بنت خطري: عادل جزء من الأغلبية.. ولكنه يحمل رؤية جديدة “قد لا تستوعبها الطبقة السياسية”
عبرت فاطمة بنت خطري، نائبة رئيس حزب عادل؛ المنضوي تحت لواء الأغلبية في موريتانيا، عن خشيتها من تحول الحراك الذي تشهده الساحة الطلابية والنقابية إلى “أفعال لا يمكن التحكم فيها”.
وقالت بنت خطري؛ في مقابلة مع صحراء ميديا، إن الحلول التي تقدمها الحكومة “لا تتناسب مع حجم المطالب وهو أمر خطير جداً”، مطالبة بنقاش هذه المطالب وحلحلتها “حتى لا تتفاقم الأوضاع”.
وأكدت القيادية في حزب عادل أن الوضع الاقتصادي “خطير جداً” محلياً ودولياً، مشيرة إلى أن أسعار المحروقات والمواد الغذائية شهدت ارتفاعات متتالية والبطالبة متفشية، إضافة إلى الجفاف الذي يهدد الثروة الحيوانية كضامن للسلم الأهلي، وقالت إن هنالك “مشاكل حقيقة خطيرة” تشهدها موريتانيا.
وأضافت بأن الوضعية الاقتصادية تحتاج الكثير، معتبرة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة كمشروع “أمل 2012” ذات مخصصات مالية كبيرة، مؤكدة أنه “عندما يتم تسييرها بطريقة معقلنة ومدروسة تراعي حاجيات الناس والمواشي فإنها قد تخفف من وطأة الجفاف”، بحسب تعبيرها.
وعن علاقة حزبها بالنظام قالت بنت خطري إن حزب عادل “جزء من الأغلبية”، ولكنه يحمل “رؤية جديدة لهذه الأغلبية قد لا تستوعبها الطبقة السياسية”.
وأشارت، في نفس السياق، إلى أنه في هذه المرحلة “أصبحت الحدود ما بين الأغلبية والمعارضة ضئيلة”، مضيفة أن المصلحة الوطنية تتطلب من القوى السياسية التي تهتم بشأن البلد أن “تنهض من أجل منع موريتانيا من الوقوع في انزلاقات لا تتحكم فيها القوى السياسية”؛ على حد قولها.
نص المقابلة:
ما خلفية دعوة حزبكم، في أطار أحزاب موالية، لحوار جديدة وانتخابات رئاسية مبكرة؟
ـ أولاً حزب عادل؛ حتى أصحح المعلومة، لم يدع لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، ولكن من خلال قراءة متأنية وموضوعية للساحة وما يجري فيها من تفاعلات سياسية، رأى حزب عادل، وهذا هو النهج الذي تبنيناه من البداية، أن الحوار هو الحل لكل المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها البلد، وتبنيناه كنهج مبكرا، وكنا ممن شارك بإيجابية من أجل إنجاح “حوار دكار” الذي أفضى إلى انتخابات توافقية أخرجت البلاد من الأزمة الدستورية التي شهدتها.
ومنذ انتهاء تلك الانتخابات كنا من أوائل الأحزاب التي ناضلت من أجل أن يأخذ الحوار مكانته في الساحة ليتم تجاوز تلك العراقيل والمشاكل التي خلفتها الوضعية السابقة للانتخابات، ومضينا كحزب في حوار مع الأغلبية، ووضعنا خريطة طريق لحوار إيجابي، ونعتبر أن هذا الحوار الأخير كان ثمرة لذلك الاتفاق الذي وقعه حزب عادل مع الأغلبية، كما نعتبر أن الحوار الذي تم تنظيمه جاء بنتائج مهمة وتقدم بخطوات إيجابية في عدة مجالات، خاصة الترسانة الانتخابية التي شهدت تحسنا كبيراً وإيجابيا، ونحن نثمنه ونطالب بمتابعة تنفيذه وتجسيده على أرض الواقع.
