
اعتبر محمد ولد مولود، رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض والقيادي في منسقية المعارضة الديمقراطية بموريتانيا، أنه إذا عاد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى “وضعيته العادية” في إدارة البلاد والتشبث بالسلطة، فلا شيء يمنع المنسقية من “العودة إلى استراتيجيتها” المطالبة برحيله عن السلطة.
وقال ولد مولود؛ في مقابلة مطولة مع صحراء ميديا، إن “المنسقية تخلت عن استراتيجيتها الأولى بسبب عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه لأسباب صحية، وإذا عاد إلى وضعيته العادية فلا شيء يمنع المنسقية من العودة بدورها إلى مربع المطالبة برحيل النظام”، وفق تعبيره.
وأشار ولد مولود إلى أن المنسقية كانت تطالب بكشف طبي لوضعية الرئيس الموريتاني مؤكداً أنها لم تتجاوز ما وصفه بحدود الموضوعية، “فقد اعتبرنا أنه في الوضع القائم هناك فراغ وهناك عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه، وهذا الواقع مازال قائماً ولا يمكن أن يعترض عليه أي أحد”.
وقال ولد مولود إنه “من المبالغة الجزم بأن الدولة تسير بشكل عادي، وكأن غياب الرئيس ليست له تأثيرات، أو كأن الرئيس ليس له دور محوري في تسيير البلاد”، معتبراً أن “الوضع غير عادي وأن الحكومة متوقفة والإدارة متوقفة والأمور كلها متوقفة”.
وأشار إلى ما عبر عنه ب”هجرة سفن التموين لميناء نواكشوط، بسبب عدم الاطمئنان للوضع في موريتانيا”، على حد وصفه.
نص المقابلة:
صحراء ميديا: أعلنتم في منسقية المعارضة منذ مدة عن شغور المنصب الرئاسي، ولد عبد العزيز يهاتف السياسيين ويلتقي رؤساء الدول.ز التقى الرئيس النيجري قبل يومين، واليوم التقى الرئيس الفرنسي هولاند.. ويؤكد أنه سيعود يوم السبت القادم ؟
محمد ولد مولود: منسقية المعارضة طالبت بكشف صحي عن حالة الرئيس، ولو توفر ذلك لحسم الموضوع فيما يعني قدرته على مزاولة مهامه، ولكن إحجام الأطراف المعنية عن نشر هذا الكشف الطبي يثير الكثير من الشكوك حول وضعيته الصحية.
نحن لم نتجاوز حدود الموضوعية فقد اعتبرنا أنه في الوضع القائم هناك فراغ وهناك عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه، وهذا الواقع مازال قائماً ولا يمكن أن يعترض عليه أي أحد.
بالطبع هذا لا يعني أنه لا يمكن لرئيس الجمهورية في وضعيته في المستشفى أن يقابل أحداً أو أن يتكلم في الهاتف أو شيء من هذا القبيل، نحن ما نتكلم عنه هو عدم قيامه بمهامه، مهام رئيس الجمهورية الآن مهام متروكة ومهملة وهذا ما نعترض عليه وما نعتبره غير مقبول ولا يمكن القبول باستمراره.. فقط.
صحراء ميديا: ما المشكلة في استشفاء الرئيس خارج البلاد ما دامت الدولة تسير كما كانت تسير قبل إصابته أو كما يبدو، وهو مرجو الشفاء وقد شفي برأي الرأي العام الذي شاهده اليوم يسير على قدميه ويتحدث للصحافة؟
محمد ولد مولود: أظن أنه من المبالغة أن يجزم أحد أن دولة تسير بشكل عادي وأن الأمور تسير بشكل عادي وكأن غياب الرئيس ليست له تأثيرات، أو كأن الرئيس ليس له دور محوري في تسيير البلاد، الواقع أن الوضع غير عادي وأن الحكومة متوقفة والإدارة متوقفة والأمور كلها متوقفة، لأنها كانت تعتمد على إدارة وقرارات رئيس الجمهورية وبغيابه أصبحت الدولة في تعطل؛ ولا شيء أدل على ذلك من أن مجلس الوزراء لم ينعقد منذ شهر ونيف؛ تقريبا خمسة أسابيع.. هذا وضع عادي في نظركم ؟!
إضافة إلى أن حالة الفراغ هذه تمثل خطراً كبيراً على الدولة وعلى مصالح مواطنيها، لأنها تفتح أبواباً عديدة لمخاطر متنوعة، فعلى سبيل المثال وكما أشرت إليه البارحة في خطابي في مهرجان عرفات، شاهدوا ما يحصل الآن في ميناء نواكشوط الذي يعتبر المنفذ الوحيد لاستيراد حاجيات الموريتانيين، لقد هجرته السفن لأول مرة في تاريخنا، ليست هنالك أي سفينة تأتي بمواد أو بضاعة لتموين السوق المحلية، منذ أيام يلاحظ أن كل السفن هجرت هذا الميناء.. لماذا ؟ بما أن الممونين المحليين يعتبرون أن الوضع لم يعد مطمئناً قاموا بتحويل استيراداتهم إلى جهات أخرى أو أن الأطراف الأخرى التي كانت تريد عرض بضائع أو مواد على السوق الموريتانية اعتبروا أن الوضع غير آمن وبالتالي تحولوا إلى وجهات أخرى..!!
