إبراهيم الهاشمي: نيامي – “صحراء ميديا”
دعت منظمات مدنية وأحزاب سياسية وجمعيات دينية سكان نيامى، عاصمة النيجر، إلى التظاهر مجددا لتأييد المجلس العسكري الذي استولى على السلطة بالقوة في السادس والعشرين من الشهر الماضي، وللتعبير عن رفضهم للتدخلات الإقليمية والدولية في شؤون بلادهم الداخلية.
يأتي هذا التحشيد الشعبي غداة إعلان المجلس العسكري إغلاق المجال الجوي، واتهامه “دولة عظمى” ودولًا في المنطقة بالاستعداد لشن عدوان على بلادهم، مع انتهاء مهلة حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، للإفراج عن الرئيس المعزول محمد بازوم وتمكينه من استئناف مهامه كرئيس للبلاد، والعودة إلى النظام الدستوري.
ستُقام خلال هذه المظاهرات “صلاة جماعية للدعاء من أجل أن يحفظ الله النيجر”، وفق ما ذكرت لـ “صحراء ميديا” مصادر قريبة من المنظمين.
هدوء حذر
في شوارع مدينة نيامي، بدت حركة السير في أول يوم بعد انتهاء مهلة (إيكواس)، أقل مما تكون عليه في الظروف العادية، وقال تاجر في سوق نيامى إن “الكثيرين غادروا العاصمة نحو المدن الأخرى والقرى، تحسبا لما قد يحدث، ولتأمين عائلاتهم”.
وأضاف آخر كان يتبضع خشية حدوث نقص في المواد الأساسية، إذا ما دخلت بلاده في حرب مع بعض جيرانها “ندعم المجلس العسكري ونفضل حتى أن يبقى دائما معنا، وقرارات منظمة (إيكواس) غير صائبة وبدون وجه حق”.
ثم تساءل المواطن: “لماذا يتدخلون في شؤننا ويهددون بغزو بلدنا”.
مواطن آخر يرى الأمور من زاوية مختلفة، وهو يقول لـ “صحراء ميديا” إنه يعتقدُ أن الانقلاب العسكري “تطور ايجابي وحدوثه طبيعي، ولم يفاجئنا بالنظر إلى معاناة المواطنين، إنه شيء جيد للنيجر”.
أغلبية صامتة
مع أن الصوت المسموع بقوة في نيامي، هو هتافات وخطب قادة سياسيين وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، مناوئين لنظام الرئيس المعزول محمد بازوم ورافضين للانتشار العسكري الفرنسي في النيجر، بيد أن هذا لا ينفي وجود تباين في الآراء وانقسام في الشارع بشأن المهلة التي حددتها منظمة (إيكواس).
يقول صحافي في موقع محلي طلب عدم الكشف عن اسمه “غالبية الشعب ترى في الانقلاب تحركا عبثيا، وردة عن الديمقراطية، لكن هذه الأغلبية صامتة بسبب المضايقات التي تعرضت قيادات حزب الرئيس المخلوع محمد بازوم”.
ويؤكد الصحافي أن هذه الأغلبية الصامتة “تتوجس من أن تقع تحت قمع شديد مع إحكام العسكريين المتمردين على الشرعية قبضتهم على السلطة”، حسب تعبيره.
وشدد مؤيد للرئيس بازوم على أن الانقلاب يضع مستقبل (إيكواس) على المحك، كما أنه امتحان للديمقراطية في غرب أفريقيا، ويضيف أنه إذا لم تنفذ (إيكواس) تعهداتها بإفشال الانقلاب العسكري “ستسقط جميع الحكومات المنتخبة في المنطقة مع تعطش الضباط للسلطة والمال والظهور”.
في المقابل تعتقدُ جمعيات مؤيدة للانقلاب العسكري أن مهلة (إيكواس) لا تزيد على كونها “مجرد ابتزاز” وهي “تدافع عن مصالح فرنسا فقط”.
كيل بمكيالين
موظف حكومي من بين المتسوقين، قال لـ “صحراء ميديا” لإنه من غير المفهوم أن ما حدث في النيجر حدث نفسه في عدة بلدان أخرى، وقالوا لنا إن (إيكواس) ستفرض عقوبات وستتدخل، وهو ما لم يحدث أبدًا.
قبل أن يتساءل: “لماذا هذه الإجراءات لم تتخذ ضد مالي وبوركينافاسو، وهما في حالة مشابهة لنا”.
رغم ذلك يظهر آخرون عدم الاكتراث بانتهاء المهلة: “لا تهمنا في شيء هذه التهديدات لسبب بسيط؛ هو أن عددا آخر من الدول الأفريقية يدعم النيجر؛ مثل مالي وبوركينافاسو وغينيا والجزائر وموريتانيا”، حسب زعمه.
تعزيزات عسكرية
وأمام تضييق الخناق خارجيًا على الانقلابيين في النيجر، علمت “صحراء ميديا” من مصادر متطابقة، أن المجلس العسكري أرسل تعزيزات عسكرية للحدود مع نيجيريا وبنين، تحسبا لأي تدخل خارجي محتمل مع نهاية مهلة (إيكواس).
في غضون ذلك، تتواصل المساعي لتمديد المهلة وإفساح المجال أمام استمرار الجهود الدبلوماسية للتوصل لحل سياسي لأزمة انقلاب النيجر.
وكشف مصدر لـ “صحراء ميديا” عن زيارة محتملة اليوم لرئيس الاتحاد الافريقي رئيس جمهورية جزر القمر إلى نيجيريا.
واضاف المصدر أنه بناء على المباحثات التي سيجريها في أبوجا، سيتقرر ما إذا كان سيتوجه أيضا إلى النيجر للاجتماع بالانقلابيين، وربما بالرئيس المحتجز محمد بازوم.
وبحسب نفس المصادر سيعقد رؤساء منظمة (إيكواس) قمة جديدة لمناقشة الخطة التي أعدها القادة العسكريون، والموافقة عليها قبل أي تدخل في النيجر.