المعارضة متهمة بالخروج على النظام.. وتؤكد أن اعتصامها خطوة أولى للإطاحة ب”النظام”
نواكشوط ـ محمد ولد محمد لولي
إطفاء الانوار المطلة على شارع مسجد ابن عباس؛ على تمام الساعة الثانية والنصف من صباح اليوم الخميس، كان اللحظة التى ايقن خلالها شباب المنسقية أن ساعة الصدام مع الأمن قد أزفت.
“ها قد بدأت المؤامرة”؛ يقول احد شباب حزب تواصل الإسلامي لزملائه، ممن كانوا يتدارسون الوضع الامنى، فيقرر الجميع أخذ أماكنهم حول المنصة التي شهدت آخر مهرجان في أجندة الاعتصام، لكن المتوجسين آثروا إخفاء الأمر مخافة إيقاظ النيام، والفت من عضد المستيقظين.
يصعد حوالى 50 شابا المنصة التى يجلس عليها قادة المنسقية، مشكلين حزاما أمنيا خلف الزعماء، فى حين يواصل صاحب الربط دعوته المتحدثين “وكأن شيئا لن يقع”، داعيا محمد غلام ولد الحاج الشيخ باسم “سفير الحرية ” إلى الصعود، فبدأ المدعو بالحديث عن مصير النظام الموريتانى فى حين كان مصير الاعتصام نفسه على المحك.
وفي الجانب الغربى من الساحة كانت 4 خيم تعج بالمعتصمين الذين خلدوا الى النوم فىما يشبه استراحة “المحارب”، في حين كانت خديجة تعد الشاي لبعض المعتصمين مرددة شعار “لن ننام لن ننام.. حتى يرحل النظام “.
وفى الشوارع الخلفية وتحديدا قرب مبنى الوزارة الأولى، وعلى حين غرة من جل المعتصمين، كان عناصر الشرطة يتخذون مواقعها حول المخيم المضروب بغرض الاعتصام.
حشود الشرطة كانت تنتظر ببداية الهجوم وصول 3 سيارات من الحماية المدنية التحقت بالرتل المرابط قبالة مبنى الوزارة الأولى ، وعلى تمام الساعة الثالثة وخمس وأربعين تحركت الشرطة نحو المخيم من 3 جهات تاركة ممرا وحيدا لخروج المتظاهرين من الساحة قبالة مفوضية المرور .
يصعد أحد شباب المنسقية داعيا المعتصمين الى الثبات، وهو ينظر إلى الشرطة التى فاجأتهم من طريق ضيق قبالة اتحاد ارباب العمال الموريتانين كان المعتصمون قد سدوه بإحدى السيارت رباعية الدفع.
بيد ان الأوامر العليا التي يتلقاها أفراد الأمن المكلف بفض الاعتصام يبدو أنها كانت جاهزة وصارمة بمجرد تطويق الميدان لتبدأ المعركة “دون سابق إنذار”.
هب بعض المعتصمين فزعا عند إطلاق اول قنبلة صوتية استهدفت وسط الميدان، لتبدأ صهاريج الحماية المدنية بتركيز خراطيم مياهها صوب المنصة التى قرر قادة المنسقية الثبات عليها مهما كان؛ يقول أحد القادة.
وعلى تمام الرابعة دخل شباب الحراسة في مواجهة مع الشرطة؛ التى قررت مهاجمة المنصة فى معركة لم تدم طويلا، قبل ان يقرر الرؤساء النزول عنها تحت ضغط سخونة المعركة وتلوث الهواء بالغازات وبرودة جو زاد من حدته سكب المياه على المعتصمين.
كان العقيد السابق عبد الرحمان ولد بوبكر من أكثر القادة تأثرا بالغازات بعد ان تم الهجموم على قادة المنسقية من جهة الشمال والجنوب ليتدخل بعض الشباب ويرغمون بعض القادة على”الرحيل” عن المنصة.
يقول احد المعتصمين لزمليه “لولا المياه لكانت مجزرة”، وهما يحاولان تلمس طريق للهرب إلى جهة السجن المدنى.
اسفرت المعارك عن سقوط عدة جرحى من بينهم سيدة أغمى عليها بعد استنشاق كميات كبيرة من الغاز، نقلتها الشرطة على عجل فى احدى سياراتها الى المستشفى الوطنى، وغادر معظم المعتصمين ميدان الاعتصام باتجاه كرفور مدريد حيث أحرق المتظاهرون إطارات السيارت قبل ان تنتقل المعارك الى محيط لكصر من جديد.. لتضع “الحرب” أوزارها مع انبلاج فجر اليوم الجديد.
قوات الشرطة التي كسبت أولى معاركها في فض اعتصامات المعارضة، عادت لتقويض خيم المعتصمين، بعد أن لم يبق في الساحة سوى رائحة مسيلات الدموع شاهدة على شراسة معركة لإنهاء اعتصام اعتبره النظام خروجا على النظام، بينما ترى فيه المعارضة بداية الإطاحة ب”النظام”.