إذا هذا من المؤشرات الخطيرة التي تظهر أن الاستمرار في وضعية الفراغ هذه يهدد مصالحنا ويعطي للآخرين انطباعاً بأن موريتانيا في وضعية غير طبيعية وغير مطمئنة، وهذا سيؤثر على الاقتصاد كما سيؤثر حتى على الحالة الاجتماعية؛ فما يحصل هذه الأيام في الميناء يعني أن خمسة آلاف عامل كانوا يوفرون قوتهم اليومي من خلال نشاطهم في الميناء أصبحوا عاطلين لأنهم لا يتقاضون رواتب شهرية وإنما يتقاضون أجوراً يومية، وبغياب أي تموين للسوق المحلية فإنهم يصبحون عاطلين عن العمل، إذا خمسة آلاف عائلة أصبحت بين عشية وضحاها لا تجد ما تقتات به يومياً.. هذه هي البداية فقط فهنالك الحديث عن تهريب رؤوس الأموال، وهي مظاهر بسيطة وما خفي قد يكون أخطر.
إذا نحن في وضعية لا يمكن أن تستمر وغياب كشف طبي لا يمكن أن يستمر؛ ومن غير المقبول أن يقول لنا أحد أن العجز عجز مؤقت، إنه سيكون عجزا مؤقتاً إن نشر كشف طبي يظهر أن العجز مؤقت ويظهر أن ما يعاني منه الرئيس سيتخلص منه في ظرف أسابيع محددة وفي ظرف وجيز، وهذا ما يعرض عادة في الكشف الطبي فيقال في ظرف أسابيع يمكن للرئيس أن يزاول مهامه لكن هذا لم يحصل، وبالتالي لا يمكن لنا أن نقول إن العجز مؤقت، كما لا يمكن للمنسقية -ولم تقل ذلك- أن تقول إن الرئيس يعاني من كذا وكذا وأنه عاجز..
لكننا بنينا موقفنا على الوضع الموضوعي وعلى الواقع فقط وما هو حاصل، وقلنا إننا انتظرنا أسبوعاً وأسبوعين وثلاثة.. ولكن البلد لا يمكنه الانتظار وبالتالي نطلب أن يتم التوافق بين الأطراف السياسية حول صيغة وحول ميثاق ننظم به مرحلة انتقالية توافقية تنقذ البلاد من الفراغ ومن عدم الاستقرار وتقدم حلاً سياسياً لأزمة سبقت الحادثة في 13 أكتوبر.
صحراء ميديا: قدمتم مبررات للاستعجال ولكن من الناحية السياسية تبدو المنسقية وكأنها في عجلة من امرها فالرئيس إما أن يشفى ويعود لمزاولة مهامه وإما أن يصاب بإعاقة دائمة وبالتالي فلا بد من مخرج من هذه الوضعية، حالة الاستعجال؛ من الناحية السياسية على الأقل، ألا تجعل المنسقية وكأنها تريد إسقاط النظام رغم أنها غيرت الشعار إلى ملء الفراغ؟
محمد ولد مولود: أظن أن المنسقية كانت واضحة في مواقفها فهي طالبت برحيل الرئيس عن السلطة بما يعني استقالته لأنه كانت هنالك أزمة سياسية قبل الحادثة، ولكن ما حصل هو أزمة إضافية، إنها أزمة على أزمة، وفي هذه الحالة الجديدة اختارت التأني أولاً والتعاطف مع عائلة ضحية هذه الحادثة وهو رئيس الجمهورية، فأجلت كل نشاطاتها.
وفي مرحلة ثانية طالبت بالكشف الطبي الذي يصبح حقاً للشعب الموريتاني عندما يكون للوضعية الصحية تأثير على الشأن العام، الكشف الطبي ليس واجباً في الحالة العادية إذا لم يؤثر على المصلحة العامة، فنحن لا نطالب رئيس الجمهورية بأن يكشف وضعيته الصحية كل وقت أو إذا كان لا يريد ذلك، لكن عندما يكون للأمر تأثير مباشر على مصلحة البلد العليا أصبح مفروض عليه أن يقدم كشفا طبيا وإذا كان عاجزا عن ذلك فعلى القائمين على الأمر أن يقدموا هذا الكشف حتى يحسموا الموضوع: هل العجز مؤقت، هل هو عجز لفترة طويلة..
هذا يوفر لنا الوقت والعناء من الصراع حول ماهية حالة الرئيس الصحية، حول ما إذا كنا استعجلنا أم تباطأنا وإلى غير ذلك، إذا المسألة هنا هي أننا وضعنا الإصبع على النقطة الملحة التي ستمكننا من تجاوز كل التساؤلات.
ولكن من عرقل هذا، من رفض هذا ولماذا رفضه.. هذا هو السؤال وعليكم أن تطرحوه على من يعنيه الأمر، لماذا رفضوا نشر الوضعية الصحية إن كانت طبيعية، وإن كانت الحالة مؤقتة لماذا لم يكشفوا ذلك، كان بودنا لو فعلوا حتى تكون الأمور بالنسبة لنا واضحة وشعاراتنا في هذه الحالة ستكون واضحة أيضاً.
