أثارت اللغة الفرنسية الجدل داخل البرلمان الموريتاني، وذلك بعد أن شرعت رئاسة البرلمان خلال الدورة السابقة في محاولة ترجمة مداخلات النواب إلى اللغات الوطنية (العربية، البولارية، السوننكية، الولفية)، والاستغناء عن اللغة الفرنسية، وهو ما أثار الكثير من الجدل خاصة بعد ملاحظة نواقص كبيرة في الترجمة الفورية.
ونفى البرلمان الموريتاني في بيان صادر اليوم الأربعاء أن يكون هنالك أي قرار أو نص يمنع استخدام اللغة الفرنسية تحت قبته، مستغرباً نشر الخبر وبثه من طرف إذاعة فرنسا الدولية.
غير محرمة !
وقال البرلمان في بيان صحفي مكتوب باللغة الفرنسية، نُشر على الموقع الإلكتروني للبرلمان وصفحته على الفيسبوك: «لقد تفاجأنا بمقال منشور على الموقع الإلكتروني لإذاعة فرنسا الدولية، كان موضوع ريبورتاج بثته الإذاعة المحترمة يعلن تحريم استخدام اللغة الفرنسية في البرلمان الموريتاني».
وأضاف البرلمان في بيانه: «هذه المعلومة بكل بساطة لا أساس لها من الصحة».
وأوضح البرلمان أن «الفرنسية، ككل أشكال التعبير، لم تكن أبداً محل أي تحريم، وهنالك نواب مستمرون في استخدامها»، كما أنها إلى جانب اللغة العربية ما تزال هي لغة كتابة الوثائق والقوانين والمراسلات في البرلمان، وفق نص البيان.
غير مترجمة !
البرلمان شرح أنه أطلق خدمة لترجمة المداخلات بطلب من بعض النواب، ونظراً لما يقتضيه النظام الداخلي للجمعية الوطنية فإن «قسم الترجمة لا يمكنه أن يضمن الترجمة لأكثر من أربع لغات؛ اللهجات الوطنية الثلاث واللغة الرسمية التي هي اللغة العربية».
وبموجب ذلك تخرج اللغة الفرنسية من قائمة خيارات الترجمة، وهو ما أوضح البرلمان أن سببه «تقني».
وشدد البرلمان في نهاية بيانه على أن رئيس البرلمان الشيخ ولد بايه ظل يوضح الأمر كل ما سنحت الفرصة «ولم يحدث في أي لحظة أن تم إعلان أو القول إن الفرنسية محرمة».
ديماغوجية !
ولكن حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض أصدر بياناً هو الآخر انتقد فيه إجراءات البرلمان بخصوص اللغات الوطنية، وقال: «من الضروري أن يتاح لجميع فئات الشعب الولوج إلى نقاشات الجمعية الوطنية، بكل إنصاف».
ورفض التكتل «قرار الاستخدام الحصري للغات الوطنية في البرلمان الصادر مؤخرًا»، وقال إن تنفيذه تم «بدون إعداد محكم وعلى عجلة»، متفادياً الحديث عن اللغة الفرنسية بل إنه اكتفى بانتقاد غياب الترجمة بين اللهجات الوطنية نفسها مشيراً إلى أن «المُداخلات باللغة العربية تترجم إلى اللغات الوطنية الأخرى، لكنها لا تترجم التدخلات بالبولارية أو السونينكية أو الولفية سوى إلى العربية، وبالتالي فهي تتجاهل اللغتين الأخريين».
كما انتقد الحزب الترجمة المقدمة من طرف قناة «البرلمانية»، وقال إنها «لا تُقدم ترجمة منهجية إلى اللغات الوطنية لصالح المشاهدين، فتظهر النائب المتدخل وكأنه يتحدث بصفة حصرية لمجتمعه، وهو ما يُعتبر دعوة للفئوية، تنطوي على تهديد خطير للتماسك الوطني وللقيم الجمهورية».
وخلص الحزب المعارض إلى القول إن «هذا الإجراء الديماغوجي لا يخدم بأي حال من الأحوال – في شكله الحالي – الوحدة الوطنية»، ووصفه بأنه «حق أريد به باطل».
ودعا الحزب إلى «الإلغاء الفوري لهذا القرار، وإجراء دراسة فنية جادة، بإشراك جميع الفرق البرلمانية، لحل مسألة استخدام اللغات الوطنية في الجمعية الوطنية بطريقة منسّقة».