عاش وطننا الحبيب خلال العقد المنصرم أوضاعا استثنائية ، من الشد والجذب بين مكوناته المختلفة ، بحكم سياسة فرق تسد التي انتهجها الناظم السابق للرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي حاول بكل جهد تبرير الانقلاب على الشرعية وممارسة الحكم ولو بمجتمع مفخخ، فشجعت الدولة في عهده كل ألوان التطرف العرقي والفأوي والديني ودفعت كل صنوف النعرات إلى واجهة الطبقة السياسية، وكان للنظام بذلك الفعل المخيف وطنيا، ما أراد من تأليب البعض على أخيه محاولا إبراز نفسه كنقذ للفئة الاساسية من الطبقة ذات المصالح الاقتصادية، بصفته الضامن لبقائها في ظل عواصف الكراهية التي صعد دخانها من أفواه بعض من فرضوا أنفسهم، متحدثين باسم معاناة بعض شرائح مجتمعنا، التي لا ينكر منصف حاجتها إلى الانقاذ السريع والملح بدون تأخير.
إلا أن مصلحة تلك الشريحة أو الشرائح تكمن في تغيير الحال إلى الاحسن في ظل منظومة وطنية متكاملة تدفع بقطار التنمية والتقدم معطية الاولوية للمناطق الاكثر هشاشة ولكن بروح وطنية وشعور من المستهدفين بأن الذي يخدمهم هو وطنهم بكل أبعاده وليس فردا أو مجموعات قد تخذلهم عند تبدل المصالح كما حصل في مرات سابقة، حيث خذل البعض الشعارات التي صبغت الجدران وسودت الصحف ثم باعها القائمون عليها في خذلان بين لمن حملوهم على الاكتاف.
شخصيا ومن ذو نعومة أظفاري لم أقتنع بأن لغة الانتقام وبث الكراهية في نفوس شريحة بذاتها يمكن ان يغير من حالها إلى الاحسن، بل كنت وما زلت أكثر قناعة بأن استغلال الفرص المتاحة من الجهد الوطني المخلص، هو الكفيل بتغيير الحال مع الحفاظ على مدرسة الوطنية مفتوحة للجميع
وذلك ما جعلني أنظر اليوم بكل أمل إلى الخطاب الرصين والعميق جدا للسيد رئيس الجمهورية محمد ولد الغزواني وبرنامجه الطموح لعموم الشعب الموريتاني وخصوصا للفئات الاكثر هشاشة والتي خصص لها غلافا ماليا غير مسبوق مع برامج طموحة سيكون لها أعظم الاثر في حال استقبلها الجميع بالإجماع المطلوب بعيدا عن الانانية التي تدفع البعض إلى احتكار الحقيقة وإنكار كل جهد مخلص لا يقوم هو به.
ونظرا لكل ما سبق فإنني أرى من باب النصيحة لكل أبناء وطني أن يدخل الجميع في حلف وطني تذوب فيه تجاذباتنا التقليدية ونعطي لبرنامج السيد رئيس الجمهورية المخلص فرصة للتطبيق في ظل جو من التوافق والبحث عن المصلحة العامة والبعد عن الاساليب التقليدية من التخندقات السياسية التي أثبت الزمن أنها غير مجدية بل مفرقة لأبناء الوطن الواحد ومشتتة للجهود مع بث للكراهية التي بطبعها تحرق المنجزات مهما كانت في غياب رؤية وطنية يتعايش فيها الجميع متحدين.
وإذ أرمي بهذه الفكرة في الملعب الوطني الكبير فإنني متأكد من أن شفقة المهتمين والدارسين والخبراء سوف تثري هذه الفكرة وتزيدها بغية الوصول بها إلى ما قد أكون عجزت عن تبيانه من تصور لموريتانيا مزدهرة في ظل تنمية بشرية تقضي على المخلفات الاجتماعية والسياسية الاثنية والعرقية في ظل مجتمع متراحم ووطن متحدة ناهض.
الخبير في التمويل التشاركي ومكافحة الفقر: أحمد ولد خطري