المسألة الأخرى عندما يقولون لنا إن الرئيس يزاول مهامه، فنحن نعتبر أنهم يريدون تعريض الرئيس للصراع مع المنسقية، لأن المنسقية أوقفت استراتيجيتها الماضية التي كانت تطالب فيها باستقالة الرئيس اعتبارا لاعتبارات إنسانية، وعندما يقال لها إن الرئيس يزاول مهامه وأنه مسؤول عن كل ما يحصل الآن في هذا الوضع وعن تسيير الأمور، فهذا يعني أنه نوع من تحريض المنسقية على استهداف الرئيس واستهدافه في هذه الوضعية، هل ترون لهذا مصداقية أو ترون فيه مناورة موجهة ضد المنسقية أو موجهة ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز.. هذا تساؤل !
صحراء ميديا: بوصفكم المسؤول عن الملف الدبلوماسي لمنسقية المعارضة.. هل أطلعتكم السفارة الفرنسية على جزء من الوضع الصحي للرئيس؟
محمد ولد مولود: أولاً لست مسؤولا عن الملف الدبلوماسي في المنسقية، لعلكم تتذكرون وضعية الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في مرحلة مقاومة الانقلاب العسكري، الآن ليس هنالك أي توزيع للمسؤوليات ولست مسؤولا عن الملف الدبلوماسي؛ أما لقائي بالسفراء فهذا يندرج في رغبة هؤلاء السفراء في الاتصال بي شخصيا كرئيس لحزب اتحاد قوى التقدم.
أظن أنه على الموريتانيين أن يكونوا أدرى بالوضعية الصحية لرئيس الجمهورية من الأجانب، وعلى المسؤولين السياسيين أن يكونوا أدرى بها من الأجانب؛ وردا على سؤالكم فهم لم يطلعوني -إن كانت لديهم معلومات- على هذه المعلومات الخاصة، ما لاحظته أنه عندهم المعلومات العامة التي عند جميع الناس.
صحراء ميديا: ماذا لو عاد ولد عبد العزيز وبدأ في مزاولة مهامه دون عوائق صحية، ماذا ستفعل المنسقية هل ستعود إلى مربع الرحيل؟
محمد ولد مولود: أظن أن المنسقية تخلت عن استراتيجيتها الأولى فقط لسبب عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه لأسباب صحية، وإذا عاد إلى وضعيته العادية فلا شيء يمنع المنسقية من العودة بدورها إلى استراتيجيتها.
صحراء ميديا: أنتم لا تريدون انقلابا عسكريا وترفعون الغطاء الشرعي عن أي انتقال دستوري للسلطة بحجة انتهاء مأموريات المؤسسات الدستورية وتسعون لتشكيل حكومة وفاق، من سيكون رئيس الدولة في هذه الحالة؟
محمد ولد مولود: أظن أن ما نقدمه كمشروع لمرحلة انتقالية توافقية يعتمد على سابقة وهي سابقة اتفاق دكار، عندما تكون الظروف غير عادية ونميل كلنا إلى التفاهم والتقارب فأمامنا أولاً إطار الدستور حيث يجب علينا أن نتحرك في إطاره وأن يكون اتفاقنا في إطار الدستور، حتى نضمن لكل التصرفات والتحركات أن تسير وأن تحدث في جو من الاستقرار ومن الشرعية ومن تفادي كل الانزلاقات.
من جانب آخر نعتبر أننا سنلاقي بعض الصعوبات في تطبيق الدستور حرفيا، وكلما ظهرت صعوبة في هذا المجال يمكن تجاوزها عن طريق التفاهم والوفاق، وهذه هي الصيغة التي اتبعنا في اتفاق دكار لأن ترتيبات اتفاق دكار لفتح مرحلة انتقالية غيرت في فقرات الترتيبات الدستورية لأنها لم تكن قادرة على تلبية الحاجة لحل الأزمة السياسية وكانت تغييرات ظرفية، كذلك في هذه الحالة سنطبق الدستور لكن كلما ظهرت صعوبة تجاوزها ليس بقرار انفرادي ولا أحادي لكن بقرار إجماعي ومؤقت وظرفي.
صحراء ميديا: تطبيق الدستور هنا يعني حالتين: فإما استمرار رئيس الجمهورية في استكمال مأموريته وإما عجزه واللجوء إلى رئاسة انتقالية لرئيس بالإنابة وهو رئيس مجلس الشيوخ، أنتم تطعنون في شرعية مجلس الشيوخ أو في ثلثي المجلس، ما هي الحالة الدستورية التي سيتم اللجوء إليها؟
محمد ولد مولود: هناك صعوبات في تطبيق الدستور الحرفي، من الصعوبات وضعية رئيس مجلس الشيوخ الغائب الآن ويبدو أنه غائب لأسباب صحية، كذلك هناك انتهاء لمأموريته كرئيس لمجلس الشيوخ، كيف يتم التعامل مع هذه الوضعيات.
هناك أيضا مشكلة المجلس الدستوري هل يمكن أن يتخذ قراراته بثلثي أعضائه أي بتشكيلته السابقة أو بالإمكان أن يتخذ قراراته بتشكيلته الجديدة مع أن ثلاثة من أعضائه لم يؤدوا بعد اليمين الدستورية.
إذا التعامل مع هذه الصعوبات هو الذي قلت لكم أنه يفرض علينا أن نتفق على صيغة يكون عليها إجماع وعندما يكون هناك إجماع أصبح هناك قانون ظرفي يمكن من تجاوز هذه الأزمة، فالإجماع قانون.. وهذه هي الصيغة لتجاوز المشاكل التي تعيق تطبيق الدستور.
