«خفت نجم المعلم، ولم يعد ذلك الأب والمرشد له أبهة ومكانة في المجتمع»، بهذه الكلمات ينعي المعلم محمد ولد الوالد مهنته، في يوم العالمي للمعلم.
أكثر من ربع قرن يزاول محمد مهنة التدريس، جاء إليها شابا يافعا متقدا، متحمسا لتعليم الأجيال، حينما كانت مهنة المدرس لا يمارسها إلا نخبة المثقفين.
دار الزمن وتغيرت نظرة المجتمع لمهنة التدريس في موريتانيا، فمعظم ممارسيها في السنوات الأخيرة لجأوا إليها صاغرين، هربا من شبح البطالة التي يرزح تحت وطأتها كثير من الشباب الموريتاني.
في قاعة فسيحة بمقر جهة نواكشوط، نظمت النقابة الوطنية للمعلمين حفلا بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، اختارت في هذه السنة أن ترفع شعار: «أنقذوا التعليم».
كان الشعار عبارة عن «صرخة» صادرة عن معلمي البلد، ليعكس إحساس الموريتانيين بأن التعليم «في خطر»، إحساس عبر عنه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تغريدة عبر تويتر، تقدم فيها بالتهنئة للمعلمين.
المعلمون في حفلهم، ركزوا على إعادة «الاعتبار» إلى مهنة التدريس، من خلال إبراز الدور الذي يلعبه المعلم في تربية الأجيال، وما يجب أن يحظى به من تقدير واحترام.
في هذا السياق، يقول الأمين العام للنقابة محمد عبد الرحمن ولد سيداتي ولد اجيه، إن موريتانيا عليها أن «تستخلص الدروس والتجارب من الدول الناجحة والمتقدمة التي أعطت للتعليم عناية، واهتمت بالمعلم بوصفه ركيزة أساسية في التنمية المستدامة».
وتابع الأمين العام: «نطلق نداء صارخا إلى كل العقول، من أجل اللحاق بمصاف الدول التي أحرزت تقدما في العمل من لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية بحلول عام 2030، والمتمثل في ضمان التعليم الجيد للأطفال».
لكن هنا في موريتانيا يقول سيدي محمد ولد الزايد، وهو معلم جاء ليحضر الاحتفال باليوم العالمي للمعلم، في تصريح لـ «صحراء ميديا»، إن المعلم «يحس بالمرارة وبالتهميش؛ فلا الدولة تقف معه ولا المجتمع، وراتبه بالكاد يغطي ما يعتاش به».
يضيف ولد الزايد: «المعلم يجد نفسه في مفترق طرق، حيث لا يجد المكانة اللائقة في الدولة ولا في المجتمع؛ لذا أصبح محاصرا في زاوية ضيقة»، على حد وصفه.
وعن سبب تراجع تاثير المعلم ونظرة المجتمع له، يرى «لحسن» وهو معلم منذ سنوات، أن ذلك يرجع إلى العولمة والعادات الدخيلة التي حولت «المجتمع إلى مجتمع مادي».
الصورة القاتمة التي رسمها الحاضرون في هذا النشاط عن واقع المعلم والتعليم، لا تختلف كثيرا عن تلك التي تقدمها الجهات الرسمية، ولو أن الحكومة تعتقد أن الوضع «ليس بذلك السوء»، في ظل ما تقول إنها نجاحات تحققت خلال العامين الأخيرين، في إطار مساعيها لإصلاح التعليم.
وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي محمد ماء العينين ولد أييه، في خطابه بمناسبة افتتاح السنة الدراسية، أعلن إطلاق مشروع «تثمين المدرس»، وهو مشروع يأتي استجابة لكثير من مطالب عمال القطاع.
وأضاف الوزير أن المشروع يقوم على تأسيس سلك المعلم الرئيس الذي صودق عليه مؤخرا، وإنشاء سلك جديد للرفع من جاذبية مهنة التدريس في التعليم الثانوي، وترقية المعلمين المساعدين والأساتذة المساعدين وتسوية وضعية مقدمي خدمات التعليم.
ورغم الحديث عن مشاكل بنيوية وهيكلية في التعليم، إلا أن النقاش الدائر في الأوساط النقابية يبرز المشكل المادي، فيما تقول الوزارة إن نسبة مخصصات التعليم من الميزانية ازدادت لتصل إلى 18 في المائة، فيما بلغت كتلة أجور عمال التعليم 14 مليار أوقية قديمة.