شهدت مدينة الشامي، التي تبعد 200 كيلومتر إلى الشمال من العاصمة الموريتانية نواكشوط، اليوم السبت، احتجاجات عنيفة وصدامات بين محتجين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى في صفوف الطرفين، ولكن وحدة من الجيش تدخلت وأعادت الهدوء إلى المدينة.
وكان محتجون غاضبون، أغلبهم عاملون في مجال التنقيب التقليدي عن الذهب، قد قادوا الاحتجاجات أمس الجمعة، واستمرت الاحتجاجات لليوم الثاني على التوالي، ولكنها كانت أكثر عنفاً خلال ساعات الزوال من اليوم السبت، إذ أضرم المحتجون النار في مركز للشرطة يقع داخل سياج معالجة الحجارة المشبعة بالذهب.
ووقعت صدامات عنيفة بين المحتجين وقوات الدرك، أكدت المصادر أنها أسفرت عن إصابة بعض أفراد الدرك، كما أصيب عددمن المحتجين، وشارك في الاحتجاجات بعض الأجانب، وفق ما أكد مراسل «صحراء ميديا».
ولكن وحدة من الجيش الموريتاني تدخلت، وأعادت الهدوء إلى المدينة التي تأسست عام 2012 وأصبحت خلال سنوات مركز معالجة الحجارة المشبعة بالذهب التي تستخرج من مناطق التنقيب في تيجريت وتازيازت.
وبحسب ما أكد مراسل «صحراء ميديا» فإن والي داخلت نوذايبو وحاكم الشامي ومدير الأمن وصلوا إلى مدينة الشامي، وبدأت مفاوضات مع ممثلين عن المنقبين يبلغ عددهم عشرة أشخاص، من المنتظر أن تنتهي بتسوية الملف وإنهاء الاحتجاجات العنيفة.
وتتضارب المعلومات حول أسباب الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها مدينة الشامي، إذ تربطها بعض المصادر بضريبة على التنقيب بدأت السلطات الموريتانية جمعها مؤخراً، وهو ما نفته مصادر رسمية تحدثت لـ «صحراء ميديا» قالت إن ضريبة قديمة كانت تُفرض على أنشطة التنقيب، والجديد هو أن شركة معادن موريتانيا قلصت هذه الضريبة بنسبة 50 في المائة، وفق تعبير المصدر.
وأضاف المصدر أن شركة معادن موريتانيا «لم تفرض أي ضريبة جديدة إطلاقاً، ولم تضايق المنقبين، ولا وجود لأي سوء تفاهم معهم»، مشيراً إلى أن الأمن اعتقل العديد من المتظاهرين وليس من بينهم أي منقبين، ومدينة الشامي ليست مكاناً للتنقيب وإنما يوجد بها مركز للمعالجة فقط.
من جهة أخرى يتحدث المنقبون عن ضريبة 500 ألف أوقية قديمة، تفرض على كل أربعة أمتار ستحفر فيها بئر تقليدية للتنقيب عن الذهب، وهي ضريبة يدفعها المنقبون منذ فترة، ولكنهم تعودوا على دفعها فقط بعد أن يتأكدوا من وجود الذهب في هذه الأمتار.
وقال أحد المنقبين لصحراء ميديا: «نحن مستعدون لدفع الضريبة، ولكن بعد التأكد من وجود الذهب في الأمتار»، وأضاف المنقب: «من غير المنطقي أن ندفع الضريبة مقابل منطقة مجهولة، ولا نعرف إن كانت ستحمل لنا أي عائدات».
وتعوّد المنقبون الموريتانيون على حفر العديد من الآبار في مناطق التنقيب، وقليل من هذه الآبار يقود إلى الحصول على الذهب، وعادة يبحث المنقبون عما يسمونه «عروق الذهب» التي تمتد لمسافات طويلة في عمق الأرض، وبعضهم كسب الخبرة في الوصول إلى هذه «العروق».
ولكن مصادر أخرى فسرت ما حدث اليوم وأمس في مدينة «الشامي» من احتجاجات عنيفة، بغياب نقابات تنظم المنقبين في منطقة داخلت نواذيبو إينشيري، إذ يشكل غياب هذه النقابات فراغاً وانعدام الصلة بين المنقبين والسلطات الوصية.
وتضيف المصادر أن وضعية المنقبين في ولاية تيرس الزمور، في أقصى الشمال، أحسن بكثير بسبب وجود نقابات منظمة وتعمل بتنسيق وثيق مع السلطات المحلية.
وتشير الإحصائيات إلى وجود عشرات آلاف المنقبين عن الذهب في مناطق تيجيريت وتازيازت، فيما يعيش الآلاف في مدينة الشامي على عوائد هذا القطاع، وخاصة في ظل وجود مركز معالجة الحجارة المشبعة بالذهب في المدينة.
ولكن ملف التنقيب عن الذهب، وإن كان قد أنعش الحركة الاقتصادية والتجارية في مدينة الشامي، إلا أنه طرح مشاكل كبيرة في المدينة، وخاصة المشكل البيئي، الذي يثير قلق السكان المحليين، بسبب استخدام الزئبق، والحديث عن أجانب يستخدمون مواد محرمة مثل «السيانيد» السام.
وتعد «منسقية الدفاع عن الشامي» واحدة من أبرز المنظمات المدافعة عن الوضع البيئي في المدينة، وسبق أن حذرت من وقوع كارثة بيئية في المنطقة القريبة من حوض آرغين، ونجحت قبل يومين في إغلاق مصنع غير مرخص لمعالجة الأتربة المشبعة بالزئبق بالتعاون مع السلطات.