نحن في حالتين إما أن نميل ونتفق على مرحلة انتقالية ويمكن تجاوز هذه المشاكل بكل سهولة، أي ما هو منتهي المأمورية يمكن الاتفاق على قبول استمرار مأموريته، ويمكن إيجاد كل صيغ الحلول مثلاً مقبول نقاشها ويمكن الاتفاق عليها، المهم أن يكون هنالك إجماع على الصيغة التي سيتم تطبيقها.
صحراء ميديا: بعض قياديي حزب التحالف يتهمون المنسقية باستنساخ مبادرة مسعود لحل الأزمة السياسية فما الفرق بين حكومتكم المقترحة وتلك الواردة في مبادرة رئيس الجمعية الوطنية؟
الفرق هو في الإطار وفي المقاربة فقط، ثانياً أظن أنه ليس هناك تناقض بين مبادرة مسعود وما تدعو له المنسقية، وليس هناك استنساخ فمبادرة المنسقية تدعو إلى الجلوس حول طاولة وبحث الوضع القائم والاتفاق على صيغة لانتقال دستوري وانتقال سلمي يمكن من تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة ديمقراطية عادية بالطبع فيها الانتخابات وكل الترتيبات اللازمة لذلك.
إذا المنسقية تطالب بالإطار لحل الأزمة، بينما مبادرة مسعود تقترح حلاً ملموساً لوضعية معينة وفي الإطار السابق لكن يمكن تحويرها حتى تندرج في هذا الإطار الجديد، إذا تحقق ما تريده المنسقية وهو تنظيم تشاور وطني فستكون هناك فرصة سانحة لعرض مبادرة مسعود ومبادرات أخرى إذا كانت موجودة وطرحها على طاولة النقاش.
إذا ليس هنالك تناقض، مبادرة المنسقية تتعلق بالإطار العام أما مبادرة مسعود فهي اقتراح ملموس، وعندما يتحقق هذا الإطار العام ستكون له فرصة في أن يكون موضوع نقاش.
صحراء ميديا: اليوم أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز والرئيس الفرنسي هولاند عن اتفاقهما بشأن عدم التفاوض مع من وصفوهما بالإرهابيين في شمال مالي، فما تقييمكم لهذا التصريح، وثانيا رؤيتكم للانعكاسات المنتظرة للحرب في شمال مالي على موريتانيا، وما تقييمكم لاعتذار موريتانيا عن المشاركة في الحرب التي طبولها تدق بشمال مالي؟
نحن موقفنا من الحرب في شمال مالي هو أنها معقدة وفيها عدة قضايا، فيها قضية التعايش بين مكونات المجتمع المالي وشعور بعضهم بالتهميش وخاصة سكان أزواد من الطوارق وغيرهم، وهذه قضية سياسية ولا تحسم بالحرب ويجب أن لا تطرح في الحرب، وهناك قضية الجماعات الجهادية من القاعدة وغيرها وجماعات أخرى مسلحة وهذه قضية أخرى لأنهم لا ينتسبون لأزواد ولا يهمهم أزواد وعندهم مشاريع أخرى تستهدف عدة بلدان في المنطقة.
في الواقع إن هاتين القضيتين اختلطتا وأصبح من الصعب التعامل مع إحداهما على انفراد، إذاً أظن أن الحرب إذا استهدفت أزواد بشكل أعمى ستخدم المجموعات الجهادية لأنها ستنال من السكان وستنال من مجموعات متمردي الطوارق وقبائلهم وستوسع في النهاية الحريق الذي بدأ في أزواد، وقد تتخذ شكلاً عنصرياً فتكون حرباً عنصرية، وأظن أنها بدل أن تقدم حلاً للمشكلة ستعقدها كثيراً.
هذا ينضاف عليه أن المعنيين بالقضية غير جاهزين لأخذ الأمور على عاتقهم أي الحكومة المالية، فمن يريد أن يقدم حلاً لقضية أزواد يجب أن يقدم حلال لقضية باماكو أولاً، ثانيا يجب عليه أن يترك قضية أزواد ويعتبرها قضية مالية وعلى الماليين أن يحددوا صيغتهم الخاصة لمعالجة هذا الوضع، والآخرين يأتون لمساعدتهم كل حسب ظروفه وحسب وضعيته، لكن يجب عليهم أن يشجعوهم على التفاوض مع الطرف الآخر لأن القضايا العرقية لا تحل بالحرب.
نحن علينا أن نعالج بعض الأضرار التي نجمت عن قرارات أو تصرفات حصلت في موقف السلطات الموريتانية تجاه قضية تمرد الطوارق وأثرت كثيرا على الماليين وأخذوا منها انطباعاً بأن موريتانيا وراء التمرد، فعلينا أن نبدد هذه الشكوك ونعيد علاقات الثقة والصداقة مع الشعب المالي الذي تربطنا به الكثير من المصالح وبعضها حيوي بالنسبة لنا وبالنسبة له.
ثانيا علينا أن نؤمن حدودنا في احتمال أن تقوم حرب في أزواد سيكون لها انعكاس كبير علينا، خاصة توافد مئات الآلاف من النازحين وهذ سيشكل عبئاً كبيراً على موريتانيا ولا يمكن أن نرغب فيه، لكن علينا أن نكون مستعدين لاستقبال مثل هذا المد من النازحين وفي نفس الوقت أن نؤمن حدودنا حتى لا يشمل الحريق الأراضي الموريتانية.
