إبراهيم الهاشمي – نيامي (صحراء ميديا)
دخلت الإدارة الأمريكية على خط الأزمة في النيجر، اليوم الاثنين، لتفادي انزلاق البلد الأفريقي الهش نحو الفوضى، في ظل تلويح مجموعة (إيكواس) بالتدخل العسكري، وهرولة قادة الانقلاب العسكري نحو الاستعانة بمجموعة (فاغنر) الروسية.
الولايات المتحدة، بالإضافة إلى فرنسا، هما أكبر شريكين عسكريين للنيجر، ولكن فرنسا بصفتها قوة استعمارية سابقة، تواجه موجة غضب عارمة، ولا يرى فيها الانقلابيون وسيطًا ناجعًا بسبب موقفها الرافض للانقلاب، ودعمها لتوجهات مجموعة (إيكواس).
أمَّا الولايات المتحدة فقد أوضحت حكومتها ضرورة “حل دبلوماسي” للأزمة، ينقذ البلد من سيناريوهات أخرى لا تخدم المصالح الغربية، أخطرها دخول مجموعة “فاغنر” الروسية البلد الغني باليورانيوم.
Traveled to Niamey to express grave concern at the undemocratic attempts to seize power and urged a return to constitutional order.
— Under Secretary Victoria Nuland (@UnderSecStateP) August 7, 2023
التحرك الأمريكي
وفي أول تحرك أمريكي علني، زارت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند، اليوم الاثنين، العاصمة النيجرية نيامي والتقت القادة العسكريين، دون أن تشير إلى إحراز “تقدم فوري” نحو تسوية سلمية للأزمة.
وقالت نولاند في تصريح للصحافيين عبر الهاتف من نيامي، إنها التقت على مدى أكثر من ساعتين كبار القادة العسكريين في البلاد، مشيرة إلى “هذه المحادثات كانت في غاية الصراحة واتسمت أحيانا بالصعوبة”.
وأضافت: “كانت هذه أول محادثات تعرض فيها الولايات المتحدة مساعيها الخيرة، في حال وجدت رغبة لدى الأشخاص المسؤولين عن هذا الوضع، للعودة إلى النظام الدستوري”.
ولكن المسؤولة الأمريكية أشارت إلى أن العرض لم يلق قبولا، دون أن تعطي تفاصيل أكثر، مكتفية بالقول إنها التقت الجنرال موسى سالو بارمو، الذي عينه الانقلابيون رئيسا جديدا لهيئة أركان الجيوش.
وكشفت أن الانقلابيين رفضوا طلبها بلقاء قائدهم الجنرال عبد الرحمن تياني، كما لم يستجيبوا لطلب لقاء الرئيس المحتجز محمد بازوم، علما بأن مسؤولين أميركيين تواصلوا هاتفيا مع الأخير.
خطر فاغنر
في سياق حديثها عن فحوى التباحث مع الانقلابيين في النيجر، قال نولاند إنها عرضت “عددا من الخيارات” لإنهاء الانقلاب، إلا أنه كان من الواضح أن الانقلابيون لا يريدون المضي قدما في اتجاه فشل الانقلاب.
في غضون ذلك، أكدت المسؤولة الأمريكية أنها أوضحت العواقب على العلاقات مع الولايات المتحدة إذا لم يعمد الانقلابيون إلى إعادة السلطة لبازوم، أو إذا اقتدوا بدول الجوار في التعاون مع مرتزقة مجموعة (فاغنر) الروسية.
وتابعت في حديثها مع الصحافيين، قائلة: “آمل أن يبقوا المجال مفتوحا أمام الدبلوماسية. لقد قدمنا ذاك الاقتراح. سوف نرى”.
وقالت إن بارمو (قائد أركان جيش النيجر الجديد)، مطلع بشكل جيد على التعاون مع الولايات المتحدة من خلال انخراطه في الماضي مع القوات الخاصة.
وخلصت المسؤولة الأمريكية إلى أن قادة انقلاب النيجر “يدركون جيدا جدا المخاطر التي تتهدد سيادتهم عندما تدعى فاغنر” إلى البلاد.
Acting Deputy Secretary Nuland @UnderSecStateP visited Niger to underscore what is at stake if constitutional order is not restored, including the potential loss of hundreds of millions of dollars in assistance. https://t.co/bNniCPKNPC
— Matthew Miller (@StateDeptSpox) August 8, 2023
أمل أمريكي
في سياق متصل قال متحدث باسم الخارجية الاميركية في واشنطن، إن إنهاء أزمة الانقلاب في النيجر بالسبل الدبلوماسية لا يزال ممكنا.
وصرح المتحدث ماثيو ميلر للصحافيين “لا يزال الأمر ممكنا. نعتقد أن على المجلس العسكري أن ينسحب ويسمح للرئيس (محمد) بازوم باستعادة منصبه”.
وتأتي هذه التصريحات بعد وصول مساعدة وزير الخارجية الأميركي إلى نيامي، في إطار الوساطة الأمريكية لنزع فتيل الأزمة في النيجر.
ورغم أن الأمريكيين لم يكشفوا الخيارات التي طرحوا على طاولة الانقلابيين، إلا أنهم عبروا عن أملهم وهم ينتظرون رد قادة الانقلاب.
الوجود الأمريكي
يصل الدعم الأمريكي السنوي للنيجر إلى 100 مليون دولار، تأتي ضمن برامج تنموية وأمنية، كما ينخرط أفراد من القوات الخاصة الأمريكية في تدريب وتكوين القوات الخاصة في النيجر، وسبق أن قتل جنود أمريكيون في النيجر على يد “داعش”.
كما أن الأمريكيين منحوا النيجر مؤخرًا كميات كبيرة من العتاد والأسلحة من بينها طائرات عسكرية، تسلمت آخرها مطلع العام الجاري.
وسبق أن شيد الأمريكيون قاعدة جوية شمالي النيجر، بالقرب من مدينة أغاديز، خصصت لنشر طائرات بدون طيار مسلحة، بدأت أولًا تراقب منطقة الصحراء الكبرى، قبل أن يتم تسليحها بإذن من حكومة النيجر.
وتشير بعض التقارير إلى أن عدد القوات الأمريكية في النيجر وصل إلى 800 جندي، ينتشرون تحت ذريعة مواكبة القوات النيجرية فيما بات يعرف بـ “الحرب على الإرهاب”.