
مسعود ولد بلخير اتهم بعض المعارضين بمحاورة النظام “من خلف الستار” وبعقد صفقات معه
قال رئيس الجمعية الوطنية في موريتانيا مسعود ولد بلخير؛ رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض، إن ترحيب أحزاب منسقية المعارضة بلجنة الأزمة، المنشقة عن حزبه، “لا يزيدهم وزنا ولا يعطي لهم عناية أكبر، ولا يزيد في عددهم، كما أنه لا يزيد مصداقية المنسقية”، مشيرا إلى أن الأمر “لا يتجاوز، كما قلنا سابقا، زوبعة في فنجان”.
وأكد ولد بلخير؛ في مقابلة مطولة مع صحراء ميديا، أن حرص حزبه على تأجيل الانتخابات التشريعية والمحلية “يأتي من باب حرصنا على ضمان أكبر قدر من الشفافية والنزاهة وتحييد الإدارة عن العملية الانتخابية، وهذا هو مطلب وغاية كافة ألوان الطيف السياسي”؛ بحسب تعبيره.
وأضاف أن نتائج الحوار “لا يمكن وصفها بالهزيلة إلا من طرف من لا يهتم بوحدة البلد، ولا يؤمن بتعدده الثقافي واختلافه العرقي أو من لا يؤمن إلا بالتغييرات غير الدستورية”.
وأشار رئيس الحزب المعارض المشارك في الحوار مع النظام إلى أن الحوار ليس من أجل نظام أو مسائل شخصية أو حزبية، وإنما من أجل ما هو أسمى وأكبر وأهم من الكل “ألا وهو الوطن وحمايته من التفكك والانزلاقات ذات العواقب السيئة”.
وأكد مسعود أن العبودية موجودة بالفعل وممارسة في أرياف ومدن البلد، “وسأظل أعتبرها قائمة مادامت توجد منها ولو حالة واحدة، كما أني سأظل مناهضا لها حتى تختفي وتختفي معها كل القضايا التي تثير شعوري كالظلم والتهميش والإقصاء والتمييز”؛ على حد وصفه.
واتهم رئيس حزب التحالف بعض المعارضين بمحاورة النظام “من خلف الستار”، وبعقد صفقات معه، والبراءة من مواقف التحالف، مضيفا: “كانوا يقولون إن مسعود متطرف ويدعو للفتنة”.
نص المقابلة (الجزء الأول)
متى تتوقعون إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في ظل تمديد صلاحية البرلمان إلى اجل غير مسمى؟
قلنا في مرات عديدة ومازلنا على نفس المنوال أن تنظيم الانتخابات يستوجب توافر جملة من الآليات والإجراءات من أجل ضمان شفافية ونزاهة العملية التي هي الحصيلة النهائية ولب النشاط السياسي.
ومن أهم الآليات الانتخابية إصلاح الحالة المدنية، واستكمال عملية التقييد والتأكد من أن كل موريتاني حصل على أوراقه المدنية وتم تسجيله على اللائحة الانتخابية بما في ذلك الموريتانيون المقيمون في الخارج.. هذه هي أهم الأدوات الانتخابية وبدون توفرها فلا تبقى العملية الانتخابية بلا معنى، ولن تؤدي للبلد إلا لمزيد المشاكل والبلابل، وفي انعدام وجود هذه الأدوات ستلجأ الإدارة وكعادتها للتزوير والتلاعب بأصوات المواطنين،غير أن حرصنا على تأجيلها يأتي من باب حرصنا على ضمان أكبر قدر من الشفافية والنزاهة وتحييد الإدارة عن العملية الانتخابية، وهذا هو مطلب وغاية كافة ألوان الطيف السياسي وخصوصا نحن أحزاب المعارضة.
يرى البعض أن نواب حزبكم في البرلمان، ومنذ إجراء الحوار مع النظام، أصبحوا يحجمون عن انتقاد برامج الحكومة خوفا من نكوصها عن تنفيذ بنود الحوار حتى اعتبروا جزءا من نواب الأغلبية.. ما هو ردكم؟
الحزب لم يغير موقفه ولم تتغير نظرته حول الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون وعدم قدرتهم على التحمل لتبعات الأزمات، وهو ما جعلني أفضل طريق الحوار على كافة الطرق، فنحن حزب معارض ومعارضتنا معارضة مسؤولة وواعية ومنطلقة من تطلعات وطموح شعبنا المتعطش لترسيخ الممارسة الديمقراطية بأسلوب هادئ، ونواب الحزب مازالوا يؤدون أدوارهم على نفس الطريقة والنهج المعهودين في سلوك تعامل الحزب مع كافة القضايا التي تهم البلد وأهله، متبعين لذلك أسلوب النقد البناء والموضوعي والهادف للتغيير بالطرق الديمقراطية المعهودة.
