الفيفا فرضت على الاندية تأمينا صحيا لكل لاعب بدأ من الموسم الرياضي القادم
نواكشوط ـ حسن ولد أحمد النويشي
أثارت وفاة اللاعب محمد فال ولد امباي أثناء مباراة بين ناديه زمزم ونادي ترارزة جدلا واسعا في الأوساط الرياضية، وأعادت هذه القضية إلى السطح الظروف الصحية التي يشكوا منها اللاعبون الموريتانيون والتي تغيب عنها أدنى شروط المتابعة الطبية حسب رأي المهتمين بالمجال الرياضي.
سقط ولد امباي على أرض الملعب بعد عشرين دقيقة فقط من بدأ وقت المباراة دون أي تعثر أو اصطدام مع لاعب آخر، وأعلنت المصادر الطبية في مدينة روصو حيث أجريت المباراة أن وفاة اللاعب جاءت إثر تعرضه لأزمة قلبية.
وقال أحد اللاعبين الذي كان حاضرا للمباراة في روصو لصحراء ميديا ” كانت الحرارة جد مرتفعة في ذلك اليوم وبعد أن سقط اللاعب محمد فال ولد امباي على الأرض مغشيا عليه ظننا أنه ابتلع لسانه وأنه السبب الذي أدى إلى وفاته ثم سمعنا فيما بعد أنه أصيب بسكتة قلبية ولا أعرف بعد حقيقة الأمر”، وأضاف قائلا “وقع حادث مشابه منذ شهر في نواذيبو حيث اصطدم لاعب من فريق الدرك الوطني بلاعب آخر وأصيب في رأسه ففقد الوعي ولم يتلق الإسعافات الضرورية بسرعة كالأوكسجين مما أدى إلى وفاته”
غياب المتابعة
ندرة إجراء الفحوص الطبية وتأخر مجيء الأطباء والمسعفين في الأوقات الحرجة مع غياب شبه تام لسيارات الإسعاف والانتقال من فئة الأشبال إلى الكبار دون إجراء تخطيط للعضلة القلب كلها ظروف يشكو منها الرياضيون الموريتانيون، وأحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تدهور حالة الرياضيين الصحية أثناء اللعب هي عدم أخذ الفترة الكافية للتدريب قبل انطلاق الموسم الرياضي، حيث أن غالبية اللاعبين الموريتانيين يتدربون لمدة أسبوع فقط قبل بدأ الموسم ما ينتج عنه إنهاك شديد لعضلة القلب أثناء المباريات الشيء الذي قد يؤدي إلى انعكاسات خطيرة، وغالبية الفرق لا تستطيع إنهاء الدوري بسبب الإنهاك الناجم عن عدم أخذ الفترة الكافية للتدريب، كما أن كثرة شرب الشاي يؤثر سلبا على عضلة القلب لأنه منبه قوي.
أكد بيراما كي، مدرب نادي تفرغ زينة الرياضي، أنه بشكل عام “يشكوا الرياضيون الموريتانيون من ضعف المتابعة الطبية والنصائح الصحية مع غياب لنظام غذائي خاص بالرياضيين والمكملات الغذائية الضرورية لبناء أجسام قوية وأن اللاعبين لا يمتلكون الموارد الكافية لإتباع نظام غذائي صحي”، وأضاف بيراما كي أن “غالبية النوادي لديها فقط ممرض متابع وليس طبيب مختص في الصحة الرياضية بالإضافة إلى أن الفحوص تجرى فقط في بداية كل موسم رياضي وبشكل غير منتظم”.
