سيدي محمد شماد – أصيلة – المغرب
وسط قاعة فسيحة في مكتبة الأمير بندر بن سلطان وسط المدينة الشمالية في المملكة المغربية؛ أصيلة؛ يسير محمد بن عيسى، بهدوء يوزع ابتسامته على الجميع، وحين يصفق فالأمر يعني أن جلسات موسم أصيلة الثقافي ستبدأ وعلى الضيوف التوجه إلى حيث تنعقد المحاضرات.
الرجل الثمانيني الذي تقلد مناصب هامة في المملكة من البرلمان إلى السفارة و الوزارة؛ ظل وفيا لمدينته الأم وأنشأ فيها قبل خمسين عاما موسما ثقافيا صار فيما بعد محجا للكتاب والمثقفين والأدباء والمسرحيين من أفريقيا والشرق الأوسط و أوروبا.
بذات الحماس الذي لازم الرجل منذ الصغر؛ مازال عشقه للثقافة متواصلا؛ فاليوم يطلق دورة جديدة للموسم الثقافي الدولي لأصيلة في نسخته الخامسة والأربعين.
الموسم
عشرات الضيوف من أنحاء أفريقيا يناقشون موضوع الموسم هذا العام وهو: «أزمة الحدود الأفريقية.. المسارات الشائكة».
قال محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، إن «أزمة الحدود في أفريقيا تطرح إشكاليات تمس السيادة ووحدة الوطن، بل تمس أساس وجوهر الوجود الذي تقوم عليه الأوطان».
وأضاف بن عيسى في الجلسة الافتتاحية للدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين، أن «أزمة الحدود جعلت دولا وأنظمة معينة تستفيد من مخلفات هذا الوضع، وذلك لأغراض توسعية» وفق تعبيره.
ندوات فكرية وثقافية ستناقش موضوع الحدود في أفريقيا والإشكاليات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا وتقدم تصورا للحلول وآليات المعالجة
أصيلة.. مدينة الجمال
محمد امحيميد؛ في عقده السابع.. قدم إلى أصيلة من نواحي تطوان وهو دون العاشرة من العمر طالبا لحفظ القرآن الكريم؛ لكن الإعجاب بالمدينة الشاطئية والتعلق بها دفع امحيميد إلى الإقامة بها، ومنذ ذلك الحين؛ والرجل يعمل خائطا تقليديا للجلابية المغربية.
دكانه الصغير يتوسط المدينة القديمة ذات الشكل المعماري الموحد؛ بيوت بيضاء اللون بشبابيك زرقاء، ينتعش الإقبال على امحيميد في موسم أصيلة الثقافي، ويزداد الطلب على منتوجه المغربي الأصيل.
يتحدث امحيميد مع صحراء ميديا عن علاقته وارتباطه الوثيق بالمدينة؛ وكيف احتضنته ووفرت فرصا كثيرة خلال مسيرة حياته، مع الكثير من الرضا والارتياح عن مهنته التي يمارسها منذ أزيد من ثلاثين عاما.
تعددت أسماء المدينة الواقعة في الشمال المغربي؛ آزيلا وهي الجمال في الأمازيغية لكن الكتاب والمثقفون أجمعوا أنها مدينة الجمال؛ فهي واجهة المغرب الأقصى على المحيط الأطلسي.
يعود تاريخ المدينة البيضاء إلى أكثر من ألفي سنة، تعاقبت عليها دول في زمنها الغابر، لكنها اكتسبت أهمية كبرى خلال العهد الإدريسي شمال المغرب (922-985) حيث ظهرت مدينة أصيلة كميناء تجاري مهم يربط المغرب بمدن الساحل الأوروبي على البحر الأبيض المتوسط.
بعد ذلك بحوالي خمس مائة سنة استعمرها البرتغاليون وأمضوا فيها قرابة خمس قرون، لتعود من جديد تحت مقاومة شعبية قوية في عهد الدولة السعدية، لكنها عادت للاستعمار في القرن التاسع عشر من طرف الأسبان حتى الاستقلال 1956.
اليوم تعد أصيلة مجالا مهما للسياحة بالمملكة؛ حيث تستقطب المدينة آلاف الزوار سنويا لمشاهدة مآثرها التاريخية والثقافية في مهرجان موسم أصيلة الثقافي الدولي.