حققت التقارير التي نشرت محكمة الحسابات، عن اختلالات تسيير عدد من المؤسسات العمومية خلال الفترة الممتدة من 2007 وحتى 2017، مستوى غير مسبوق من التفاعل بين الموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن الموقع الإلكتروني للمحكمة تعطل فنياً بسبب قوة الضغط عليه.
التقارير التي نشرتها «صحراء ميديا» أمس الاثنين، أثارت موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي رفع خلالها المدونون مطالب بضرورة ملاحقة المتورطين في أي عملية استحواذ على المال العمومي، كما أظهرت التقارير الصادرة عن محكمة الحسابات.
فكتب النائب البرلماني والمحامي العيد ولد محمدن أن «كل من ظهر اسمه في تقرير محكمة الحسابات يجب أن يستقيل من أي وظيفة عمومية يزاولها حالاً، وأن يمنع من تقلد أي وظيفة أو تكليف عام في المستقبل، مع إرجاع المبالغ المستحقة، دون الإخلال بالمتابعات الأخرى التي ينص عليها القانون».
وأضاف المحامي والناشط الحقوقي قائلاً: «هذا هو حكم القانون والأخلاق والمصلحة العامة»، وهو رأي دعمته نسبة كبيرة من الموريتانيين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما الصحفي سيدي المختار ولد سيدي فكتب أن «الموظف والمنتخب في الفساد سيان، أو هكذا قالت تقارير محكمة الحسابات. يعني أننا ننتخب الفاسدين ونوظف الفاسدين»، في إشارة إلى أن المتورطين في الفساد موظفون ومن كان يجب أن يحاسبهم منتخبون.
النائب البرلماني المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود، قال إن التقارير الصادر عن المحكمة أثبتت أحقية معارضتهم لنظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وكتب قائلاً: «الآن، أدرك الجميع أن ما كنا نصف به عشرية اليبس من الفساد قليل في حقها»، وختم ولد سيدي مولود تدوينته بشعار: «لا للإفلات من العقاب».
وركز العديد من الموريتانيين على كشف عمليات الاختلال التي أظهرتها التقارير في العديد من المؤسسات العمومية، كأن تخصص 7 ملايين أوقية في إحدى البلديات لشراء أدوات تنظيف بدائية، أو أن ينال أحدهم تعويضاً عن الحج مرتين في العام، هذا بالإضافة إلى مئات الملايين التي ذهبت في إصلاح وصيانة سيارات إما لم تعد تعمل أو أنها غير مملوكة للدولة.
كما ظهرت العديد من التعليقات الساخرة من طرف بعض المعلقين، فكتب المدون الخامس باللهجة الحسانية أن «محارب الفساد الأول محمد ولد عبد العزيز كان تقرير محكمة الحسابات عن المفسدين ايجيه كل سنة يمشي ويحبسهم كاملين في درج المكتب».
أما المدون يحيى لود فذهب إلى الحديث عن طريقة تعامل ولد عبد العزيز مع التقارير التي كانت تصله سنويا، وكتب أن «محكمة الحسابات كانت تسلم تقاريرها بشكل دوري لرئاسة الجمهورية، وكان عزيز يعلم محتويات هذه التقارير ولم يحرك ساكناً سوى الاستهداف السياسي، وظلت البقية في الدرج يتم ابتزاز السياسيين بها لتأكيد ولائهم».
من جهته اعتبر المدون الطالب ولد عبد الودود أن توقيت نشر هذه التقارير لم يكن برئياً، وقال: «لإلهاء الناس عما هو أهم، نشرت محكمة الحسابات اليوم حصيلة عشر سنوات وهي مليئة بسوء التسيير ومن أقرب الأمثلة بلدية تفرغ زينه».
وأضاف ولد عبد الودود أن التقارير أظهرت «خداع الناس لأنفسهم في ظل انتشار القبلية والجهوية.. الكل ينشر ما تيسر له، وفي نفس الوقت الكل عاجز عن تسمية بعض الحيتان بسبب قرابة أو جهوية أو الخوف من انقطاع منفعة شخصية».