أعادت المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد خلال اليومين الماضيين استجواب الوزير الأول الموريتاني الأسبق محمد سالم ولد البشير ووزير البترول والطاقة الطالب ولد عبدي فال حول رسالة ألكترونية بعثتها شركة “جيو سولار” الصينية المختصة في مجال الطاقة عام 2013، هذه الرسالة التي عاد النقاش حولها وصلت للبريد الألكتروني لولد البشير،إبان توليه إدارة الشركة الموريتانية للكهرباء “صوملك” مع نسخة لمدير الكهرباء وقتها الداه سيدي بونه، وتخاطب من خلالها المسؤولة التجارية الوزير ولد عبدي فال.
تعليق ولد البشير على الرسالة الألكترونية
قاضي الجلسة استدعى ولد البشير الذي قال إنه تفاجأ من هذه الضجة لأن هذا البريد الألكتروني مذكور في محاضر الاستماع إليه، موضحا أنه في منتصف يناير من كل سنة يتم تنظيم معرض دولي للطاقات المتجددة في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة.
وأضاف “بخصوص معرض 2013 أبلغت بتاريخ 20 دجمبر 2012 زميلي في ذلك الوقت : مدير الكهرباء ومدير البرمجة والمتابعة والتعاون بوزارة البترول والطاقة والمعادن، وأخبرتهم بنيتي حضور هذا المعرض، لأنهم من يتولون تسجيلنا بواسطة الأنترنت كمشاركين”.
وأكد أنه على هامش هذا المعرض التقوا بشركة “جيو سولار” وكان هذا اللقاء موضوع البريد الألكتروني بتاريخ 10 يناير 2013 والذي كان موضوع نقاشات مطولة أمام محكمتكم الموقرة، حسب تعبيره.
وقال ” ولتجنب أية مجادلات جديدة حول من حضر هذا للقاء ومن بقي حتى نهايته، أود فقط أن أذكركم بأن معالي الوزير(يقصد ولد عبدي فال) قال خلال الاستماع إليه أمام الضبطية القضائية (الصفحة 243) في المحضر الموجود أمامكم أن اللقاءات جرت بحضور المدير العام لصوملك وممثل الوزارة مدير الكهرباء الذي يعتبر سلطة الوصاية الإدارية على صوملك،
وأكد أنه لم يكن هنالك أية لقاءات أخرى بين مدير صوملك حينها (أي أنا) وشركة جيوسولار ولم يجمع بينهما إلا هذا للقاء”، مشددا على أنه لم يلتق مجددا بأي طرف في الشركة الصينية، وموضحا أن
البريد الألكتروني موجه في نفس الوقت إليه وإلى مدير الكهرباء بوزارة البترول والطاقة والمعادن من طرف شركة جيوسلار بتاريخ 16/1/2013 في الساعة السادسة وأثنتين وخمسين دقيقة مساء بالتوقيت العالمي.
وأشار أن الإيميل أرسل بصفة متزامنة إليه وإلى مدير الكهرباء في الوزارة والذي حضر الاجتماع المشار إليه أعلى في أبو ظبي والذي يعتبر أيضا سلطة الوصاية على صوملك وكان من المنطقي أن افترض أنه أحاط الوزير علما بالإيميل، وفق تعبيره.
وقال إنه تعود من أجل تجنب المحاولات المتعددة لقرصنة الحسابات الالكترونية أن أقوم بإرسال الإيميلات التي تصلني إلى عنوان بريدي آخر، ومن أجل أن أقوم بطباعة هذا الإيميل قمت باحالته إلي حساب شخصي لي فتحته خلال تولي منصب الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية. كما أن المرفقات التي تصاحِبُهُ (العرض الفني والمالي لشركة جوي سولار) هي نفسها التي توجد أمامكم في الملف من الصفحة 1813 إلى الصفحة 1832)
وأشار أن هذه الضجة “مفتعلة الآن وبالتحديد في هذه المرحلة من المحاكمة بشأن بريد ألكتروني مذكور في تصريحاتي الموجودة في الملف المنشور أمامكم، لا هدف لها سوى لفت انتباه محكمتكم الموقرة عن عنصرين أساسيين في هذا الملف :
أولهما هو الرسالة رقم 121 بتاريخ 30 يناير 2013 والمرقمة في الملف المفتوح أمامكم تحت الرقم 1752 والتي تم توجيهها من طرف وزير البترول والطاقة والمعادن إلى المدير العام لشركة صوملك وما يترتب على توقيع هذه الوثيقة من تبعات قانونية وشرعية.
