
ولد سعيد في مقابلة شاملة مع صحراء ميديا يكشف تفاصيل لقاءاته مع ولد عبد العزيز وأسباب استقالته من المدرسة الوطنية للمعادن
قال محمد باب ولد سعيد، رئيس مكتب “تنظيم من أجل موريتانيا” في نواكشوط، إن شرعية الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز “لم تعد كافية” لأن يحكم موريتانيا أكثر، مطالبا بانتهاز فرصة أن “ولد عبد العزيز يساعد في التغلب عليه وإحداث التغيير“.
وانتقد ولد سعيد، في مقابلة موسعة مع صحراء ميديا، نظام ولد عبد العزيز، معتبراً أنه “أظهر من خلال حكمه أنه يحتقر الكثير من الناس”، وأن لديه نظرة “ليست مشرفة” عن كل أطياف الشعب الموريتاني و”ذلك ما لن يقبل به الموريتانيون“.
ولد سعيد الذي يعمل أستاذاً للكيمياء بجامعة كلير مون فيران بفرنسا، ثمن نتائج الحوار الذي حدث بين الأغلبية المدعمة وبعض أحزاب المعارضة التي وصفها بأنها “إيجابية” وأنها جاءتهم “فوق التوقع”، معتبراً في نفس السياق أنها “لم تكن كافية”، وأن أهم ما فيها هو اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات “في حالة ما إذا تم إنشاؤها وكانت مستقلة بشكل حقيقي”، حسب تعبيره.
وقال رئيس مكتب “تنظيم من أجل موريتانيا” في نواكشوط إنه يعتقد أن موريتانيا تعيش أزمة دستورية ليست بعيدة من الأزمة التي حدثت في آخر أيام حكم سيدي ولد الشيخ عبد الله، مشيراً إلى أن “عزيز كان يقول آنذاك إن البرلمان موجود والمشكلة في المؤسسة الرئاسية، ونحن الآن نقول إن المؤسسة الرئاسية موجودة والمشكلة في البرلمان الغائب”، حسب تعبيره.
نص المقابلة:
صحراء ميديا: كان تنظيم من أجل موريتانيا من أكثر التشكيلات المعارضة لانقلاب 2008 نشاطاً رفقة الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، ولكن ذلك النشاط بدأ في التراجع بعد نهاية الانتخابات؛ ترى ما سبب ذلك ؟
محمد باب ولد سعيد: سبب هذا التراجع هو نفس السبب الذي جعل المعارضة الأخرى تعرف مرحلة من الركود، وذلك لأن من كانوا يعملون من أجل هدف معين وجاءت نتيجته سلبية فهم يحتاجون إلى فترة قبل أن يرفعوا رؤوسهم.
من ناحية أخرى فقد حدث نقاش على مستوى تنظيم “من أجل موريتانيا” لتقييم الوضعية وتقييم نتائج الانتخابات حيث طالبنا آنذاك بفتح تحقيق فيها، بل إننا قمنا على مستوانا بإجراء تحقيق لم نعثر خلاله على أدلة تمكننا من الطعن شرعيا في النتائج، فقررنا آنذاك أن نعترف بالنتائج وأن نعطي مهلة للنظام الجديد وكنا مستعدين للاعتراف بحسن نيته.. طبعاً في تلك المهلة حدثت مهادنة، مما يعني أننا كنا حياديين وقررنا مراقبة الحكومة وإصدار بعض الدراسات والمشاركة في النقاش الوطني وإصدار الأفكار.
لقد اخترنا أيضاً أن نعمل على تنظيم بيتنا من الداخل لأن فترة الانقلاب كانت فترة نضال وأغلب أعضاء تنظيم “من أجل موريتانيا” شباب هبوا تلقائيا عقب الانقلاب، ولم نجد الوقت حينذاك لننظم أنفسنا ونضع نصوص تأسيسية للتنظيم، وهذه الفترة التي لمحتم لها انتهزنا فرصتها بأن قمنا بوضع النصوص الأساسية للتنظيم وعملنا على فتح مكاتبه، وذلك ما يجعلنا نقول إنها لم تكن فترة ضائعة بالنسبة لنا.
