كان يومًا طويلا لعائلات المشمولين في ملف “حبوب الهلوسة”، إذ بدأوا بالتجمهر أمام قصر العدل في العاصمة نواكشوط منذ الساعات الأولى من صباح الأربعاء حتى وقت متأخر من ليل الأربعاء | الخميس، في انتظار وصول أبنائهم الموقوفين في قضية شغلت الرأي العام الموريتاني.
عند الساعة التاسعة صباحًا، وصلت حافلات بيضاء، تقلّ كل واحدة منها ثمانية مشتبه بهم، ترافقها سيارات تابعة للدرك الوطني.
وكان في انتظار الموقوفين، الذين بلغ عددهم 29 شخصًا، ثلاثة من وكلاء الجمهورية ممثلين عن النيابة العامة، حيث باشروا الاستماع إليهم، واستمر التحقيق حتى الساعة الثالثة بعد الظهر.
وبعد انتهاء الاستماع، دخل الوكلاء في مداولات، قبل أن يصدروا قرارهم القاضي بإحالة 32 متهمًا في الملف إلى القضاء مع طلب إيداعهم السجن.
وقالت النيابة، في بيان، إن “الموقوفين متهمون بتكوين جمعية أشرار والمساس بالأمن والصحة العامة، وحيازة وترويج مواد مخدرة وأدوية مزورة ومنتهية الصلاحية، إضافة إلى ترويج عملات أجنبية مزورة”.
وأسفرت التحقيقات، وفق البيان، عن ضبط أكثر من 1.9 مليون قرص وعبوة من المؤثرات العقلية والأدوية الممنوعة داخل مخازن سرية، إلى جانب أكثر من مليون دولار مزور، ومبالغ من اليورو والفرنك الإفريقي، ما يعزز فرضية ارتباط الشبكة بجرائم عابرة للحدود.
وطلبت النيابة إصدار أوامر بحبس 29 متهمًا احتياطيًا، وأمر إحضار لمشتبه به واحد، وأمري قبض ضد اثنين آخرين لا يزالان فارّين من العدالة.
واعتبر محامو المتهمين في الملف أن قرار النيابة العامة كان متوقعًا بالنسبة لهم، مؤكدين أنها اعتادت المطالبة بعقوبات مشددة في مثل هذه القضايا، نظرًا لكونها تمثل الحق العام وتسعى، بحسب قولهم، إلى إيصال رسالة ردع في الملفات المرتبطة بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
وأُحيل المتهمون إلى قاضي التحقيق لتعميق التحقيق واستنطاقهم في لائحة الاتهامات، لتبدأ مرحلة جديدة من التحقيق وسط ترقّب كبير من الرأي العام لما سيقرره قاضي التحقيق.
بدأ قاضي التحقيق باستنطاق المتهمين حسب ترتيب اللائحة، فكان كل متهم يدخل برفقة محاميه، حيث تُطرح عليه أسئلة تتعلق بمعلوماته الشخصية، وسير الوقائع، ثم يُواجه بالأدلة.
استغرقت هذه المرحلة ساعات، وكان القاضي يصدر قراره بعد كل جلسة تحقيق، إما بالإيداع في السجن أو بالإفراج لعدم وجود ما يبرر المتابعة.
وأمر بالإفراج عن 18 شخصًا، واحتجاز 11 آخرين وإيداعهم السجن، فيما لا يزال اثنان من المتهمين في حالة فرار.
وقال محامٍ كان قريبًا من مجريات التحقيق لصحراء ميديا إن المفرج عنهم ضمن الملف لم تكن لهم علاقة بلائحة الاتهامات التي أصدرتها النيابة العامة.
وأضاف أن هؤلاء كانوا عمّالًا في صيدليات ومخازن، ولم يكونوا على علم بأن الأدوية مزورة، أو أنها حبوب مهلوسة يتم بيعها وتهريبها بطريقة غير شرعية.
وأشار المحامي إلى أن الأدلة والوقائع وشهادات الشهود أثبتت براءة 18 شخصًا، بينما ثبتت التهم على باقي المشمولين في الملف، وأُحيلوا إلى السجن.