحلة الباص القادمة والطرق التي عليها حوادث سير ليتفادى الزحام، وتفاصيل المخالفات المرورية المسجلة على سيارته.كل تلك البيانات والآلاف غيرها يتم تحديثها في كل لحظة.
خدمات الهواتف الذكية اللامتناهية في منصات جايتكس تذكر الزائر بأسطورتين: مصباح علاء الدين الذي يمسحه ويخرج العفريت من القمقم لينفذ كل مطالبه، و”المخدمين” في الأسطورة الموريتانية، فالجن ينفذون ما يريد “المخدم” مقابل التخلي عن إحدى الفرائض. فالهاتف الذكي يوفر لك كل ما تريد ب”المجان” وتدفع ثمنا باهظا هو الهدوء وراحة البال، فتنبيهات التطبيقات لا تتوقف عن الرنين.
في الجناح الياباني عندما كان ضيف القرن التاسع عشر يقوم بتجربة تحويل إصبعه إلى طبشور بمختلف الألوان على أي جدار اهتز آيفون في جيببه: “الحمد لله”، صور وصول أهله سالمين إلى مطار الجزائر وصلت عبر تطبيق “واتساب”. إنها الموجة الثانية موجة”التواصل الاجتماعي”بتطبيقاتها “المجانية” التي عصفت بحياة الملايين فدفعوا الثمن غاليا عندما تحولوا إلى مدمنين.
لحسن الحظ انقلب السحر على الساحر فكادت الموجة أن تعصف بثروةمارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك وأبرز روادها حيث اضطر أن يخرج من جيبه الصغير ورقة 19 مليار دولار ليدفعها مقابل تطبيق “واتساب” بعد أن أظهرت دراسة أن فقاعة فيس بوك ستنفجر ويختفي من الوجود في ظرف سبع سنوات بعد أن أصبح موضة قديمة.
اهتز الآيفون من جديد: “حسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم حوالينا لا علينا” أحد التطبيقات أفاد بأن هزة أرضية بقوة ست درجات ضربت إيران، وخشي من تأثير ارتداداتها على الإمارات. إنها الموجة الثالثة التي يطلق عليها Mobility أو الحوسبة الجوالة، فأي وسيلة أعلام أو أي شركة لا تمتلك تطبيقا على الجوال ستصبح “خارج التغطية” فهاتف تشارلز الذكي أصبح عدسة صغري يرى الشخص من خلالها العالم من حوله، لذا يستخدمه كل شيء لمخاطبته بدءا من سلسلة مقاهي “لاكوستا” التي تريه الطريق إلى أقرب فرع من مركز المعارض، و”داعش” التي تريه ما ذا ستفعل برأسه عندما تتمكن من آمريكي مثله والعياذ بالله.
إذا كان زائر المعرض تخرج قبل خمس سنوات من أفضل كلية لتقنية المعلومات ولم يواكب التحولات السريعة فإن وظيفته المناسبة أن يصبح لوحة في متحف التاريخ الطبيعي إلى جانب “فلوبي ديسك” وأشرطة الكاسيت وأفلام التصوير، وقريبا سيلتحق به بقية أعضاء الفريق مثل “فلاش ديسك” و”دي في دي” بعد أن أصبحت كلها في عين إعصار الموجه الرابعةCloud أو الحوسبة السحابية، فكل شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت تملتلك مراكز للبيانات مؤمنة للغاية، وتوفر مساحات هائلة للتخزين بأسعار رمزية، كما توفر الشركات أنظمتها عبر نظام الاشتراك وهو ما وفر تكاليف هائلة في البنية التحتية حيث تستطيع أي شركة مهما كان حجمها أن تحصل على أفضل الأنظمة دون استثمار في البنية التحتية وفي رواتب الخبراء، عبر طريقةPay As You Go.
حرب الموجة السحابية كانت أكثر ضراوة في المعرض من حرب “داعش” والغبراء، إذ تخوضها مايكروفس مع غوغل من جهة من خلال أوفيس 365، ومع أوراكل وSAP من جهة أخرى عندما دخلت بقوة إلى حلول الأعمال عبر عائلة Microsoft Dynamics التي تلبي مختلف احتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة في إدارة الموارد وإدارة خدمة العملاء.
شركة أوراكل في منصتها الحمراء، وSAP في منصتها الصفراء المتجاورتين أصبحتا تساومان الزوار بالتقسيط بمئات الدولارات بعد أن كانتا لاتتحثان إلا مع الزائر الذي يحمل في جبيه ملايين الدولارات.
الكثير من الشركات العارضة ستختفي قريبا بفعل موجة Cloud المدمرة، والمفارقة أن هذه الشركات ما زالت تحصل في ربع الساعة الأخير على زبائن مغفلين من “الأخصائيين” والمدراء الذين عجزوا عن رؤية الصورة الكاملة للمشهد.
مثقلا بالصداع المزدوج من أضواء الشاشات و”آدواخ”،وبآلام الظهر تمنى تشارلز وهو يستقل مترو دبي إلى سيارته المركونة على بعد 20 كلم من المعرض في مواقف “ابن بطوطة مول” أن تتعطل كل شاشات العالم.
“سأكون أسعد كثيرا لو كانت تنبؤاتي صحيحة”.تمنى أن يعود أدراجه إلى القرن التاسع عشر عندما اكتشف أنه أحد أبطال مسلسل طويل عنوانه “سوف تدفع الثمن”.