صحراء ميديا: بعد فترة من “الحياد” بدأتم منذ أسابيع في العودة إلى معارضة النظام، حيث أصدرتم بيانا وصف بأنه كان “قويا” تطالبون فيه النظام بالاختيار ما بين “إصلاح حقيقي أو نهاية قريبة”، بماذا تفسرون حيادكم طيلة الفترة الماضية، وما الذي دفعكم إلى العودة وفي هذا الوقت بالتحديد ؟
محمد باب ولد سعيد: هذا القرار الذي لمحتم إليه فكرنا فيه بطريقة معمقة حيث ناقشناه على مدى 3 أسابيع، وقد خرجنا من الحياد نتيجة لأننا اعتبرنا أن المدة التي أعطينا للحكومة نفدت بعد أن قضت نصف مأموريتها، وفي الحقيقة ذلك الأمل الذي كان عندنا في أن محمد ولد عبد العزيز لديه نية حسنة وأنه قادر على التغيير في موريتانيا وإدخال إصلاحات جوهرية، ذلك الأمل خاب نهائياً.
كما نعتبر أن الموريتانيين ينقسمون إلى أربع فئات: فئة مساندة لولد عبد العزيز على كل حال مهما فعل أو مهما قال، وهي فئة قليلة؛ وفئة أخرى معارضة له مهما قال أو مهما فعل، وهي أيضا فئة قليلة.
وهنالك فئتين متبقيتين؛ إحداهما -ونحن كنا منها- هي مجموعة من الموريتانيين الذين يعتبرون أنه حدثت انتخابات نتائجها لم يستطع أحد الطعن فيها على الرغم من الشكوك التي تشوبها، ولكن هؤلاء قرروا أن يعطوا مهلة ويقبلون بحسن نية ولد عبد العزيز، وهذه الفئة كبيرة جداً ونحن في تنظيم “من أجل موريتانيا” كنا من هذه الفئة، ولكن آمالنا خابت في ولد عبد العزيز كمصلح حقيقي.
أما الفئة الرابعة فهي فئة كثيرة أيضا وتتشكل من الموريتانيين الذين يعتبرون أن الدولة لا تعارض والمخزن لا يعارض، ويجب على الجميع أن يكونوا في صفهما، ولكن هذه الفئة أظهرت لها الأحداث التي شهدها العالم العربي أن الأصنام يمكن أن تكسر وأن الطاغوت يمكن أن يهرب وأن فرعون يمكن أن يسقط، وأن الدولة تمكن معاندتها؛ فالدولة عندما تكون فاسدة تمكن معاندتها بل تجب معاندتها؛ وهذا ما جعلنا نعتبر أن شرعية ولد عبد العزيز لم تعد تمكنه من تسيير الدولة بالطريقة التي كان يسيرها بها.
لهذا قررنا أن نجابهه وأن ندخل في خندق معارضته، ولكن دخولنا في هذا الخندق لا يعني دخولنا في المعارضة الرسمية مثل المنسقية، نحن قوة معارضة ولكن لدينا استقلاليتنا عن المنسقية وعن الحركات الأخرى.
صحراء ميديا: ترى ما هو موقفكم في التنظيم من الحراك الشبابي والنقابي الذي تشهده الساحة الموريتانية، إضافة إلى تحرك منسقية المعارضة الديمقراطية وسعيها إلى الخروج منتصف الشهر الجاري، وهل بينكم تنسيق مع أي من هذه الجهات ؟
محمد باب ولد سعيد: نحن ندعم بشكل كامل هذا الحراك بجميع أشكاله لأننا نعتبر أن شرعية ولد عبد العزيز لم تعد كافية، وأنه لم يعد لديه من الشرعية ما يمكنه من حكم موريتانيا أكثر مما مضى، لأن الشرعية قد تؤخذ بالاقتراع ولكن الشارع قادر على انتزاعها، فمن انتخب وأصيب بالجنون قبل أن ينهي مأموريته لا يمكن للناس أن يتركوه يحكمهم ويبطش كما يريد!