وعلى الرغم من أهمية نتائج هذا الحوار، إلا أن غياب قوة وازنة في المشهد السياسي عن هذا الحوار جعلتنا نطالب بفتح حوار جديد تشارك فيه كافة القوى السياسية لتحقيق إجماع وطني في مرحلة تستدعي ذلك، ومن كان موضوعيا ويريد الاستقرار للبلد يجب أن يحاول تحقيق هذا الإجماع، فمن خلاله وحده يمكننا تسوية المشاكل التي يعيشها البلد، وذلك عن طريق مناقشة المشاكل الأساسية والعمل على إيجاد الحلول المناسبة، ونطالب كافة الفرقاء السياسيين تغليب المصلحة الوطنية كما برهنوا على ذلك في اللحظات التاريخية الحاسمة.
ـ ما مآخذكم على الحوار الذي شاركتم فيه؟
ـ كما قلت في البداية فأنا أعتبر أن الحوار أضاف الكثير ولم يحقق كل شيئ، ولكن بالطبع دوما تبقى هنالك تحسينات وتلك هي طبيعة العمل السياسي، فلا يمكن إلا أن يكون هنالك الأفضل والأحسن الذي نسعى من أجل تحقيقه، نعتبر أنه بالنسبة للجانب الانتخابي أضاف الكثير وأضاف تحسينات كبرى وخاصة فيما يتعلق باللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أعطاها صلاحيات واسعة، فهي مهمة وأساسية في العملية الانتخابية، وهنا أود أن أؤكد أن ما تم الاتفاق عليه يعتبر مهما وإيجابيا ويخدم ترسيخ الديمقراطية وشفافية الانتخابات ويجب أن نسهر على تنفيذه.
ما يهدد نتائج الحوار هو طعن المجلس الدستوري في عدم دستورية بعض الفقرات التي تضمنها هذا القانون، والتي تمسه في الصميم،
إذن ما نطالب به ونسعى من أجله هو أن نحاول مواءمة ما تم الاتفاق عليه مع دستورنا، ولكن الشيئ الأساسي هو تأكيدنا على أن ما تم الاتفاق عليه بشأن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بين الأطراف المتحاورة يجب أن يتم تجسيده، ولكن تبقى كيفية ذلك مجال نقاش.
ـ ما مدى شرعية التعديلات الدستورية من خلال مؤتمر البرلماني؟
ـ أنا لست قانونية ولكن أهتم بالمجال ودائما أتحدث مع المختصين فيه وأسألهم عن مدى مواءمة تعاطي السياسيين مع القوانين.
أعتبر أن دستورنا يجيز تعديله عن طريق المؤتمر البرلماني، أو أن هذه طريقة من الطرق التي يتم بها التعديل، مما يعني أنها مبوب عليها في الدستور، والتعديلات الدستورية من بين المسائل التي تم الاتفاق عليها في إطار الحوار الأخير بين أحزاب الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة.
إذن أعتبر أنها خطوة قانونية ما دامت لا تتضمن ما يتنافى مع الدستور، بل إنها آلية للتعديلات الدستورية، فأنا أعتبر أنه جائز ونحن لا نعترض على ما تم الاتفاق عليه، ونعتبره استجابة لمطالب القوى السياسية التي اتفقت عليه، لذلك فلا أعتبر أنها سوى خطوة عادية في إطار تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
ـ كيف تقيمون علاقات حزبكم مع النظام منذ انتقالكم من صفوف المعارضة؟.. ولماذا لم يتم تطبيق بنود اتفاقكم مع الحزب الحاكم؟
ـ نحن نعتبر أن هذا الحوار خطوة في إطار تنفيذ الاتفاق الذي تم بين حزب عادل والأغلبية، فقد وقعنا معهم اتفاقا يشترط تنفيذ كافة الإصلاحات من خلال نتائج حوار وطني شامل، فهذا هو كنه وجوهر اتفاق عادل مع الأغلبية.. لم تكن فيه أمور تحت الطاولة، كانت فيه إصلاحات لمنظومتنا الانتخابية، إصلاحات من اجل تعميق الديمقراطية، كان فيه مجموعة من الإصلاحات اتفقنا عليها ولكننا لم نقدم فيها وصفة جاهزة وإنما قلنا إن ما ينقصها أن يتم الوصول إليها عن طريق حوار بين الطبقة السياسية لأننا نحن لدينا رأي فيها وكل الأطراف لديها رأي ولا نريد أن نفرض فيها رأيا جاهزاً.