إن واجب كل دولة هو تأمين أراضيها وتأمين شعبها قبل المغامرة في أمور خارج حدودها.. هذه هي نظرتنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أجرى الحوار: سيدي محمد ولد يونس
وقال ولد مولود؛ في مقابلة مطولة مع صحراء ميديا، إن “المنسقية تخلت عن استراتيجيتها الأولى بسبب عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه لأسباب صحية، وإذا عاد إلى وضعيته العادية فلا شيء يمنع المنسقية من العودة بدورها إلى مربع المطالبة برحيل النظام”، وفق تعبيره.
وأشار ولد مولود إلى أن المنسقية كانت تطالب بكشف طبي لوضعية الرئيس الموريتاني مؤكداً أنها لم تتجاوز ما وصفه بحدود الموضوعية، “فقد اعتبرنا أنه في الوضع القائم هناك فراغ وهناك عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه، وهذا الواقع مازال قائماً ولا يمكن أن يعترض عليه أي أحد”.
وقال ولد مولود إنه “من المبالغة الجزم بأن الدولة تسير بشكل عادي، وكأن غياب الرئيس ليست له تأثيرات، أو كأن الرئيس ليس له دور محوري في تسيير البلاد”، معتبراً أن “الوضع غير عادي وأن الحكومة متوقفة والإدارة متوقفة والأمور كلها متوقفة”.
وأشار إلى ما عبر عنه ب”هجرة سفن التموين لميناء نواكشوط، بسبب عدم الاطمئنان للوضع في موريتانيا”، على حد وصفه.
نص المقابلة:
صحراء ميديا: أعلنتم في منسقية المعارضة منذ مدة عن شغور المنصب الرئاسي، ولد عبد العزيز يهاتف السياسيين ويلتقي رؤساء الدول.ز التقى الرئيس النيجري قبل يومين، واليوم التقى الرئيس الفرنسي هولاند.. ويؤكد أنه سيعود يوم السبت القادم ؟
محمد ولد مولود: منسقية المعارضة طالبت بكشف صحي عن حالة الرئيس، ولو توفر ذلك لحسم الموضوع فيما يعني قدرته على مزاولة مهامه، ولكن إحجام الأطراف المعنية عن نشر هذا الكشف الطبي يثير الكثير من الشكوك حول وضعيته الصحية.
نحن لم نتجاوز حدود الموضوعية فقد اعتبرنا أنه في الوضع القائم هناك فراغ وهناك عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه، وهذا الواقع مازال قائماً ولا يمكن أن يعترض عليه أي أحد.
بالطبع هذا لا يعني أنه لا يمكن لرئيس الجمهورية في وضعيته في المستشفى أن يقابل أحداً أو أن يتكلم في الهاتف أو شيء من هذا القبيل، نحن ما نتكلم عنه هو عدم قيامه بمهامه، مهام رئيس الجمهورية الآن مهام متروكة ومهملة وهذا ما نعترض عليه وما نعتبره غير مقبول ولا يمكن القبول باستمراره.. فقط.
صحراء ميديا: ما المشكلة في استشفاء الرئيس خارج البلاد ما دامت الدولة تسير كما كانت تسير قبل إصابته أو كما يبدو، وهو مرجو الشفاء وقد شفي برأي الرأي العام الذي شاهده اليوم يسير على قدميه ويتحدث للصحافة؟
محمد ولد مولود: أظن أنه من المبالغة أن يجزم أحد أن دولة تسير بشكل عادي وأن الأمور تسير بشكل عادي وكأن غياب الرئيس ليست له تأثيرات، أو كأن الرئيس ليس له دور محوري في تسيير البلاد، الواقع أن الوضع غير عادي وأن الحكومة متوقفة والإدارة متوقفة والأمور كلها متوقفة، لأنها كانت تعتمد على إدارة وقرارات رئيس الجمهورية وبغيابه أصبحت الدولة في تعطل؛ ولا شيء أدل على ذلك من أن مجلس الوزراء لم ينعقد منذ شهر ونيف؛ تقريبا خمسة أسابيع.. هذا وضع عادي في نظركم ؟!
إضافة إلى أن حالة الفراغ هذه تمثل خطراً كبيراً على الدولة وعلى مصالح مواطنيها، لأنها تفتح أبواباً عديدة لمخاطر متنوعة، فعلى سبيل المثال وكما أشرت إليه البارحة في خطابي في مهرجان عرفات، شاهدوا ما يحصل الآن في ميناء نواكشوط الذي يعتبر المنفذ الوحيد لاستيراد حاجيات الموريتانيين، لقد هجرته السفن لأول مرة في تاريخنا، ليست هنالك أي سفينة تأتي بمواد أو بضاعة لتموين السوق المحلية، منذ أيام يلاحظ أن كل السفن هجرت هذا الميناء.. لماذا ؟ بما أن الممونين المحليين يعتبرون أن الوضع لم يعد مطمئناً قاموا بتحويل استيراداتهم إلى جهات أخرى أو أن الأطراف الأخرى التي كانت تريد عرض بضائع أو مواد على السوق الموريتانية اعتبروا أن الوضع غير آمن وبالتالي تحولوا إلى وجهات أخرى..!!