وفي رأينا فالمهم هو أن يصل النقد للجهات المعنية وأنا في اتصالاتي المستمرة مع رئيس الجمهورية أبين له على الدوام موقف حزبنا من كل القضايا وعدم رضانا عن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة لحل المشاكل خصوصا تلك التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالحياة اليومية للمواطنين من أجل البحث عن كل ما يمكن أن يوفر ويحسن ظروف العيش الكريم للمواطنين مع احترام كرامتهم، وهذا هو نهجنا وقد كنا سباقين لذلك وبيانات الحزب خير شاهد، والذي أثار انتباهي هو أن هذا النقد في الفترة الأخيرة موجه في مجمله لنتائج الحوار التي يعرف الجميع أنها أضافت نقلة نوعية لترسيخ الممارسة الديمقراطية في بلدنا،وسواء تقبلوا ذلك أو امتنعوا فإننا لن نشارك في حملة تضليلية ضد أمور نحن واثقون من أنها تشكل بالنسبة للشعب الكثير ،أما المسائل العامة التي تهم حياة الشعب فقد كنا ومازلنا أول من يهتم بها وحتى الشعار الذي يردد البعض اليوم “الرحيل “نحن هم أول من نطق به في آخر مهرجان للمنسقية قبل الحوار ،فالحزب يمكن أن يتجاوز بعض الأمور من أجل المصلحة العامة لأنها تتطلب كل التضحيات وتجاوز كل الخلافات ونكران الذات ،فنحن لا نتخذ الرشاوى على مواقفنا لأنها تعبر عن قناعتنا المبدئية بأن الشعب يحق له أن يكون هو المصدر الوحيد للسلطة وان تكون الإدارة في خدمته ،فنتائج الحوار عبارة عن اتفاق سياسي بين أطراف سياسية وكتل وأقطاب هامة ومهمة ولن نكون نحن الأول من يتنصل منه أو يخل ببند من بنوده أو يتراجع عن تطبيق ما جاء فيه فالنتائج التي حصلت منه نحن على يقين من أنها جيدة وستدفع البلد في الإتجاه الديمقراطي الصحيح ،فليس من شيمنا المخادعة أو التراجع أو المراوغة أو التهرب من أشياء إقتنعنا بها وبضرورتها والتزمنا بتطبيقها، فلو كنا من أولئك المعروفين بذلك لرددنا بالمثل على خيانات كبرى رحنا ضحيتها من بعض التشكيلات السياسية في تحالفاتنا معها في فترات سابقة.
ما ردكم على تصريح قادة المعارضة أن مسيرتها سوف تؤسس لبداية ثورة ضد النظام، وأن الحوار لن يغنى عنه شيئا إذ أن غالبية أحزاب المعارضة قاطعته؛ كما يقولون؟
أقوال المنسقية لا تلزم غيرها، وأنشطتها وأفعالها لاتهمنا ،فالحديث عن الثورة أصبح جزء من الماضي، ومشاركتنا في الحوار ليست من أجل نظام أو مسائل شخصية أو حزبية وإنما هي من أجل ما هو أسمى وأكبر وأهم من الكل ألا وهو الوطن وحمايته من التفكك والإنزلاقات ذات العواقب السيئة، فلتكن الفكرة واضحة وصريحة فالوطن يستحق منا كل شيء وسندافع عن تماسكه ووحدته بما في وسعنا وسنتحالف مع كل من يضع في أولويات مشروعه المصلحة العليا للبلد.