إذن نحن نعتبر أن اتفاق عادل مع الأغلبية جزء منه هو هذا الحوار ونود لو أنه يكتمل بحوار شامل يضم كافة أشكال الطيف السياسي، فنحن جزء من الأغلبية ونعتقد أن لدينا رؤية جديدة للأغلبية قد لا تستوعبها الطبقة السياسية ولا الرأي العام، وهي أن نكون أغلبية وبرأينا داخل الأغلبية، وقد يكون لدينا رأي ربما يكون معاكسا لما يراه الآخرون، ولكن لدينا رؤيتنا ونحن في الأغلبية ونعبر عنها.
ـ هل بات حزبكم على وشك العودة إلى صفوف المعارضة؟
ـ حزبنا لديه من الشجاعة والثقة في قراراته أن يعلن اتخاذ أي موقف، ولكننا الآن ما زلنا في الأغلبية، وكما قلت لك في البداية فقد يكون غريبا وغير مستوعب لدى الآخرين أن يكون حزب في الأغلبية ويطرح بعض الإشكالات ويثير بعض القضايا، ولكننا نعتبرها من باب الحرص على هذا البلد، ونعتبر أن الحدود ما بين الأغلبية والمعارضة، في هذه المرحلة بالذات، أصبحت ضئيلة، لأن المصلحة الوطنية تتطلب من القوى السياسية التي تهتم بشأن البلد أن تنهض من أجل أن تمنع وقوع موريتانيا في انزلاقات لا نتحكم فيها نحن كقوى سياسية.
إذن هذه الوثبة وهذه الرؤية هي التي ننطلق منها الآن ونود أن تذوب الحدود ما بين الأغلبية والمعارضة حتى نتجاوز هذه المرحلة.
ـ ما هي نظرتكم للحراك الطلابي والنقابي والسياسي الذي تعيشه الساحة الموريتانية اليوم ؟
ـ نحن لاحظنا منذ فترة، وسبق أن قلناها في تصريحات متعددة، على أن الساحة تشهد حراكا قويا، وهذا الحراك نخشى أن تتولد عنه أفعال لا يمكن التحكم فيها والسيطرة عليها.
كان من المفروض أن تلقى هذه المطالب المتزايدة للنقابات والطلاب تجاوبا من طرف الحكومة، وتحل تلك المشاكل، وما نلاحظه هو أن الحلول لا تتناسب مع حجم المطالب الموجودة في الساحة؛ وهذا خطير جداً.
إذن ما نطالب به هو أن يتم نقاش هذه المطالب بشكل متأني، وأن يتم السعي لحلحلة المشاكل حتى لا تتفاقم الأوضاع ويجر ذلك إلى أن تتجسد المطالب في عمل آخر لا نريده لبلدنا ولا نريد للبلد أن ينزلق إليه، ونحن نلاحظ أن حجم هذه المطالب يزداد يوما بعد يوم، وأن الحلول المقدمة لها لا تتناسب مع حجم المطالب الذي يكبر يوما بعد يوم ككرة الثلج المتدحرجة.
ـ كيف ترون الوضع الاقتصادي للبلد، وهل تخشون من انعكاسات سلبية لارتفاع الأسعار؟
بالنسبة لهذا السؤال فهو مهم لأن الوضع الاقتصادي العالمي هو فعلا خطير، الأسعار في بلدنا شهدت ارتفاعات متتالية، خاصة في المحروقات والمواد الغذائية، وينضاف إلى هذا ما يشهده البلد من جفاف يهدد الثروة الحيوانية.. كل ذلك من الأسباب التي تؤدي إلى تهديد السلم الاجتماعي، فالثروة الحيوانية تسد الكثير من الحاجيات الأساسية عند شريحة كبيرة من المجتمع، ومخزون كبير للعمالة وتسوي الكثير من المشاكل وهي مهددة الآن، وعندما لا يتم التجاوب مع هذه الوضعية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة، فإن هناك مشاكل حقيقة خطيرة سيشهدها بلدنا، لا قدر الله، وقد تشهدها بعض البلدان المجاورة، ولكن ما يهمنا ما نعيشه في بلدنا، فالوضعية الاقتصادية تحتاج للكثير، ونعتبر أن الحكومة عليها أن تعي خطورة الأمر، وقد بدأت في الإعلان عن خطة “أمل 2012” التي بلغنا أنها ممولة بغلاف مالي معتبر، ونعرف أنه عندما يتم تسييرها بطريقة معقلنة ومدروسة تراعي حاجيات الناس والمواشي، فإنها قد تخفف من وطأة هذه السنة.