وقال أحد اللاعبين الذي فضل حجب هويته أن “هناك غياب كامل للمتابعة الطبية التي تعنى بصحة الرياضيين، فلا تجرى لنا أية فحوص طبية قبل انطلاق الموسم الرياضي ويتأخر الأطباء والمسعفون في معاينة المصابين أثناء المباريات، بالإضافة إلى عدم وجود سيارات إسعاف متأهبة لنقل المصابين” وأكد أنه “يجري فحوصه الطبية بصفة شخصية وعلى حسابه الخاص، وأن هناك بعض اللاعبين من يطالب بالإجراءات الطبية لكن الغالبية لا تهتم إلا إذا وقع المكروه” حسب قوله
تعليمات الفيفا
وفي إطار دولي تزايد عدد الوفيات في ملاعب كرة القدم ويسعى الاتحاد الدولي الفيفا للحد من هذه الظاهرة بفرض على الاتحادات القارية والأهلية كافة التي تخضع تحت مظلتها بالكشف على عضلة قلب أي لاعب يقيد في قائمة اللاعبين المحترفين، حيث سيكون هذا البند إلزاميا لأندية العالم كافة في 2014.
وقد أوفدت الفيفا بعثة إلى اتحادية كرة القدم في موريتانيا في بداية شهر مايو لبحث موضوع صحة اللاعبين وفرض تدابير صحية عليها.
وأفاد موسى ولد خيري، نائب رئيس اتحادية كرة القدم، أن “بعد انعقاد لقاء مع بعثة الفيفا قرر الإتحاد فرض التأمين الصحي لكل لاعب على أصحاب الاندية، وسيدخل القرار في حيز التنفيذ بدأ من الموسم الرياضي القادم حيث سيصبح التأمين الصحي لكل لاعب إجباري تبعا لتعليمات الفيفا”.
وقال ولد خيري أن “اتحادية كرة القدم قد أنشئت منذ ثمانية أشهر فقط وهي منتدبة من طرف وزارة الثقافة والشباب والرياضة ونطاق مسؤوليتها لا يتجاوز تهيئة الظروف التنظيمية والفنية المناسبة لإقامة التظاهرات الرياضية والإشراف عليها، أما المتابعة الصحية للاعبين فهي من اختصاص رؤساء النوادي كمستثمرين تجاريين، وللاتحادية دور رمزي في فرض وجود طبيب على النادي، وعامة النوادي الموريتانية غير منظمة وتغيب عنها الرعاية الصحية لأن تكاليف الاندية باهظة ولذلك أناشد من ليس له الإمكانيات الكافية من رؤساء النوادي أن يتركوا المجال لغيرهم” حسب تعبيره.
وأضاف ولد خيري أن “كل الفرق لديها طبيب منتدب من طرف وزارة الصحة وهو مختص في الصحة الرياضية بصفتها علم خاص، وقد قامت كذلك اتحادية كرة القدم بإجراء تنظيم مسابقة لأطباء أخصائيين في طب العظام لمتابعة الحالة الصحية للاعبين، وأكد أن المتابعة الطبية تتم على مستويين الأول ميداني تجرى فيه الإسعافات الأولية من طرف متخصص وإذا كانت الإصابة حرجة فإنها تنقل إلى المستشفى حيث لدينا طبيب عام يجري الفحوص اللازمة للاعب المصاب ونحن نتكفل بكل مصاريف العلاج حتى وإن تطلب الأمر نقل اللاعب إلى الخارج للتداوي” على حد قوله
ناديان متميزان
في خضم هذه الظروف الصعبة يؤكد اللاعبون والمدربون على وجود ناديين فقط في موريتانيا يعنيان أشد العناية بالحالة الصحية للاعبيهم، وهما إفسي نواذيبو الذي يمتلك ناد خاص به للتدريب ونادي تفرغ زينة، ولدى الناديين طبيبان مختصان في الطب الرياضي يتابعان وضعية اللاعبين الصحية بصفة مستمرة.
قال في فخر عبد الله ولد الحسن، اللاعب في نادي تفرغ زينة والمشهور بلقب كازياس، إن “نادينا هو أحسن النوادي من حيث المتابعة الطبية على صعيد الوطن، فلدينا طبيب مشرف يتابع أوضاعنا الصحية بانتظام ويصف لنا الأدوية التي نحتاجها ويقوم بفحوص دورية لنا، ليس في نادينا أي تقصير من هذه الناحية على عكس باقي النوادي التي يشكوا بعضها من عدم توفر طبيب مشرف وقد يلجؤون إلى استشارة طبيبنا في بعض الأحيان” كما قال.