لم يكن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الذي أدى اليمين اليوم الأربعاء رئيسا للمجلس السيادي الحاكم الجديد في السودان، معروفا خارج دوائر الجيش حتى منتصف أبريل الماضي حين تولى دفة قيادة البلد العربي الإفريقي المضطرب.
وكان البرهان لعب دورا رئيسيا بعيدا عن الأضواء في مشاركة السودان في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، لكنه بات في دائرة الضوء حين تولى قيادة المجلس العسكري الانتقالي.
وتولى هذا المجلس السلطة في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير على يد الجيش في السادس منأبريل إثر تظاهرات حاشدة استمرت خمسة أشهر.
في اليوم التالي، أدى البرهان، “العسكري المخضرم”، اليمين كرئيس للمجلس العسكري، مرسخا قدميه كلاعب أساسي في المشهد الإقليمي.
وسيحل المجلس السيادي محل المجلس العسكري الانتقالي وسيشرف على تشكيل الحكومة والمجلس التشريعي الانتقاليين.
بعد فشل متتالي الربيع الفائت للمفاوضات بين الجيش والمحتجين حول ما إذا كانت قيادة مجلس السيادة الانتقالي ستؤول الى عسكري أم مدني، قام البرهان بزيارات الى مصر والإمارات والسعودية.
والسعودية والإمارات من أبرز المانحين للسودان، وقد أودعتا 500 مليون دولار مبدئيا في المصرف المركزي منذ إطاحة الرئيس السابق عمر البشير، ضمن حزمة مساعدات قيمتها 3 مليارات دولار.
وتولى البرهان في 12أبريل منصبه بعدما تنازل الفريق أول ركن عوض ابن عوف عن رئاسته بعد أقل من 24 ساعة في السلطة.
وكان المتظاهرون الذين يطالبون بتولي حكومة مدنية السلطة بعد انتهاء حكم البشير لثلاثة عقود، اعتبروا ابن عوف من داخل النظام وحليفا مقربا من الرئيس السابق.
وباستقالة ابن عوف، تحول البرهان من شخصية تعمل في الظل إلى رئيس للبلاد بحكم الأمر الواقع.
ويقول ضابط في الجيش طلب عدم الكشف عن هويته إن “البرهان ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة… لم يكن يوما تحت الأضواء كما هو الحال بالنسبة لابن عوف (الذي كان وزيرا للدفاع) والفريق أول ركن كمال عبد المعروف (الذي كان رئيس أركان الجيش)”.
وخلال الأشهر الماضية، واصل البرهان الابتعاد عن الاضواء في شكل واضح، وقد عهد دوما لأعضاء آخرين في المجلس العسكري التحدث للإعلام.
وأمضى البرهان فترة من حياته المهنية كملحق عسكري لدى بكين. ويقول الضابط السوداني عن البرهان إنه “ضابط كبير يعرف كي يقود قواته”، مضيفا “ليست لديه ميول سياسية، إنه عسكري”.
ولد البرهان عام 1960 في قرية قندتو شمال الخرطوم، ودرس في الكلية الحربية ولاحقا في مصر والأردن. وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء.
وكان قائدا لسلاح البر قبل أن يعينه البشير في منصب المفت ش العام للجيش فبراير الماضي.
وتشير وسائل الإعلام السودانية ومحللون إلى أن البرهان تولى عملية تنسيق إرسال جنود سودانيين إلى اليمن في إطار التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وأرسل البشير قوات سودانية إلى اليمن عام 2015 في إطار تحو ل رئيسي في السياسة الخارجية شهد تخل ي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود مع إيران عبر الانضمام للتحالف الذي تقوده الرياض.
ويشارك جنود وضباط سودانيون في الحرب اليمنية حيث أصيبوا بخسائر جسيمة.
وفي حين لا يزال عدد الجنود السودانيين المنتشرين في اليمن غير واضح، أثارت صور الجنود القتلى والمصابين على وسائل التواصل الاجتماعي مطالب متكررة بسحبهم.
وتقول ويلو بيردج، مؤلفة كتاب “الانتفاضات المدنية في السودان الحديث” وأستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل، إنه بموجب توليه الملف اليمني، عمل البرهان عن كثب مع قوات الدعم السريع.
وتضيف أن دعم هذه المجموعة أوصله “الآن إلى السلطة” على ما يبدو.
ويقود قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. وهي قوات شبه عسكرية واسعة الانتشار والنفوذ ويخشاها الناس على نطاق واسع في السودان. وقد اتهمها المحتجون مرارا بارتكاب انتهاكات، الأمر الذي ينفيه حميدتي ويقول إن ها مزاعم لتشويه صورة قواته. لكن ينظر الى حميدتي على نطاق واسع على أنه “الرجل القوي” في البلاد حاليا.
المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية ( أ ف ب)