نحن ندعم كل ذلك الحراك ولكن لدينا استقلاليتنا عن الأحزاب السياسية، ونعتبر أننا أقرب إلى المنظمات الأخرى مثل 25 فبراير وإيرا ولا تلمس جنسيتي، وخاصة ذلك الحراك الشبابي لأنه لا يملك أي طابع حزبي.
نحن سياسيين ولكننا لا ننتمي لحزب معين، وهذا لا يعني أنه ليس منا من ينتمون لأحزاب سياسية، ولكننا لا نسأل المنضمين إلينا عن الحزب السياسي الذي قدموا منه وإنما نسأله إن كان موافقا على ميثاقنا وعلى وسائلنا في النضال وإذا وافق رحبنا به.
صحراء ميديا: البعض تحدث عن لقاء سابق بينكم والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز معتبرا أنكم تسعون إلى عقد صفقة مع النظام، ويرى هؤلاء أنه بعد فشل الصفقة بدأتم في العودة إلى صفوف المعارضة.. كيف تردون ؟
محمد باب ولد سعيد: هذا غير دقيق، إذا كانت القضية تعني تنظيم “من أجل موريتانيا” فالتنظيم لم يسبق أن تحاور مع هذا النظام، سواء في فترة الهدنة أو قبل ذلك، كما لم يسبق للتنظيم أن خول أحداً للذهاب والتفاوض باسمه.
أما إذا كان السؤال يعنيني بشكل شخصي.. فعلاً أناً كشخص كان لدي مشروع مدرسة مهندسين وهو قديم عندي وسبق أن قدمته للرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ولم أوفق فيه آنذاك، وعندما قرر التنظيم الدخول في هذه الهدنة قررت أن أنتهز فرصتها لتقديم أفكار فنية بشكل شخصي.
بالفعل التقيت بولد عبد العزيز مرتين، المرة الأولى لأعرض عليه المشروع حيث قبله وأعطى الأوامر بأن تلك المدرسة تمشي على المسار الذي اقترحته، وبدأت حينها بالعمل على المشروع حيث قضيت فيه عاما كاملاً.
ولكن ولد عبد العزيز بعد ذلك اتخذ قرارات منافية تماماً للمشروع الذي قدمته له، وبما أنني لم آت من أجل الحصول على منصب أو مقعد وإنما صاحب مشروع اعتبرت أنه لم يعد على الطريقة التي تقدمت بها، ورأيت طريقة تلاعب ولد عبد العزيز بالمشاريع وقلة أهمية الدراسات العلمية لديه، حينها اعتبرت أنه لم يعد مؤهلاً لأن أعمل معه.
قبل أن أتخذ قرارا بالاستقالة التقيت به للمرة الثانية حيث حاولت أن أشرح له أن ما يقوم به سيفسد المشروع، ولكنه لم يستمع لكلامي فاعتبرت أن ما جئت من أجله لم يعد موجودا وقدمت استقالتي وشرحتها للرأي العام.
وهذا لا يتعلق نهائيا بتنظيم “من أجل موريتانيا”، وإذا لم تكن هنالك هدنة بين التنظيم والنظام فإنني لن ألتقي بولد عبد العزيز، وذلك لأنني أعتبر أنه كان لدي دور أعتبره مهماً في إنعاش التنظيم، وخلال الهدنة خف ذلك النشاط وأصبح لدي الكثير من الوقت فقررت تكريسه لهذا المشروع.
ولكنني أكرر بأنه لو كنا في فترة نواجه فيها النظام فلن ألتقي بولد عبد العزيز حتى من أجل قضية فنية، لأن هنالك أبعاد سياسية لا يمكن تحاشيها، وذلك ما جعلني أخبر جميع رفاقي في التنظيم بمبادرتي الشخصية وآخذ رأيهم فيها.
