يتابع الموريتانيون تطور جائحة «كورونا» في فرنسا واسبانيا بكثير من القلق، فالبلدان هما الأكثر ارتباطاً بموريتانيا، ويبدو أنهما يواجهان «موجة عنيفة» من الفيروس، فيما تتحدث تقارير عن طفرات حدثت على مستوى الفيروس، جعلت موجته الثانية أكثر شراسة.
وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران، أعلن أمس الخميس، أن أكثر من 58 ألف شخص أصيبوا بالفيروس خلال أربع وعشرين ساعة، وأكثر من 4 آلاف مصاب في العناية المركزة.
الوزير الفرنسي لخص الوضع بالقول: «نحن في قلب الموجة الثانية وهي عنيفة»، بينما قال مدير الصحة العمومية الفرنسي جيروم سالومون: «الوباء ينتشر بسرعة والوضع الصحي خطير جدا».
أما في اسبانيا فيبدو الوضع صعباً، إذ توفي أمس الخميس 368 مصاباً بالفيروس، وهي أكبر حصيلة وفيات منذ بداية الموجة الثانية من الجائحة.
يرتبط البلدان مع موريتانيا برحلات جوية شبه يومية، منذ منتصف سبتمبر الماضي، عندما خففت الإجراءات الاحترازية في موريتانيا، وفتحت الحدود الجوية، وبدأت الأمور تصبح طبيعية، وكاد الجميع ينسون الجائحة.
فرضت موريتانيا قيوداً على القادمين، كأن يحوز المسافر على شهادة خلو من الفيروس، صادرة عن مختبر معترف به، إلا أن الحماس في تطبيق هذه الإجراءات سرعان ما انخفض بعد الأيام الأولى.
المصالح الصحية الموريتانية رصدت منذ دخول فصل الشتاء، موجة من حمى الضنك والانفلونزا، مع رصد بؤر من الملاريا في بعض مناطق البلاد، وعلى الرغم من أنها موجة سنوية معتادة، إلا أنها تثير مخاوف الأطباء.
إن تشابه الأعراض بين الأمراض الفيروسية، بما في ذلك أعراض الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد، هو مصدر قلق الأطباء، إذ يكونون عرضة للخلط بين هذه الأمراض، إشكالٌ لا يمكن تفاديه من دون تكثيف الفحوصات.
لاحظت «صحراء ميديا» بعد مراجعة البيانات اليومية الصادرة عن وزارة الصحة، خلال الأسبوع الأخير، أن عدد الفحوصات اليومية تضاعف بشكل لافت خلال أسبوع، إذ أجرت الوزارة يوم الأربعاء الماضي 04 نوفمبر الجاري 1014 فحصاً، مقابل 427 فحصاً يوم الأربعاء 28 أكتوبر الماضي.
وبحسب نفس الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة فإن إجمالي عدد الفحوصات خلال أربعة أيام الأخيرة وصل إلى أكثر من 3000 فحص، مقابل ألف فحص فقط، خلال الأيام الأربعة التي سبقت ذلك.
ولكن تضاعف الفحوصات، أظهر خللاً كبيراً في التوزيع الجغرافي لها، إذ أنها تركزت بشكل لافت في ولاية نواكشوط الغربية، التي أجرت مصالح الوزارة فيها 2646 فحصاً من أصل 3 آلاف فحص جرت خلال الأيام الأربعة الماضية.
وبالتالي فإن نسبة تسعين في المائة من الفحوصات تجري في نواكشوط الغربية، بينما تجري 10 في المائة في باقي ولايات موريتانيا، أغلبها في ولايتي نواكشوط الشمالية والجنوبية، وهو ما يعني أن الولايات الداخلية خارج دائرة الفحص.
مصدر من داخل وزارة الصحة قال لـ «صحراء ميديا» إن الوزارة وفرت الفحوصات بكميات كافية في جميع الولايات، وأنها أصدرت تعليمات صارمة بإخضاع المواطنين للفحص في حالات محددة.
وأضاف ذات المصدر أن تعليمات الوزارة تفرض فحص أي مواطن راجع المستشفيات أو النقاط الصحية، إذا كان تجاوز 65 سنة أو يعاني من مرض مزمن أو لديه فقر دم أو يعاني من التهاب في الجهاز التنفسي.
إلا أن الأرقام الصادرة عن الوزارة لا تعكس التزام الطواقم الصحية بهذه التعليمات، إذ تغيب الفحوصات في وقت تنتشر موجة الحميات والانلفونزا، وأغلب المصابين من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
مصدر طبي حاول أن يفسر ذلك لـ «صحراء ميديا»، فقال إن تأخر الوزارة في دفع علاوات الطواقم الصحية العاملة في مواجهة الجائحة، أصاب هؤلاء بنوع من الإحباط، وبالتالي لم تعد الفحوصات تجرى إلا في حالات خاصة جداً.
سبق أن أثار تأخر العلاوات جدلاً في البلاد، وهي التي أقرتها اللجنة الوزارية المكلفة بمواجهة جائحة «كورونا»، خلال اجتماع عقدته يوم الاثنين 30 مارس الماضي، قررت فيه «تحفيزاً خاصاً للطواقم الطبية وقوات الأمن».
وسبق أن احتج بعض الطواقم الصحية داخل البلاد على تأخر هذه التحفيزات، وأضربوا عن العمل، فيما تعهدت السلطات المعنية بتسوية الموضوع، وعادت هذه الطواقم، ولكن حماسها كان قد تأثر، على حد وصف مصدر طبي.
في غضون ذلك تواصل منظمة الصحة العالمية دعمها لموريتانيا، بالتعاون مع السفارة الاسبانية، إذ دشنت الأسبوع الماضي وحدة للعناية المركزة في مدينة نواذيبو.
En #mauritanie la lutte continue avec l’inauguration d’une nouvelle unité de réanimation à Nouadhibou qui a mobilisé les experts de @OMS_Mauritanie et de la mission espagnole @EmbEspMauritani #covid #laluttecontinue pic.twitter.com/WzGQfJb93k
— OMS MAURITANIE (@OMS_Mauritanie) October 30, 2020
اليوم الجمعة، ترأس الوزير الأول محمد ولد بلال اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة بمواجهة جائحة «كورونا»، ولكن الاجتماع ركز على الجوانب الاقتصادية وتداعيات الجائحة، وخاصة تسيير الصندوق الخاص بالجائحة، ودعا الوزير الأول إلى «الإسراع في تنفيذ ما تبقى من محاور خطة الدعم الاجتماعي» التي أعلن عنها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني نهاية مارس الماضي.
صمتت الحكومة عن مخاوف الموريتانيين من إمكانية ظهور موجة جديدة من الجائحة، موجة أكثر ما يخشاه الموريتانيون، هو أن تكون «موجة صامتة»، تذوب وسط الأمراض الموسمية من حمى ضنك وأنفلونزا وملاريا.. أمراض تعايش معها الموريتانيون منذ عقود طويلة، فهل يتعايشون مع «كورونا» الجديد ؟