دعا الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الجمعة، إلى الوقوف في وجه ما سماه «النفس القبلي المتصاعد» في البلاد هذه الأيام، والذي اعتبر أنه ينافي منطق الدولة الحديثة.
ولد الغزواني الذي كان يلقي خطاب افتتاح مهرجان مدائن التراث من مدينة وادان التاريخية، خصص بداية خطابه للحديث عن الأوضاع الاجتماعية في البلاد، والظلم الذي تعرضت له فئات اجتماعية معينة، في إشارة ضمنية إلى الصناع التقليديين.
وقال ولد الغزواني إن هذه الفئات الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في صمود المدن القديمة، وأضاف: «إن مما يحز في نفسي كثيرا ما تعرضت له هذه الفئات في مجتمعنا تاريخيا، من ظلم ونظرة سلبية».
وأوضح الرئيس الموريتاني في السياق ذاته أن هذه الفئات «في ميزان القياس السليم ينبغي أن تكون على رأس الهرم الاجتماعي، فهي في طليعة بنات الحضارة والعمران، وهي عماد المدنية والابتكار والإنتاج».
وأكد ولد الغزواني أنه «قد آن الأوان أن نطهر موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع، وأن نتخلص نهائيا من تلك الأحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة وتصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة والقانون والمواطنة»، وفق تعبيره.
ودعا ولد الغزواني الموريتانيين إلى «تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي، وإلى تطهير الخطاب والمسلكيات من تلك الأحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة».
وتأتي تصريحات الرئيس الموريتاني بعد جدل واسع يدور في موريتانيا حول حوادث تتعلق بالتنمر على فئة الصناع التقليديين، أثارت الكثير من التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.
خطر القبلية
من جهة أخرى، دعا ولد الغزواني الموريتانيين إلى «الوقوف في وجه النفس القبلي المتصاعد هذه الأيام، والمنافي لمنطق الدولة الحديثة، ولما يقتضيه الحرص على الوحدة الوطنية وكذلك لمصلحة الأفراد أنفسهم».
وأكد الرئيس الموريتاني في خطابه المحذر من القبلية أنه «ليس ثمة ما هو أقدر على حماية الفرد وصون كرامته وحقوقه من وحدة وطنية راسخة في كنف دولة قانون حديثة».
وقال إنه يجدد التأكيد على أن «الدولة ستظل حامية للوحدة الوطنية ولكرامة وحرية ومساواة جميع المواطنين بقوة القانون وأيا تكن التكلفة، كما أنها لن ترتب حقا أو واجبا على أي انتماء إلا الانتماء الوطني».
وسبق أن أصدرت السلطات الموريتانية قرارا بمنع التجمعات القبلية، ولكن خلال الأشهر الأخيرة تزايدت وتيرة هذه الاجتماعات وحظيت بتغطية واسعة في الإعلام المحلي.
مهرجان تنموي
ولد الغزواني اختتم خطابه بالحديث عن المهرجان، وقال إنه سبق أن تعهد بأن لا يتحول المهرجان إلى «هدف في حد ذاته ينتهي أثره بانتهاء فعالياته»، مشيرا إلى أن الحكومة لتنفيذ هذا التعهد أجرت «مراجعة شاملة لأساليب وأهداف المهرجان».
وأضاف أن التحضير لهذه النسخة خصصت له ميزانية تزيد على 3 مليارات أوقية قديمة، موضحا أنها وجهت إلى «تمويل مشاريع تنموية متنوعة، تساهم في تحسين النفاذ إلى الخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء وتعليم، وفي فك العزلة ودعم التنمية الزراعية والحيوانية، وغير ذلك مما يساهم في ترقية المدينة ومحيطها».
وأكد أن الهدف هو تأسيس «تنمية محلية منسجمة مع الخصوصية التراثية» لمدينة وادان.