في حي أمباتا، أحد الأحياء الشعبية في العاصمة التشادية نجامينا، يقف أرون مجادوم وهو ينظر بقلق إلى الشوارع المغمورة بالمياه جراء تساقط الأمطار الأخيرة.
يقول أرون، وهو أحد سكان الحي: “لا توجد حتى مجاري لتصريف المياه. كل عام نعيش نفس المعاناة، ولكن لا يبدو أن هناك من يستفيد من تجاربنا لإيجاد حلول حقيقية”.
ويعكس حديثه حالة الإحباط المتزايدة بين سكان نجامينا بسبب غياب الصرف الصحي في عاصمة تتحول شوارعها وأزقتها إلى مستنقعات وبحيرات مع كل موسم أمطار.
يمر أرون يوميًا على طرقات تحولت إلى مستنقعات، ويجد صعوبة في الوصول إلى منزله الذي تحاصره مياه الأمطار. يضطر لركن دراجته النارية على بُعد عدة كيلومترات، ثم يسير في الوحل للوصول إلى منزله.
ويعاني سكان هذا الحي، الذي يقع على ضفاف نهر شاري، من خطر دائم للفيضانات بسبب ارتفاع مستوى النهر في موسم الأمطار.
تساهم الظروف الطبيعية في تفاقم هذه الأزمات؛ فالتضاريس في نجامينا مسطحة بشكل رئيسي، مما يسمح بتجمع المياه في المناطق المأهولة، بينما تتميز التربة المحلية بقدرة منخفضة على الامتصاص، ما يزيد من احتمالية الفيضانات، وفق خبراء تحدثوا لبي بي سي.
وقد حذرت وكالة الأرصاد الجوية من أن هذا الموسم سيكون أكثر شدة من المعتاد، مع توقعات بزيادة الأمطار بنسبة تصل إلى 45% مقارنة بالمعدل المعتاد بين عامي 1991 و2020.
لقد أثرت هذه الأمطار الغزيرة بالفعل على حياة سكان العاصمة نجامينا والعديد من المدن الأخرى في تشاد، مما أعاق جهود المساعدات الإنسانية بسبب صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة.
ولا يقتصر انتشار الفيضانات على نجامينا فقط، بل يمتد ليشمل العديد من المناطق الأخرى في تشاد، التي تعاني من زيادة ملحوظة في تساقط الأمطار خلال السنوات الأخيرة.
ومع بداية شهري أغسطس وسبتمبر، يزداد القلق بين السكان حيث تشهد البلاد فترة الأمطار الشديدة التي يصاحبها ارتفاع كبير في منسوب المياه.
في عام 2022، تأثر حوالي 1.3 مليون شخص من أصل 18 مقاطعة في تشاد بالفيضانات، مما أجبر أكثر من 350 ألف شخص على مغادرة منازلهم.
وتسببت الفيضانات في غمر حوالي مليون هكتار من الأراضي، منها 465 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، وتدمير حوالي 19 ألف رأس من الماشية.
الظروف في دول أخرى في المنطقة ليست أفضل، في النيجر، أودت الفيضانات بحياة 95 شخصاً حتى الآن، معظمهم نتيجة الغرق.
ومن المتوقع أن يتزايد عدد الضحايا مع استمرار موسم الأمطار، في بعض المناطق مثل منطقة طاهوا، أودت الفيضانات بحياة 54 شخصاً في حادثين منفصلين خلال منتصف أغسطس.
وتؤكد التقارير من منظمات دولية أن المنطقة تشهد اضطرابات في مناخها، حيث تؤدي الفيضانات إلى أضرار واسعة النطاق على الصعيدين البشري والبيئي.
كما تسهم الفيضانات في زيادة الصعوبات التي تواجهها فرق الإغاثة في تقديم المساعدة للمحتاجين، خاصةً في ظل تعقيد الوصول إلى المناطق المتضررة.
أما في الكاميرون، فقد شهدت المناطق الحدودية مع تشاد، التي تتأثر أيضًا بفيضانات نهر لوغون ونهر شاري، أضرارًا كبيرة. إذ تسببت الفيضانات في تدمير العديد من المدارس والمراكز الصحية، وأثرت بشكل كبير على النشاط الاقتصادي المحلي.
يرى الخبراء أن الحلول لمواجهة هذه الأزمات تتطلب جهودًا منسقة لتخفيف آثار التغير المناخي، وتحسين البنية التحتية، والامتثال للمعايير البيئية والبناء بشكل يحترم الطبيعة الجغرافية للمنطقة.
ويقول أستاذ الجغرافيا موسى مالام عبدو من جامعة أندري ساليفو في زيندر لبي بي سي، إن الحلول الشاملة يجب أن تشمل تعزيز قدرة التربة على امتصاص المياه، وإقامة منشآت فعالة لتصريف المياه، وتقليل الانبعاثات الغازية التي تساهم في تفاقم التغير المناخي.