تغيرت الطريقة المفضلة للتعامل مع أوراق الشاي على مدار ثلاثة قرون، وعبر القارات، لكن الشغف بهذا المشروب وحبه ظلا راسخين، حيث ظل الشاي هو الرفيق الدائم للإنسان، مع قوافل الجمال، والثورات السياسية، وحتى تخزين بعض منه للحياة ما بعد الموت.
هذا مانشره تقرير ل “البي بي سي” استعرض عشرة حقائق مذهلة عن الشاي، لا يعرفها حتى أشد الناس حباً لهذا المشروب.
ويظهر التقرير أن أول دليل على استهلاك الشاي يرجع إلى مئتي عام قبل الميلاد في الصين، حيث عُثر في مقابر يانغ لينغ في وسط الصين على قرابين في غرف الدفن، من بينها كعك مجفف من الأوراق.
وبتحليل هذه الأوراق، عُثر على مواد الكافيين والثيانين، ما يثبت أنها أوراق شاي دُفنت مع الموتى لأخذها معهم إلى العالم الآخر، وأثبت هذا الاكتشاف أن تاريخ استهلاك الشاي يسبق التاريخ المعروف سابقاً بحوالي مئتي عام.
وأكد التقرير أن كل أنواع الشاي مصدرها نبتة “كاميليا سينينسيس”وتستخدم كل أوراق هذه الشجيرة الصغيرة لإنتاج الشاي، لكن اختلاف أنواع الشاي يرجع لاختلاف مناطق وظروف نمو النبات، وعمليات الإنتاج.
وأوضح التقرير أن الشاي جُلب إلى اليابان من الصين، على يد الكهنة والقوافل اليابانية في حوالي القرن الميلادي السادس. وسرعان ما أصبح مشروب رجال الدين، وعلى مدار عقود، أصبح الشاي الأخضر مشروبا أساسيا بين المثقفين وأفراد الطبقة العليا.
وأخذ الرهبان البوذيون تناول الشاي من الصين في القرن الخامس عشر الميلادي، لكن اليابانيين حولوه إلى شعيرة خاصة بهم، فأصبح تقليدا شبه ديني.
بينما حصل الروس على إمدادات الشاي عن طريق القوافل القادمة من الصين، وكانت قوافل الجمال تسير على مدار شهور، تحمل الشاي عبر القارات.
وكان دخان النار التي يوقدونها ليلا يتسلل إلى حمولة القافلة من الشاي، وعند وصولهم إلى موسكو أو سانت بطرسبيرغ، يصبح الشاي مدخنا، وهو ما يميز شاي القوافل الروسي الذي نعرفه اليوم.
وشهد القرن السابع عشر قطيعة دبلوماسية بين الصين والإمبراطورية البريطانية، ما دفع بريطانيا للبحث عن مصدر بديل للشاي.
ولجأت شركة الهند الشرقية، المتحكمة في التجارة العالمية آنذاك، لعالم النباتات الاسكتلندي، روبرت فورتشن، المعروف باهتمامه بجمع أنواع البهارات النادرة وبيعها للطبقة الأرستقراطية.
وكُلف فورتشن بالذهاب متخفيا إلى الصين، وتهريب نبات الشاي للهند، لتكوين صناعة موازية، ونجح بالفعل في تهريب 20 ألف من النباتات والبذور من الصين إلى دارجيلينغ، لكنه فوجئ بالشاي ينمو بشكل بري هناك ،ويرجع الفضل لهذه العملية السرية في تحول الهند إلى معقل لانتاج الشاي لاحقا.
وتعتبر انجلترا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تضيف الحليب إلى الشاي، بعد اكتشاف نبات اسمه ” كاميليا سينينسيس آساميكا”، وكانت نكهته قوية لونه داكن وهو أخضر، مادفع الناس إلى إضافة الحليب.
ويستمر حتى الآن إضافة الحليب إلى الشاي في المملكة المتحدة، لكن في أنحاء أخرى في أوروبا، نادرا ما يُضاف الحليب.
ويرجع ذلك إلى استيراد هولندا للشاي من منطقة جافا في إندونيسيا، والذي كان خفيفا بحيث لا يحتاج إلى الحليب، حتى أصبحت طريقة الشائعة في فرنسا وأسبانيا وألمانيا.
كانت بدايات بيع الشاي في لندن على يد توماس غاراواي عام 1657، وسادت حالة من التخبط حول الطريقة المثلى لاستهلاكه، وكان سلعة رفاهية آنذاك، لا يقدر الكثيرون على تحمل نفقة شرائه، فأصبح مرغوبا وعلامة على الثراء، لكن لم يعلم الكثيرون طريقة استخدامه.
وثمة مصادر تشير إلى محاولات نقع أوراقه، أو أكلها، أو وضعها على شطائر الخبز مع الزبدة.
ورغم شهرة القهوة التركية عالميا، إلا أن الشاي هو المشروب الشعبي الأول في تركيا، ويأتي معظم الشاي التركي من المنحدرات الخصبة في ولاية ريزة، على الساحل الشرقي للبحر الأسود.
في عام 1773، كان سكان مدينة بوسطن الأمريكية في حالة ثورة ضد الحكم البريطاني.وهنا ظهر حزب حفل الشاي في بوسطن، الذي احتج على فرض الحكومة البريطانية ضريبة على الشاي.
وفي عتمة الليل، هجم ثوار أمريكيون على ثلاثة سفن بريطانية كانت في مرسى ميناء بوسطن، وأغرقوا 342 حاوية شاي في المياه وكانت هذه الاحتجاجات خطوة نحو حرب الاستقلال الأمريكية.
وختاما، عندما تتذوق أنواعا مختلفة من الشاي، عليك الانتباه إلى النكهة والرائحة واللون.وبالطبع، الرشف هو الطريقة المثلى للتعرف على نكهة ومذاق الشاي، وفق التقرير.