نواكشوط ـ سعيد ولد حبيب
يراقب الموريتانيون، أصحاء ومرضى باهتمام بالغ مصير الخلاف بين أطباء بلدهم، والذي بات ينذر بأسوأ تهديد من نوعه لقطاع الصحة في موريتانيا.
ويخشى الكثير من المرضى خصوصا أولئك الذين ينتظرون إجراء عمليات جراحية من تطور الأزمة بين الأطباء إلى اضطرابات متواصلة، قد تؤدي إلى تأجيل أو إلغاء عمليات جراحية مستعجلة ما يعني المزيد من المعاناة.
وجاء إعلان نقابة أساتذة التعليم العالي الاثنين شن إضراب عام عن التدريس لمدة ساعتين، في جميع الكليات ومؤسسات التعليم العالي على خلفية اعتقال أربعة من أساتذة كلية الطب إثر شكوى من عميدها الدكتور سيدي أحمد ولد مكي، ليزيد من مخاوف المواطنين جراء الأزمة التي بدأت كجرح بسيط، لكنها أصبحت مثل ورم خبيث، يهدد بنسف صحة الجميع، بحسب تعبير أحد المواطنين يتعالج في المستشفى الوطني منذ مدة.
وفيما يواصل أربعة أطباء من النقابة احتجاجهم من داخل مخفر، استدعت الشرطة الموريتانية الدكتور سيد حمد ولد مكي على خلفية الأزمة القائمة.
وكانت الشرطة أوقفت الأطباء الطيب ولد محمد محمود الأستاذ بكلية العلوم وجراح الأعصاب البروفسير سومري أوتوما، واختصاصي أمراض النساء والتوليد البروفسير سيدي ولد إسلم، والجراح البروفسير عثمان ولد امحيحم، رئيس فرع كلية الطب بنقابة التعليم العالي.
واتهمت النقابة الوطنية للتعليم العالي في بيان أصدرته السبت الماضي سيدي أحمد ولد مكية بـ “دهس جماعة من الأساتذة كانت تشارك وقفة احتجاجية، بسيارته رباعية الدفع “وجاء في البيان أن الحادث “أدى إلى إصابة أحد الأساتذة” وأن المعني “لم يكتف بهذا العمل الشنيع، وإنما هدد الجميع باستخدام سلاحه الشخصي، إذا لم يغادروا كليته ـ على حد قوله ـ واصفا إياهم بالسفلة و العبيد والزنوج” وفق نص البيان الذي تلقت (صحراء ميديا) نسخة منه.
وطالبت النقابة الوطنية للتعليم العالي من السلطات العليا “النظر في أسباب هذه التصرفات” التي وصفتها بـ “المتغطرسة” مؤكدة أن “الحل الصحيح لمشكلة كلية الطب يكمن فى تطبيق القانون” داعية “السلطات العليا للبلد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية القانون، و تطبيقه على مختلف مؤسسات التعليم العالي“.
وفي السياق ذاته أعلنت مجموعة من أساتذة التعليم العالي اليوم الاثنين تأسيس نقابة جديدة للتعليم العالي أطلقوا عليها اسم الاتحاد المهني للتعليم العالي، وقالت النقابة الجديدة في بيان التأسيس، الذي تلقت صحراء ميديا نسخة منه، “أنهم شكلوا، مكتبا مؤقتا عهدوا إليه متابعة كل الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاعتراف بالنقابة ـ واتهم بيان النقابة زملائهم في نقابة أساتذة التعليم العالي بالقيام بتصرفات والانشغال عن العريضة المطلبية لأساتذة التعليم العالي، والقيام بمبادرات لا تخدم العمل النقابي” حسب البيان.
بدورهم قال الأطباء الممارسون في المستشفيات الوطنية إنه “باسم هيئة التدريس في كلية الطب و باسم كل دفعات الأطباء المختصين الذين تكونوا في معهد التخصصات الطبية الوطني تحت رعاية و إشراف أستاذ سيد أحمد ولد مكي و الذين يعملون الآن في مختلف جهات الوطن، فإننا نتقدم إلى الرأي العام لنعبر عن شجبنا التام للاعتداء الجسدي و المعنوي الذي تعرض له عميد كلية الطب الأستاذ سيد أحمد ولد مكي صبيحة يوم 9/12/2009 بمقر كلية الطب البشري”
وأوضح بيان الأطباء الذي جاء للتعبير عن استنكاره لما تعرض له ولد مكي أنهم يودون “إنارة الرأي العام الوطني، بأن هذا التصرف يمثل خطوة متقدمة في مسلسل من الخطوات الرامية إلى عرقلة استمرار هذه الكلية الناشئة، التي تمثل مشروعا استراتيجيا للدولة الموريتانية يعول عليه في تحسين أداء القطاع الصحي في بلادنا” حسب البيان.
وأضاف الأطباء أنه “رغم تاريخ عميد هذه الكلية العريق في التعليم الطبي والجراحة وتكوين الأخصائيين، و الذي أخذ على عاتقه مسؤولية إنشاء هذه الكلية منذ سنوات عديدة مضحيا بكل وقته ومستغلا كل علاقاته في الأوساط الطبية الوطنية والدولية لتوفير أحسن تكوين ممكن لطلابه، رغم كل هذا الجهد المشكور فإن ذلك لم يشفع له في أن يكون عرضة لاعتداء غادر ممن يزعمون للأسف أنهم ينتمون إلى الوسط الطبي أو الوسط التدريسي” حسب تعبير البيان.
وطالب البيان من وصفهم “السلطات الموريتانية المعنية بالمسارعة باتخاذ الإجراءات الضرورية لإنصاف و إعادة الكرامة و الاعتبار إلى عميد كلية الطب”.