أعلن حزب التحالف دعوته إلى التعبئة ضد من وصفهم بمهددي وحدة البلاد.. ما هو شكل “لتعبئة”؟
التعبئة التي دعا لها الحزب أنصاره وكل الموريتانيين هي التصدي للدعايات المغرضة والحملات التشويهية والتسفيهية لما تحقق من نتائج ملموسة في الحوار الذي جمعنا مع الأغلبية الرئاسية، فعلى المناضلين والمواطنين المخلصين تبيين الحقائق التي يحاول البعض التشويش عليها بحملات دعائية مغرضة تعتمد ترويج الشائعات والأساطير وتتعمد قلب الحقائق ،عن طريق إقناع الناس أنه مهما كانت الويلات التي يعيشها الشعب فإن الحرب والفتن لن تكون هي البديل الأفضل والأحسن ،غير أنه سيبقى بالفعل أناس يخيل لهم أنه بإمكانهم الوصول للسلطة بهذه الطريقة وهذا هو عين الاصطياد في المياه العكرة ،فهم لا يضعون في حساباتهم أن البلد إذا تمزق وأنقسم إلى فصائل ومجموعات أنهم ما الذي سيترأسون عليه، والأغرب من ذلك أنه كلما وجد هذا الشعب المسكين طريقة يمكن أن توصله لتدعيم الممارسة الديمقراطية، نجد هؤلاء يتحركون عكس الاتجاه ويدعون للانقلابات ويمهدون لها ولا يعطون إلا الصور المظلمة عما يدور في البلد، وقع هذا مع الحكم المدني الذي عرفنا مع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ،كل هذه التحركات ليس لها من دوافع سوى أن زيدا لم يصل للسلطة وهذا لا يخدم البلد ولا سكانه.
المجلس الدستورى طعن في السن المتعلقة بأعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات، هل ما زلتم متمسكون بما تم الاتفاق عليه، أم أنكم ستقبلون الطعن؟
أنا ديمقراطي أحترم القانون وأعمل به كما أحترم الاتفاقيات والبروتوكولات التي أوقع عليها مادامت لا تتعارض مع الدستور والنظم المعمول بها، ولهذا فإننا واعتبارا لاحترامنا لأنفسنا نتمسك بالنتائج التي تم الاتفاق عليها بيننا والأغلبية المدعمة، ولن نختلف معهم على مسألة قانونية، لكني لا أرى أي مسوغ لاعتراض المجلس الدستوري على السن العمرية لأعضاء الهيئة، وهنا لن يقع تعارض المهم أن لا يقل عمر العضو عن 40 سنة ويمكن أن يكون 60 سنة.
هل تعتبرون أن العبودية ما زالت واقعا ممارسا في البلاد أم أنها اختفت؟
العبودية فعلا موجودة وممارسة هنا في بلدنا في أريافه ومدنه، وسأظل أعتبرها قائمة مادامت توجد منها ولو حالة واحدة ،كما أني سأظل مناهضا لها حتى تختفي وتختفي معها كل القضايا التي تثير شعوري كالظلم والتهميش والإقصاء والتمييز، وأرى أن أحسن طريقة لمعالجتها هي الطريقة التي بدأناها منذ العام 2007 بسن قوانين لتجريمها واكتملت هذه المنظومة القانونية بإدخال مادة في الدستور لتجريمها وهذا هو النهج الصحيح، وجود قوانين واضحة وصريحة، خاصة وأن القضاء بدأ ولأول مرة يصدر أحكاما على ممارسيها وهذا شيء إيجابي، والعبودية أصبحت كلمة حق أريد بها باطل لأن أولئك المنكرون لها بالأمس والمتهمون لمناهضيها بالتطرف هم الآن يمتطون خطابها لأنهم تأكدوا من نزاهة نضالنا ووطنيته وتمسكنا بالسلم وحرصنا على الوحدة والتوحد، وبهذه المناسبة أوجه نداء خاصا للأرقاء والأرقاء السابقين أن يثقوا في أنفسهم ويتأكدوا أنهم مواطنون على نفس الدرجة مع الآخرين وأن يعطوا العناية لأنفسهم .
أعضاء لجنة الأزمة خرجوا من عباءة حزبكم، كيف ترون خطورة خروجهم على تماسك الحزب في ظل ترحيب منسقية المعارضة بهم؟
ترحيب المنسقية بهم لا يزيدهم وزنا ولا يعطي لهم عناية أكبر، ولا يزيد في عددهم كما أنه لا يزيد مصداقية المنسقية،فالأمر لا يتجاوز كما قلنا سابقا زوبعة في فنجان.