إذا هذا من المؤشرات الخطيرة التي تظهر أن الاستمرار في وضعية الفراغ هذه يهدد مصالحنا ويعطي للآخرين انطباعاً بأن موريتانيا في وضعية غير طبيعية وغير مطمئنة، وهذا سيؤثر على الاقتصاد كما سيؤثر حتى على الحالة الاجتماعية؛ فما يحصل هذه الأيام في الميناء يعني أن خمسة آلاف عامل كانوا يوفرون قوتهم اليومي من خلال نشاطهم في الميناء أصبحوا عاطلين لأنهم لا يتقاضون رواتب شهرية وإنما يتقاضون أجوراً يومية، وبغياب أي تموين للسوق المحلية فإنهم يصبحون عاطلين عن العمل، إذا خمسة آلاف عائلة أصبحت بين عشية وضحاها لا تجد ما تقتات به يومياً.. هذه هي البداية فقط فهنالك الحديث عن تهريب رؤوس الأموال، وهي مظاهر بسيطة وما خفي قد يكون أخطر.
إذا نحن في وضعية لا يمكن أن تستمر وغياب كشف طبي لا يمكن أن يستمر؛ ومن غير المقبول أن يقول لنا أحد أن العجز عجز مؤقت، إنه سيكون عجزا مؤقتاً إن نشر كشف طبي يظهر أن العجز مؤقت ويظهر أن ما يعاني منه الرئيس سيتخلص منه في ظرف أسابيع محددة وفي ظرف وجيز، وهذا ما يعرض عادة في الكشف الطبي فيقال في ظرف أسابيع يمكن للرئيس أن يزاول مهامه لكن هذا لم يحصل، وبالتالي لا يمكن لنا أن نقول إن العجز مؤقت، كما لا يمكن للمنسقية -ولم تقل ذلك- أن تقول إن الرئيس يعاني من كذا وكذا وأنه عاجز..
لكننا بنينا موقفنا على الوضع الموضوعي وعلى الواقع فقط وما هو حاصل، وقلنا إننا انتظرنا أسبوعاً وأسبوعين وثلاثة.. ولكن البلد لا يمكنه الانتظار وبالتالي نطلب أن يتم التوافق بين الأطراف السياسية حول صيغة وحول ميثاق ننظم به مرحلة انتقالية توافقية تنقذ البلاد من الفراغ ومن عدم الاستقرار وتقدم حلاً سياسياً لأزمة سبقت الحادثة في 13 أكتوبر.
صحراء ميديا: قدمتم مبررات للاستعجال ولكن من الناحية السياسية تبدو المنسقية وكأنها في عجلة من امرها فالرئيس إما أن يشفى ويعود لمزاولة مهامه وإما أن يصاب بإعاقة دائمة وبالتالي فلا بد من مخرج من هذه الوضعية، حالة الاستعجال؛ من الناحية السياسية على الأقل، ألا تجعل المنسقية وكأنها تريد إسقاط النظام رغم أنها غيرت الشعار إلى ملء الفراغ؟
محمد ولد مولود: أظن أن المنسقية كانت واضحة في مواقفها فهي طالبت برحيل الرئيس عن السلطة بما يعني استقالته لأنه كانت هنالك أزمة سياسية قبل الحادثة، ولكن ما حصل هو أزمة إضافية، إنها أزمة على أزمة، وفي هذه الحالة الجديدة اختارت التأني أولاً والتعاطف مع عائلة ضحية هذه الحادثة وهو رئيس الجمهورية، فأجلت كل نشاطاتها.
وفي مرحلة ثانية طالبت بالكشف الطبي الذي يصبح حقاً للشعب الموريتاني عندما يكون للوضعية الصحية تأثير على الشأن العام، الكشف الطبي ليس واجباً في الحالة العادية إذا لم يؤثر على المصلحة العامة، فنحن لا نطالب رئيس الجمهورية بأن يكشف وضعيته الصحية كل وقت أو إذا كان لا يريد ذلك، لكن عندما يكون للأمر تأثير مباشر على مصلحة البلد العليا أصبح مفروض عليه أن يقدم كشفا طبيا وإذا كان عاجزا عن ذلك فعلى القائمين على الأمر أن يقدموا هذا الكشف حتى يحسموا الموضوع: هل العجز مؤقت، هل هو عجز لفترة طويلة..
هذا يوفر لنا الوقت والعناء من الصراع حول ماهية حالة الرئيس الصحية، حول ما إذا كنا استعجلنا أم تباطأنا وإلى غير ذلك، إذا المسألة هنا هي أننا وضعنا الإصبع على النقطة الملحة التي ستمكننا من تجاوز كل التساؤلات.
ولكن من عرقل هذا، من رفض هذا ولماذا رفضه.. هذا هو السؤال وعليكم أن تطرحوه على من يعنيه الأمر، لماذا رفضوا نشر الوضعية الصحية إن كانت طبيعية، وإن كانت الحالة مؤقتة لماذا لم يكشفوا ذلك، كان بودنا لو فعلوا حتى تكون الأمور بالنسبة لنا واضحة وشعاراتنا في هذه الحالة ستكون واضحة أيضاً.
المسألة الأخرى عندما يقولون لنا إن الرئيس يزاول مهامه، فنحن نعتبر أنهم يريدون تعريض الرئيس للصراع مع المنسقية، لأن المنسقية أوقفت استراتيجيتها الماضية التي كانت تطالب فيها باستقالة الرئيس اعتبارا لاعتبارات إنسانية، وعندما يقال لها إن الرئيس يزاول مهامه وأنه مسؤول عن كل ما يحصل الآن في هذا الوضع وعن تسيير الأمور، فهذا يعني أنه نوع من تحريض المنسقية على استهداف الرئيس واستهدافه في هذه الوضعية، هل ترون لهذا مصداقية أو ترون فيه مناورة موجهة ضد المنسقية أو موجهة ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز.. هذا تساؤل !