أما العنصر الثاني الذي يراد لفت انتباهكم عنه بهذه الضجة المفتَعَلة فهو اتفاقية انتداب رب العمل رقم 02/2013 الموقعة بتاريخ 31 يناير 2013 بين الدولة الموريتانية ممثلة بوزير البترول والطاقة والمعادن ووزير المالية، من جهة وشركة صوملك ممثلة بمديرها العام من جهة أخرى والتي تتضمنها الصفحات من 1801 إلى 1834 من الملف المفتوح أمامكم. و تتضمن هذه الاتفاقية العرض المالي والعرض الفني المقدمين من طرف شركة جوي صولار والملحقين أصلا بالايميل موضوع الضجة”.
الطالب عبدي فال يرد ويتهم ولد البشير بالتهرب من المسؤولية
الطالب عبدي فال من جهته قال إن الإيميل محل الجدل لم يسبق له الحديث عنه، وأن تدخله جاء بعد استشارة من فريق الدفاع عنه طلب منه التعقيب عليه، متطرقا في بداية حديثه إلى أن مداخلة المدير الأسبق لصوملك محمد سالم ولد البشير لم تتطرق للرسالة المذكورة وأن الإيميل لم يكن هو الموضوع، حسب تعبيره.
وأشار ولد عبدي فال أن المحامي محمد الأمين ولد أباه، المكلف بالدفاع عن ولد البشير استظهر بهذا الإيميل لإثبات أو تأكيد علاقة شخصية أو “حميمية” بين الطالب عبدي فال والمديرة التجارية للشركة الصينية بعد ورود كلمة dear في الرسالة، طالبا نسخة من رسالة الإيميل من المحكمة.
وترجم ولد عبدي فال محتوى الرسالة وقال إن موضوع الإيميل هو رد على رسالة سابقة تتعلق بأسعار ومواصفات الأعمدة المخصصة لإنارة محاور طرقية بالعاصمة نواكشوط، مشيرا إلى أن الرسالة تضمنت اسم الطالب فال وهذا ليس اسمه الحقيقي ولو كان تبادل معهم المعلومات لكتبوا اسمه بطريقة صحيحة، وفق تعبيره.
وقال ولد عبدي فال إنه لاحظ إن المدير السابق لصوملك محمد سالم ولد البشير لا يتحمل مسؤولية أي شيء، إما أن يحمل المسؤولية للوزير أو المدير المساعد، مشددا أن لا علاقة شخصية ولا معرفة بينه مع “جيو سولار” ولا الوزارة، كما أن الأمر أوضحه مدير الكهرباء الداه ولد سيدي بونه في شهادته حول عدم علاقة الوزارة بصفقات صوملك، حسب تعقيب الطالب عبدي فال.
وختم تعقيبه بما أسماه مجموعة من الأدلة منها ماذكره مدير الأشغال في صوملك أنذاك الشيخ ولد باب للضبطية القضائية، حول تعليمات تلقاها من مدير صوملك ومساعده بالذهاب للقصر الرئاسي ومعاينة معدات وتركيبها ودليل آخر يتعلق برسالة من مدير صوملك 2013حول التجربة ، والتقرير النهائي للجنة البرلمانية من الصفحة 157 إلى 162 والذي يقول إن تعليمات المناقصة كانت شفهية ومقابلة للرئيس السابق سنة 2014 في نواذيبو يتحدث فيها عن المناقصة.
وتشهد موريتانيا منذ 8 أشهر أشهر محاكمة فساد هي الأولى من نوعها لرئيس موريتاني ومجموعة من معاونيه خلال توليه رئاسة البلاد شهدت لأول مرة تدافعا للمسؤولية وتبادل الاتهامات بين المشمولين في الملف محمد سالم ولد البشير والطالب ولد عبدي فال، وستواصل المحكمة خلال الأسبوع المقبل استجواب المدير الأسبق لصوملك محمد سالم ولد ابراهيم فال الملقب “المرخي”.