تُظهِرُ الصور المعروضة في بهو الأكاديمية الديبلوماسية الموريتانية، مجموعة من اللحظات المقتنصة بعدسة موريتانية، من الحياة في بلاد أُطلق عليها منبع الشمس، لِكونها النقطة الأقصى في شرق العالم، (اليابان) بتفاصيلها العمرانية، ونماذجها البشرية، ومساحات البلد الخضراء، وعشرات التفاصيل.
هذا ما يمكن تتبعه في معرض «من موريتانيا إلى اليابان» الذي اختتمت أيامه الست أمس الأربعاء، بعد أن استمر من 14 حتى 20 من نوفمبرالجاري، والذي يضم (35) صورة للمصورة الفوتوغرافية الموريتانية الشابة مريم منت حرمة، التي تشارك في هذا «المعرض» تفاصيل حضورها في بيئة وثقافة مختلفتين عنها، ومشاهد من الحياة اليومية التي عاشتها في اليابان.
في هذا السياق، تتحدث مريم لـ«صحراء ميديا» عن زيارتها لمدينة «ناغويا» الصناعية، التي تقع في الناحية الجنوبية من جزيرة «هونشو» (أكبر جزر البر الياباني)، وكيف ألهمتها هذه التجربة في «ملامسة» الثقافة اليابانية، وعن الراهب الذي “أحسن ضيافتها” حين التقته في معبد أثري، وكيف غمرها “بدماثة أخلاقه” وذهب بها إلى تلامذته في المعبد ليعرفها بهم، وأثنى كثيراً على بلدها موريتانيا أمامهم. إذ تؤكد: أنها«تفاجأت من شهرة» بلدها موريتانيا لدى من التقتهم من اليابانيين، قبل أن تعرف أن «أشهر وأجود أنواع الأخطبوط الذي يزين الموائد اليابانية يأتي من موريتانيا».
وتضيف مريم: “كان هذا الراهب على مستوىً عالٍ من الأخلاق، والاحترام، لقد ألبسوني زي «الكيمونو» التقليدي، الذي يُعتبر رمزًا للأناقة والتقاليد الثقافية عندهم، وألبس صديقتي زي «الساموراي»، وأقاموا لي طقوس الشاي بجميع مراحله”.
ويعتبر حفل الشاي مهما في تقاليد الثقافة اليابانية، يتمثل في تحضير مشروب الشاي للضيف، وهو ما يرتقي إلى مستوى الفن، من خلال سلسلة معقدة من الحركات التي يتم إجراؤها بترتيب صارم.
وضمنت الأكاديمية الديبلوماسية الموريتانية معرض الفوتوغرافية الشابة مريم، ضمن ندوة نظمتها تحت عنوان: «الديبلوماسية العمومية والتبادل الثقافي بين موريتانيا واليابان»، واختارت الأكاديمية أن ينظم المعرض داخل مقرها بصفته يعزز التواصل الثقافي بين البلدين. بحضور السفير الياباني في موريتانيا، ومجموعة من السفراء والوزراء السابقين.
البحث عن الساكورا
مريم الحاصلة على دكتوراه في الطب البشري من الجامعات المغربية، والتي تجمع بين ممارسة مهنة الطب، واحتراف التصوير الفوتوغرافي، تقول إنها لم تسمح لنفسها أن تكون موجودة في اليابان في فصل الربيع، دون أن تخوض التجربة اليابانية لأشجار الساكورا.
ثم تضيف: « تركت حقائبي عند صاحب الفندق في طوكيو، وذهبت إلى مدينة «يامانشي» التي تبعد ساعات من طوكيو، لأنني علمت أن بها بعض أزهار الساكورا المتأخرة، للمتأخرين مثلي».
وتسترسل: « أسئلة كثيرة كانت تراودني وأنا في طريقي للبحث عن الساكورا، ومخاوف كانت تساورني، لكن الصورة اتضحت هناك على تخوم المدينة.. نعم, وبدأت تظهر معالم الساكورا».
وتعتبر أزهار الساكورا ذات رمزية قوية لدى الشعب الياباني، فهي حاضرة بقوة ومصورّة في الأشياء اليابانية، خصوصاً اللوحات الفنية، وهنالك عدة أغانٍ شعبية تحمل إسم «الساكورا».
تقول مريم إن فكرة إقامة هذا المعرض جاءتها حين عادت «إلى الوطن»، لأنها وجدت «مخزونا من اللحظات الموثقة بعدستها من الحياة اليابانية الملهمة» والتي تستحق أن تشاركها «مع أبناء وطنها» ليتعرفوا على «كيف يعيش شعب في أقصى نقطة من آسيا بكل هذا التحضر».