صحراء ميديا: بوصفكم المسؤول عن الملف الدبلوماسي لمنسقية المعارضة.. هل أطلعتكم السفارة الفرنسية على جزء من الوضع الصحي للرئيس؟
محمد ولد مولود: أولاً لست مسؤولا عن الملف الدبلوماسي في المنسقية، لعلكم تتذكرون وضعية الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في مرحلة مقاومة الانقلاب العسكري، الآن ليس هنالك أي توزيع للمسؤوليات ولست مسؤولا عن الملف الدبلوماسي؛ أما لقائي بالسفراء فهذا يندرج في رغبة هؤلاء السفراء في الاتصال بي شخصيا كرئيس لحزب اتحاد قوى التقدم.
أظن أنه على الموريتانيين أن يكونوا أدرى بالوضعية الصحية لرئيس الجمهورية من الأجانب، وعلى المسؤولين السياسيين أن يكونوا أدرى بها من الأجانب؛ وردا على سؤالكم فهم لم يطلعوني -إن كانت لديهم معلومات- على هذه المعلومات الخاصة، ما لاحظته أنه عندهم المعلومات العامة التي عند جميع الناس.
صحراء ميديا: ماذا لو عاد ولد عبد العزيز وبدأ في مزاولة مهامه دون عوائق صحية، ماذا ستفعل المنسقية هل ستعود إلى مربع الرحيل؟
محمد ولد مولود: أظن أن المنسقية تخلت عن استراتيجيتها الأولى فقط لسبب عجز رئيس الجمهورية عن مزاولة مهامه لأسباب صحية، وإذا عاد إلى وضعيته العادية فلا شيء يمنع المنسقية من العودة بدورها إلى استراتيجيتها.
صحراء ميديا: أنتم لا تريدون انقلابا عسكريا وترفعون الغطاء الشرعي عن أي انتقال دستوري للسلطة بحجة انتهاء مأموريات المؤسسات الدستورية وتسعون لتشكيل حكومة وفاق، من سيكون رئيس الدولة في هذه الحالة؟
محمد ولد مولود: أظن أن ما نقدمه كمشروع لمرحلة انتقالية توافقية يعتمد على سابقة وهي سابقة اتفاق دكار، عندما تكون الظروف غير عادية ونميل كلنا إلى التفاهم والتقارب فأمامنا أولاً إطار الدستور حيث يجب علينا أن نتحرك في إطاره وأن يكون اتفاقنا في إطار الدستور، حتى نضمن لكل التصرفات والتحركات أن تسير وأن تحدث في جو من الاستقرار ومن الشرعية ومن تفادي كل الانزلاقات.
من جانب آخر نعتبر أننا سنلاقي بعض الصعوبات في تطبيق الدستور حرفيا، وكلما ظهرت صعوبة في هذا المجال يمكن تجاوزها عن طريق التفاهم والوفاق، وهذه هي الصيغة التي اتبعنا في اتفاق دكار لأن ترتيبات اتفاق دكار لفتح مرحلة انتقالية غيرت في فقرات الترتيبات الدستورية لأنها لم تكن قادرة على تلبية الحاجة لحل الأزمة السياسية وكانت تغييرات ظرفية، كذلك في هذه الحالة سنطبق الدستور لكن كلما ظهرت صعوبة تجاوزها ليس بقرار انفرادي ولا أحادي لكن بقرار إجماعي ومؤقت وظرفي.
صحراء ميديا: تطبيق الدستور هنا يعني حالتين: فإما استمرار رئيس الجمهورية في استكمال مأموريته وإما عجزه واللجوء إلى رئاسة انتقالية لرئيس بالإنابة وهو رئيس مجلس الشيوخ، أنتم تطعنون في شرعية مجلس الشيوخ أو في ثلثي المجلس، ما هي الحالة الدستورية التي سيتم اللجوء إليها؟
محمد ولد مولود: هناك صعوبات في تطبيق الدستور الحرفي، من الصعوبات وضعية رئيس مجلس الشيوخ الغائب الآن ويبدو أنه غائب لأسباب صحية، كذلك هناك انتهاء لمأموريته كرئيس لمجلس الشيوخ، كيف يتم التعامل مع هذه الوضعيات.
هناك أيضا مشكلة المجلس الدستوري هل يمكن أن يتخذ قراراته بثلثي أعضائه أي بتشكيلته السابقة أو بالإمكان أن يتخذ قراراته بتشكيلته الجديدة مع أن ثلاثة من أعضائه لم يؤدوا بعد اليمين الدستورية.
إذا التعامل مع هذه الصعوبات هو الذي قلت لكم أنه يفرض علينا أن نتفق على صيغة يكون عليها إجماع وعندما يكون هناك إجماع أصبح هناك قانون ظرفي يمكن من تجاوز هذه الأزمة، فالإجماع قانون.. وهذه هي الصيغة لتجاوز المشاكل التي تعيق تطبيق الدستور.
نحن في حالتين إما أن نميل ونتفق على مرحلة انتقالية ويمكن تجاوز هذه المشاكل بكل سهولة، أي ما هو منتهي المأمورية يمكن الاتفاق على قبول استمرار مأموريته، ويمكن إيجاد كل صيغ الحلول مثلاً مقبول نقاشها ويمكن الاتفاق عليها، المهم أن يكون هنالك إجماع على الصيغة التي سيتم تطبيقها.
