داكار: صحراء ميديا ـ ابراهيم الهريم
أعلن الرئيس السنغالي ماكي صال، عن تاريخ انطلاق الحوار السياسي بين “القوى الحية” في البلاد، خلال اجتماع مجلس الوزراء أمس الأربعاء.
وقال صال إنه سيرأس في 30 مايو الجاري الحوار الذي يسعى من خلاله إلى “بناء تفاهم مستمر” حول مستقبل البلاد والقضايا الوطنية.
وجاء في البيان الصادر عن مجلس الوزراء، أن “الرئيس ماكي صال قرر بدء الحوار مع ممثلين عن الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، والقيادات الدينية والشباب والنساء، من أجل تبادل الأفكار وبناء توافق دائم حول القضايا الكبرى التي تهم الوطن ومستقبله”.
وشدد صال خلال كلمة له في الاجتماع الأسبوعي لحكومته، على أهمية الحوار مع القوى الحية في البلاد، من أجل بناء سلام واستقرار دائمين، يتماشيان مع رؤيته “للسنغال المتطور” بحلول 2035.
وكان صال عبر، بمناسبة عيد الفطر الماضي، عن نيته فتح حوار مع كافة الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني في السنغال، وهي الدعوة التي لاقت ردود فعل متباينة، خصوصا لدى المعارضة، التي انقسمت حيالها.
انقسام المعارضة
في وقت اعتبر شق من المعارضة السنغالية أن “الحوار مجرد هزلة لشغل الرأي العام السنغالي” عن ما هو أهم، رآى شق آخر الحوار فرصة لاجتماع السنغاليين حول طاولة واحدة، ونقاش قضايا تهم مستقبل البلاد، وإيجاد حلول توافقية للمشاكل التي تواجهها البلاد.
كما انقسم أبرز ائتلاف سياسي في البلاد، الذي يقوده حزب باستيف، برئاسة عثمان سونغو، حول المشاركة في الحوار، حيث أبدت قيادات بارزة في هذا الائتلاف، كعمدة مدينة داكار بارتيليمي دياز وخليفة صال، ليونة حيال مشاركتها في الحوار مع بعض الشروط التي تتعلق بالمواضيع والقضايا ذات الأولوية، بينما التزم عثمان سونكو بموقفه الراديكالي الرافض للمشاركة.
أما حزب الرئيس السابق عبدولاي واد “الحزب الديموقراطي السنغالي”، فقد اعتبر أن الحوار يشكل “فرصة”، واضعا بعض الشروط للمشاركة فيه، من أبرزها إعادة النظر في المتابعات القضائية بحق نجل الرئيس السابق كريم واد، والذي حكم عليه عام 2015 بالسجن 5 سنوات، بسبب تهم تتعلق بالفساد، وسُلب حقوقه المدنية، قبل أن يعلن الرئيس ماكي صال مؤخرا عن العوف عنه، وإعادة هذه الحقوق إليه.
المأمورية..
الحوار السياسي الذي أعلن عنه صال يأتي في وقت تشهد فيه السنغال توترا سياسيا بسبب عدم إفصاحه عن موقفه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة، ووسط توتر أمني بسبب محاكمة عمدة زيكنشور في 23 مايو الجاري، في قضية اغتصاب وتهديد بالقتل، أدخلت البلاد منذ 2021، في دوامة من المظاهرات والاشتباكات مع أنصار المرشح السابق للرئاسيات، ومن المنتظر أن يبت فيها القضاء فاتح يونيو المقبل.
ويرى أستاذ التاريخ مصطفى كامار، في مقال نشره اليوم الخميس، في صحيفة لوكوتيديان السنغالية أن “الحوار السياسي محكوم عليه بالفشل، ما دام صال يواصل مسلسل التشويق الذي بدأه حيال ترشحه لولاية رئاسية ثالثة”.
وقال كامارا إن السنغال ليست لديها مشاكل اقتصادية، أو خلافات عرقية ودينية، من الممكن أن تدخل البلاد في حرب أهلية، فالمشكل كما يقول الكاتب السنغالي، “سياسي” بحت.
ويضيف: “التوجه السياسي للبلاد، واستخدام السياسية من أجل النفوذ المجتمعي وتحصيل المال، هو المشكل الحقيقي لبلادنا، إن طريقة الحكم وطريقة ممارستنا للسياسة وسلوك سياسيينا، هي سبب ما نعيشه اليوم من توترات سياسية واجتماعية”.
ودعا الكاتب السنغالي في مقاله إلى عقد “جلسات حول الحكامة”، من أجل إعادة بناء طريقة الحكم في السنغال على أسس جديدة، وذلك عبر “تعديلات سياسية ومؤسسية عميقة، سعيا إلى مواءمة مؤسساتنا التي ماتزال تعمل بالنظام الذي خلفه المستعمر، مع واقعنا اليوم”.