صحراء ميديا: لقد بدأتم كتنظيم معارض لانقلاب 2008، البعض يسأل إن كنتم تنوون تشكيل حزب سياسي أم ستكتفون بصفة التنظيم، وهل سبق وأن سعيتم إلى الحصول على ترخيص؟
محمد باب ولد سعيد: نحن لن نكون أبدا حزبا سياسيا، هذا كتبناه في ميثاقنا ونظامنا الداخلي، ونرجعه لسبب بسيط هو أن فينا شباباً ناشطين في أحزاب سياسية، ونعتبر أنه لا يمكن لأحد أن ينضم لحزبين سياسيين في نفس الوقت.
من جهة أخرى فإننا نعتبر أن النضال السياسي ليس مهنة، ولكن عندما تكون الحالة السياسية الوطنية تحتاج أن نقوم لها فسنقوم جميعا لهدف معين، على غرار ما قمنا به لمحاربة انقلاب 2008، فأغلبنا لم يكن يعرف الآخر قبل الانقلاب وإنما تعارفنا في الميدان.
أغلبنا ينظر للسياسة على أنها ليست مهنة وأن كل مواطن يمكنه أن يمارسها على مستواه وبطريقته الشخصية، فليس من الضروري أن يكون منضويا في حزب أو أن يمارسها مدى حياته.
إذا نحن لسنا حزبا سياسيا ولن نكون حزبا، وإنما منظمة سياسية ذات طابع سياسي ومدني إلا أننا لسنا سياسيين مهنيين.
أما فيما يخص الترخيص فقد سبق وأن طلبناه خلال فترة الانقلاب عندما قدمنا إلى موريتانيا وقمنا بفتح إذاعة في العاصمة نواكشوط، وأود هنا أن أفتح قوسا بخصوص تحرير الفضاء السمعي البصري الذي تعمل عليه الحكومة حيث نعتبر في تنظيم “من أجل موريتانيا” أننا لعبنا دوراً تاريخياً فيه لأننا فتحنا أول إذاعة ليست الإذاعة الرسمية، وقد طاردتنا الشرطة وهي الآن تحتجز أدواتها.
في تلك الفترة طلبنا الترخيص وقمنا بإيداع ملف لدى الحاكم، ولكن إدارة الأمن أوقفته عندما وصل إليها، لأن هنالك أشخاص أسماؤهم أو سيرهم الشخصية يعترضون عليها.
والآن لقد قمنا بتسجيل ملفنا لدى حاكم مقاطعة عرفات وحصلنا على الرقم 669 بتاريخ 08 مارس 2012، ونحن ماضون في السعي إلى الحصول على ترخيص للتنظيم.
صحراء ميديا: لقد بدأ عملكم مباشرة بعد انقلاب 2008 من خلال رفضه، في حالة ما إذا افترضنا أن هذا النظام انتهى بانقلاب آخر، هل سترفضونه بنفس مستوى الرفض الذي قمت به للانقلاب الماضي، ما هي نظرتكم لإسقاط “الأنظمة الانقلابية” بانقلابات أخرى؟
محمد باب ولد سعيد: نحن ضد الانقلابات وقد كتبنا ذلك في ديباجة مواقعنا الالكترونية، كما نعتبر أن الانتخابات هي التي يجب أن تصل بأحد إلى الحكم، وفي حالة ما إذا حدث انقلاب فسوف نندد به وسنرفض بطريقتنا أن يأتي عسكري في مكان عسكري آخر.
إننا نعتبر أن آفة موريتانيا منذ الانقلاب على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله تكمن في كون العسكريين متحكمين فيها ويعملون كل ما يريدون، سواء منهم العسكريين أو الذين استقالوا ولبسوا الزي المدني، ولذا فإننا نعتبر أن التغيير الحقيقي يأتي من خلال إبعاد العسكريين عن الحكم، وهذا لا يعني أننا ضد العسكريين.. فالعسكر يجب أن يكون جمهوريا ويخدم المؤسسات الجمهورية ويحميها ولا ينقلب عليها، كما أنه لا يجب أن تكون الجمهورية مكاناً لمعارك العسكريين فيما بينهم.
إذا نحن لا نعتبر أن الحل الآن هو في انقلاب عسكري ولا ننادي به، وإذا كان هنالك عسكريين يريدون انقلابا يجب عليهم أن يعرفوا أننا سنعتبر أنهم مجرد مرحلة في الطريق المؤدية إلى وصول المدنيين للحكم.
