نواكشوط ـ صحراء ميديا
بعد ليلة طويلة بدأت باعتصام وانتهت باقتحام، بدت ساحة ابن عباس صباح اليوم خالية من كل شيء عدا سيارات تابعة للشرطة الموريتانية وبعض الآثار التي تشهد على أن الساحة كانت مسرحاً لـ”معركة”، فيما كان “آخر المنسحبين” ينام في الساحة غير آبه بوجود الشرطة.
كان الرجل الأربعيني يلتف في “دراعته” متخذاً من ذراعه وسادة ومن أرض الساحة فراشاً ويغط في نوم عميق زادته جرعة الإرهاق التي نالها من معارك ليلية مع الشرطة التي اعتقلته أثناء فض الاعتصام وأفرجت عنه ليعود إلى “ميدان الرحيل” مواصلاً اعتصامه.
استيقظ الرجل على عناصر من الشرطة عند رأسه يطلبون منه إخلاء الساحة، أعلن رفضه المطلق ودخل في موجة من ترديد الشعارات المناوئة للنظام.. “يسقط عزيز”، مؤكداً أنه “باقٍ في الاعتصام حتى يرحل النظام”، حسب قوله.
وأمام حشد من المارة تجمهروا لمتابعة آخر المنسحبين من “بشائر الحسم” وهو يرفض فض اعتصامه، قامت الشرطة باعتقاله بعد أن فشلت في إقناعه بالانسحاب، “اعتقالها له كان ودياً ولبقاً” يعلق أحد المارة، مشيراً إلى الطريقة المحترمة التي عاملت بها الشرطة الرجل.
فيما قال آخر وهو يحمل شظايا إحدى قنابل الغاز المسيل للدموع “يبدو أن الشرطة تكون أكثر عدوانية في الليل والظلام”، مضيفاً بأنه لم يكن مشاركاً في الاعتصام ولكن أصوات القنابل وصلت إليه في “حي كرفور” حيث يسكن.
“عنف” تشهد عليه بقايا القنابل المسيلة للدموع وشظايا القنابل الصوتية، إضافة إلى آثار المياه القوية التي كانت الشرطة قد استخدمتها لتفريق المعتصمين، ولكنه “عنف مبرر” لدى السلطات الأمنية التي أرسلت تطلب من المعتصمين الانسحاب لأن اعتصامهم “غير شرعي”.
ولكنه من وجهة نظر أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية “إفصاح عن طبيعة نظام لا يعرف إلا العنف”، على حد تعبير مولاي العربي ولد مولاي امحمد الرئيس الدوري للمنسقية الذي أكد أنهم “سيتعاملون مع أحداث البارحة بطريقة حضارية”.
قادة المعارضة اعتبروا أن انسحابهم من الاعتصام “من أجل مصلحة موريتانيا، ولا يعني السكوت عن المطالبة بإسقاط النظام”، فيما يرى موالون للنظام أن الاقتحام الذي قامت به الشرطة هو “من أجل مصلحة موريتانيا وبهدف حفظ الأمن والاستقرار”.