صحراء ميديا: بعض قياديي حزب التحالف يتهمون المنسقية باستنساخ مبادرة مسعود لحل الأزمة السياسية فما الفرق بين حكومتكم المقترحة وتلك الواردة في مبادرة رئيس الجمعية الوطنية؟
الفرق هو في الإطار وفي المقاربة فقط، ثانياً أظن أنه ليس هناك تناقض بين مبادرة مسعود وما تدعو له المنسقية، وليس هناك استنساخ فمبادرة المنسقية تدعو إلى الجلوس حول طاولة وبحث الوضع القائم والاتفاق على صيغة لانتقال دستوري وانتقال سلمي يمكن من تجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة ديمقراطية عادية بالطبع فيها الانتخابات وكل الترتيبات اللازمة لذلك.
إذا المنسقية تطالب بالإطار لحل الأزمة، بينما مبادرة مسعود تقترح حلاً ملموساً لوضعية معينة وفي الإطار السابق لكن يمكن تحويرها حتى تندرج في هذا الإطار الجديد، إذا تحقق ما تريده المنسقية وهو تنظيم تشاور وطني فستكون هناك فرصة سانحة لعرض مبادرة مسعود ومبادرات أخرى إذا كانت موجودة وطرحها على طاولة النقاش.
إذا ليس هنالك تناقض، مبادرة المنسقية تتعلق بالإطار العام أما مبادرة مسعود فهي اقتراح ملموس، وعندما يتحقق هذا الإطار العام ستكون له فرصة في أن يكون موضوع نقاش.
صحراء ميديا: اليوم أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز والرئيس الفرنسي هولاند عن اتفاقهما بشأن عدم التفاوض مع من وصفوهما بالإرهابيين في شمال مالي، فما تقييمكم لهذا التصريح، وثانيا رؤيتكم للانعكاسات المنتظرة للحرب في شمال مالي على موريتانيا، وما تقييمكم لاعتذار موريتانيا عن المشاركة في الحرب التي طبولها تدق بشمال مالي؟
نحن موقفنا من الحرب في شمال مالي هو أنها معقدة وفيها عدة قضايا، فيها قضية التعايش بين مكونات المجتمع المالي وشعور بعضهم بالتهميش وخاصة سكان أزواد من الطوارق وغيرهم، وهذه قضية سياسية ولا تحسم بالحرب ويجب أن لا تطرح في الحرب، وهناك قضية الجماعات الجهادية من القاعدة وغيرها وجماعات أخرى مسلحة وهذه قضية أخرى لأنهم لا ينتسبون لأزواد ولا يهمهم أزواد وعندهم مشاريع أخرى تستهدف عدة بلدان في المنطقة.
في الواقع إن هاتين القضيتين اختلطتا وأصبح من الصعب التعامل مع إحداهما على انفراد، إذاً أظن أن الحرب إذا استهدفت أزواد بشكل أعمى ستخدم المجموعات الجهادية لأنها ستنال من السكان وستنال من مجموعات متمردي الطوارق وقبائلهم وستوسع في النهاية الحريق الذي بدأ في أزواد، وقد تتخذ شكلاً عنصرياً فتكون حرباً عنصرية، وأظن أنها بدل أن تقدم حلاً للمشكلة ستعقدها كثيراً.
هذا ينضاف عليه أن المعنيين بالقضية غير جاهزين لأخذ الأمور على عاتقهم أي الحكومة المالية، فمن يريد أن يقدم حلاً لقضية أزواد يجب أن يقدم حلال لقضية باماكو أولاً، ثانيا يجب عليه أن يترك قضية أزواد ويعتبرها قضية مالية وعلى الماليين أن يحددوا صيغتهم الخاصة لمعالجة هذا الوضع، والآخرين يأتون لمساعدتهم كل حسب ظروفه وحسب وضعيته، لكن يجب عليهم أن يشجعوهم على التفاوض مع الطرف الآخر لأن القضايا العرقية لا تحل بالحرب.
نحن علينا أن نعالج بعض الأضرار التي نجمت عن قرارات أو تصرفات حصلت في موقف السلطات الموريتانية تجاه قضية تمرد الطوارق وأثرت كثيرا على الماليين وأخذوا منها انطباعاً بأن موريتانيا وراء التمرد، فعلينا أن نبدد هذه الشكوك ونعيد علاقات الثقة والصداقة مع الشعب المالي الذي تربطنا به الكثير من المصالح وبعضها حيوي بالنسبة لنا وبالنسبة له.
ثانيا علينا أن نؤمن حدودنا في احتمال أن تقوم حرب في أزواد سيكون لها انعكاس كبير علينا، خاصة توافد مئات الآلاف من النازحين وهذ سيشكل عبئاً كبيراً على موريتانيا ولا يمكن أن نرغب فيه، لكن علينا أن نكون مستعدين لاستقبال مثل هذا المد من النازحين وفي نفس الوقت أن نؤمن حدودنا حتى لا يشمل الحريق الأراضي الموريتانية.
إن واجب كل دولة هو تأمين أراضيها وتأمين شعبها قبل المغامرة في أمور خارج حدودها.. هذه هي نظرتنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أجرى الحوار: سيدي محمد ولد يونس