بكل صراحة.. ما قام به ولد عبد العزيز واعل ولد محمد فال في 2005، وبغض النظر عن نواياهم في الإطاحة بنظام ولد الطائع وتسليم السلطة للمدنيين، فإن ما جاء بعد ذلك من تهميش الأحزاب السياسية وترك العسكريين يديرون وحدهم المرحلة الانتقالية نعتبره كارثة على موريتانيا.
والآن يجب على العسكريين جميعا؛ من منهم في الحكم ومن يود أن يكون فيه أو من يحاول انقلابا، أن يعرفوا أننا ضد الانقلابات ولكننا سنعمل على التغيير الجذري الذي ننادي به حتى يعود الحكم للمدنيين بشكل حقيقي.
صحراء ميديا: ترى ما هي الآليات التي ستستخدمونها في المستقبل ؟
محمد باب ولد سعيد: إننا في تنظيم “من أجل موريتانيا” نعتبر أن كل منظمة يجب أن تشارك في هذا التغيير بطرقها الخاصة، ونحن لدينا سبعة مكاتب في مناطق عديدة من العالم: المغرب العربي وشمال إفريقيا، وأوروبا بثلاث مناطق، وأمريكا والإمارات؛ وهذه شبكة نعمل الآن على تفعيلها لإحداث تغيير في موريتانيا، وهو دور نعتبر أننا وحدنا من يملكه في الساحة السياسية الموريتانية، وسبق أن قمنا به في مرحلة معارضة الانقلاب الماضي.
الجديد الذي حققناه الآن هو مكتب موريتانيا الذي يحتوي على أكبر قدر من المنتسبين مقارنة مع المكاتب الأخرى، وسوف يشارك هذا المكتب فيما ينظمه الشباب الموريتاني من أنشطة، فإذا نزلوا للشارع سيكون معهم كما أنه سيحمل صبغته الخاصة.
كما أن دوراً تنسيقيا ينتظرنا، حيث سنعمل على التنسيق بين هذه الحركات الشبابية والمدنية من دون الأحزاب السياسية التي سننظر في كل ستتقدم به فكل ما يتماشى مع التغيير الذي نسعى إليه سنشارك فيه.
سنتبنى كل الوسائل التي تقربنا من التغيير بشرط أن تكون سلمية، ولكننا نعتبر أن المعارضة السلمية كثيرة وفعالة.. وبالمناسبة فإنني أتوجه بالتحية إلى قافلة الأمل الأخير التي انطلقت من انواذيبو، ثمانية أشخاص أو تسعة انطلقوا من انواذيبو وأعطوا من أنفسهم ومن وقتهم وصحتهم، وقطعا هم قادرين على هز هذا النظام أكثر من إضرام النار في حافلة أو قتل شخص، وهذا ما سنعمل عليه من خلال تطوير الوسائل السلمية بالتعاون مع المنظمات كلها والأحزاب السياسية الراغبة في التعاون.
الأغلبية الحاكمة ترى أن المعارضة تريد استنساخ تجارب الربيع العربي، ويقولون إن موريتانيا تختلف عن بقية الدول العربية التي شهدت ثورات، كيف ترون ذلك ؟
محمد باب ولد سعيد: يجب على الموريتانيين أن يعرفوا أن موريتانيا ليست في عزلة عن محيطها، وأن الشعب الموريتاني ليس قادماً من المريخ وأنه يتأثر بمحيطه الذي فيه كثير من التغيرات، وقطعا تلك التغيرات ستؤثر على الشعب الموريتاني.
وفي الحقيقة يجب علينا أن ننتهز فرصة أن ولد عبد العزيز يساعد في التغلب عليه وإحداث التغيير، لأنه أظهر من خلال حكمه أنه يحتقر الكثير من الناس، وأن لديه ليست مشرفة عن كل أطياف الشعب الموريتاني وذلك ما لن يقبل به الموريتانيون.
