ليس الكتاب مجرد كيان مادي بل انه كائن حي يتفاعل مع محيطه السياسي والثقافي والاجتماعي ومن المؤكد ان حياة الانسان قد تأثرت قديما وحديثا بالكتاب كوسيلة اساسية من وسائل الاتصال فرغم التقدم التكنلوجي والثورة الرقمية مازالت الكلمة المكتوبة لم تفقد سحرها على مر العصور ومازال الكتاب يستهوي اعين الناس وقارئيه الا ان الكتاب يعيش اليوم في عالمنا العربي وفي موريتانيا بصفة خاصة ظروفا صعبة متردية للغاية تتجلى في مشكل القراءة والنشر والتوزيع.
ان معوقات تسويق الكتاب الموريتاني هي نفسها معوقات الكتاب العربي الا موريتانيا تنطبق عليها بنسبة %100 وباقي البلدان بنسب متفاوتة نظرا لمحاولات البعض الهادفة الى ترقية الكتاب العربي , ان موريتانيا ورغم تألق شعرائها والسمة الطيبة التي حظيث بها في الميدان الادبي إلا ان استفحال ازمة النشر فيها تربك حساب الكثيرين من المهتمين بشأنها الثقافي فلازالت عشرات الدواواين الشعرية والقصص الادبية والمألفات ذات القيمة العالية والكتابات النقدية الهادفة غير منشورة فالبلاد رغم ثرائها المعرفي والثقافي تفتقر الى وجود دار نشر واحدة فما في البلاد كلها هو عبارة عن مطابع تجارية لا اكثر ولا اقل وبالتالي فإن البلاد تعيش ازمة نشر حقيقية بحاجة الى وقفة مع الذات , وترجع اسباب هذه الازمة المعرقلة لإكمال الثالوث المشكل لمصير الكتاب الى عوامل سلبية مختلفة اهمها ,
عامل الامية الضاربة في عمق المجتمع الموريتاني وانعدام وعي المواطن بضرورة القراءة , العامل المادي الفقر الذي لايخول للمواطن من اقتناء كتاب , وعدم مراعاة الدولة للشأن الثقافي والرفع من قيمة الكتاب ,بحيث انه لاوجود لجهة راعية لتأليف في موريتانيا فالمؤلف الموريتاني هو من يتحمل اعباء نشر كتابه وتوزيعه وهذه الطريقة النضالية لم تعد مجدية بالنسبة للكثيرين ممن دفعهم شغفهم للكتابة لها وبالتالي باتوا يحبذون بل ويعتمدون على الكتاب الالكتروني في نشر كتبهم كونه البديل الا مثل عن دار النشر المفقودة ,
ولتغلب على هذه المعوقات يجب بداية التخطيط لمستقبل افضل للكتاب الموريتاني وهذا لن يتم إلا باتباع الخطوات التالية
1خلق طبقة مثقفة واعية تدرك حجم المسؤولية واهمية الكتاب ومضار غيابه على المجتمع
2-الاهتمام بالكاتب والمثقف وتشجيعه من طرف الجهات المعنية النافذة الدولة وكذا رجال الاعمال
3-تأطير الكادر المهني الملائم الذي يخدم في هذا المجال حتى تنعكس الصورة بالايجابية على مختلف الجوانب الاخرى
4-توفير الوسائل اللازمة من طرف الدولة
5-وضع سياسة وطنية واضحة المعالم تجاه الكتاب الوطني
هكذا اذا يبدو جليا ان العلاقة بين صناعة الكتاب تأليفا ونشرا وتوزيعا وبين مستوى الثقافة والوعي بالمجتمع هي علاقة طردية اي انه كلما زاد الوعي زادت صناعة الكتاب وزاد الطلب عليه وانتشر بين الناس كما انه بالمقابل كلما قل الوعي وانتشر الجهل تراجعت صناعة الكتاب وانتشاره واصبحت محصورة في ايدي قلة قليلة من الناس.