هل يمكن أن يعود حزب التحالف يوما ما إلى حظيرة منسقية المعارضة ؟
نسحبنا من المنسقية رفقة بعض الأحزاب ولسنا نادمين على ذلك بعد أن تبين لنا أنهم في سبيل السلطة يمكنهم التضحية بالمجتمع والبلد وما دام خطابهم ونهجهم في هذا الاتجاه فإنه يستحيل علينا الاتفاق معهم، نحن ليست عندنا مشكلة مع الأشخاص فالمشكل في التوجهات والأهداف التي نتحرك جميعا من أجلها، فهم يتحركون من أجل ثورة ليست من أجل حماية المظلومين ولا من أجل نشر العدالة بين المواطنين و لا من أجل مناهضة العبودية وحماية الأرقاء ،ثورة من أجل السلطة وتقسيم الشعب إلى أراذل ونبلاء.. وهذا ما لن نشارك فيه أبدا.
هل حدث أي اتصال بينكم شخصيا وبين قادة المنسقية منذ الحوار مع النظام؟
نلتقي كبرلمانيين وآخر لقاء جمعني بهم قبل انعقاد المؤتمر البرلماني ناديت لرؤساء الفرق البرلمانية للمنسقية لأطلعهم على هدف المؤتمر و نظامه الداخلي.
كيف ترون تصريح رئيس حزب حمام الذي اعتبر أن الحوار كان “مسرحية ” مع العلم أن حزبه كان ضمن المشاركين فيه؟ وتهديده بكشف كواليس الحوار في قادم الأيام؟
ليست لدينا أية خشية من كشف كل الأسرار مع أنه ليست هناك أسرار نخاف من كشفها، دخلنا الحوار بطريقة معلنة وواضحة ونتائجه لا يمكن وصفها بالهزيلة إلا من طرف من لا يهتم بوحدة البلد ولا يؤمن بتعدده الثقافي واختلافه العرقي أو من لا يؤمن إلا بالتغييرات غير الدستورية .
بعض قادة المنسقية قال إنكم تعيقون تحرك المعارضة لإسقاط النظام وحين خرجتم منها أصبحت جاهزة ؟
أنا لا اهتم بالقيل والقال ولا أضع نفسي و لا اسخر وقتي للاتهام والاتهام المضاد، فهذا لا يفيد البلد ولا يقدمه، صحيح أنني وقفت ضد العنف والفوضى والفتن، والسلطة ليست أحب علي من الحفاظ على مصلحة البلد ووحدته فلا أرضى لنفسي أن أصل إلى السلطة على اثر أنات المواطنين وآلامهم ولا على جثثهم، خصوصا أني رأيت ما وقع في البلدان الأخرى وأن الذين تحكموا فيهم بعد الثورات إنما وصلوا على الجثث، وقناعتي الراسخة هي أن أصل لهدفي –السلطة- بسلام وشرف ودون إذاية أي مواطن والشعب والتاريخ هما الحكم وسينطقان في مقتبل الأيام.
فإدعاءات البعض يكذبها تاريخ المعارضة، في الوقت الذي كنا نحن فيه نتصارع مع النظام كان البعض يحاوره من خلف الستار ويعقد معه الصفقات ويتبرأ له منا ويتودد له بل يقول إن مسعود متطرف ويدعوا للفتنة إلى غير ذلك من الأوصاف التي نرمى بها عادة، والسبب في تصعيدهم الخطابي هو محاولة تأكيدهم للمواطنين أنهم جادين هذه المرة في معارضتهم، أنا خرجت من المنسقية منذ سنة لكنني لم أر شيئا لافتا للانتباه غير محاولة دفع الشعب كثمن للوصول إلى السلطة، وأنا رسمت لنفسي طريقا وهم كذلك رسموا لأنفسهم آخر، لكنهم يرمونني بأفعالهم وتصرفاتهم، غير أنهم يعرفون أنني لست مثلهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار: محمد ولد محمد لولي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الجزء المتبقي يتناول مسعود ولد بلخير مواضيع:
ـ الموقف من النظام
ـ الجفاف
ـ الأسعار
ـ حركة الحر
ـ الحرب على القاعدة
ـ الحراك الطلابي و25 فبراير، و”لا تلمس جنسيتي”.