يجب أن لا نصل إلى مرحلة أن يقوم أشخاص آخرين بإضرام النار في أنفسهم، كما يجب على الشعب الموريتاني أن يهب وأن يعجل بالتغيير، ونحن في تنظيم “من أجل موريتانيا” نرى أن هذا التغيير ممكن وسنشارك فيه.
صحراء ميديا: ما رأيكم في الحوار الذي أجرته الأغلبية المدعمة وبعض أحزاب المعارضة، وكيف ترون نتائجه ؟
محمد باب ولد سعيد: نتائج هذا الحوار جاءتنا فوق التوقع، كما نعتبر أنها إيجابية ولكنها ليست كافية، أهم شيء فيها قضية اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في حالة ما إذا كانت تم إنشاؤها وكانت مستقلة بشكل حقيقي.
كما قلت الاتفاق الذي تم توقيعه بعد الحوار غير كاف، إضافة إلى أننا لسنا واثقين من أن ولد عبد العزيز لديه من النية الحسنة أو من احترام العهد ما يضمن تطبيق هذا الاتفاق، وهذه هي المشكلة الكبيرة المطروحة أمام الحوار كفكرة، لأنه لا يمكن لأحد أن يحاور من هو متيقن من عدم تنفيذه لما يتفق عليه.
ولد عبد العزيز لا يمارس السياسة بالمفهوم التقليدي المتفق عليه، والذي يتفق فيه الفرقاء على قضية قد تكون صعبة ولكنهم يطبقونها، نحن رأينا الاتفاق الذي وقعه مع حزب عادل ورأينا كيف أن الحزب انقسم إلى ثلاثة أجزاء، والاتفاق الذي عقده مع طرف من المعارضة رأينا نتيجته على المعارضة نفسها !! هذه ليست سياسة، فالسياسية ليس هدفها هو تفكيك الخصم.
يجب أن نعتبر أن الهدف من أي حوار هو تهدئة الوضع والاتفاق على ما سيتم تنفيذه، أما عندما يكون الهدف هو تفكيك الفريق الآخر وإضعافه يكون الحوار بلا فائدة.
إذا هنالك قضية الثقة التي بدأنا نستشعرها في المراوغات التي شهدتها قضية اللجنة المستقلة للانتخابات حيث طعن المجلس الدستوري في توافق بعض قوانينها مع الدستور؛ وهذه مشكلة كبيرة فإما أن يتراجعوا عما تم الاتفاق عليه أو أن يتجاوزوا المجلس الدستوري ويعتبروه غير مؤثر، وفي الحالتين هنالك كارثة، هذا إضافة إلى أننا الآن نتخبط في حالة خارج القانون وخارج الدستور، برلمان يجتمع ويمدد لنفسه!
نحن لسنا ضد الحوار ونعتبر أنه طريقة قادرة على إخراج موريتانيا من الأزمة التي توجد فيها، ولكن لم تعد هنالك ثقة في ولد عبد العزيز، وإذا كان سيتم تنظيم حوار آخر فيجب أن تكون شروطه وأهدافه ليست الأهداف والشروط التي كانت في الحوار الأخير، فيجب مثلاً وبشكل صريح أن يكون الهدف منه هو الدخول في مرحلة انتقالية جديدة وليس من الضروري أن يكون ولد عبد العزيز هو من يقود خلالها، وهذه فكرة يمكن أن تجتمع عليها القوى السياسية.
أعتقد أننا الآن في أزمة دستورية ليست بعيدة من الأزمة التي حدثت في آخر أيام حكم سيدي ولد الشيخ عبد الله، آنذاك كان عزيز يقول إن البرلمان موجود والمشكلة في المؤسسة الرئاسية، نحن الآن نقول إن المؤسسة الرئاسية موجودة والمشكلة في البرلمان الغائب، إن البرلمان هو من يشرع والحكومة تنفذ ما قام به البرلمان، إذا الحكومة بلا فائدة لأن هيئتها التشريعية غير موجودة، إذا هذه الأزمة لا بد لها من حل ولكنه لن يأتي من خلال آراء فنية تتعلق بطريقة تنظيم الانتخابات.