ـ وهل تكفي خطة “أمل 2012” لمواجهة آثار الجفاف على المواطنين والمواشي؟
ـ كما قلت لكم في بداية جوابي على السؤال السابق على أن الوضعية فعلا وضعية صعبة، وأن المبالغ التي رصدتها الحكومة من أجل مواجهته نعتبرها مبالغ معتبرة، ونعتبر أنها عندما يتم تسييرها وإشراك كافة المسؤولين في العملية، وتوجيهها بطريقة إيجابية، فإنها ستكون قادرة على التصدي للجفاف ولارتفاع الأسعار، ولكن إلى حد الآن ليست لدي معلومات كافية عن ما تم إنجازه.
نحن نتلقى بعض المعلومات، قد تكون أدق منها معلوماتكم كصحفيين، لأنكم أقرب للمعلومة منا، ولكن إلى حد الآن مازال المواطنون يقولون إن المبالغ الكبيرة، لم تصل بنفس الحجم الذي يجب أن تصل به للمواطنين، نرجو أن يكون ذلك من أجل إتقان العملية وضبطها حتى تصل وتلبي الحاجة.
ـ هل تم بنظركم التعاطي الرسمي بشكل إيجابي مع ملف الدركي المختطف اعل ولد المختار ؟
بالمناسبة أنتهز هذه الفرصة لأطالب الحكومة وكافة الأطراف التي بإمكانها بذل جهد من أجل إنقاذ الدركي اعل ولد المختار وتحريره من أيدي مختطفيه، لوطنه وأسرته ووالدته.
أنا لست على اطلاع بالجهود التي بذلتها الحكومة لإطلاق سراح الدركي المختطف، وأرجو، وأملي كبير، في أن تكون الكومة قد وضعت القضية في مجال اهتمامها، وأن تكون قد بذلت مجهودا.. لكن، ومن هذا المنبر، أدعوها وجميع الأطراف القادرة على بذل جهد في هذا المجال، إلى أن تنقذ حياة هذا الدركي.
ـ تم، بناء على نتائج الحوار الأخير، تشكيل لائحة خاصة بالنساء مع الإبقاء على نسبتهن السابقة، هل ترين أن هذه النسبة كافية؟.. وكيف تنظرين إلى نتائج الحوار المتعلقة بالتمثيل النسوي؟
ـ هذه النقطة مهمة؛ لأنني أعتبر أنها نقطة سوداء في الحوار، فما تم نقاشه وتبنيه من طرفنا كحزب، ومن قبل الأطراف الأخرى التي شاركت في الحوار معنا للأمانة، على أن النسبة المخصصة للنساء التي تم الحصول في انتخابات 2006 وهي نسبة 20%، تظل مصانة كمكسب من مكاسب الديمقراطية، وعلى أنه يجب تحسين هذه النسبة لأنه في الديمقراطية يجب أن تكون كل خطوة أحسن من سابقتها، وعلى أن مشاركة المرأة مطلب تنموي ومطلب يجب أن يكون لدى كافة الأطراف، وألا يكون مطلبا لدى النساء وحدهن، هذا هو المفروض ويجب أن يكون هو الواقع.
لم نلاق أية صعوبة نظريا من الأطراف المشاركة في الحوار بل إننا نحن كمشاركات في الحوار التقينا باختلاف مشاربنا أغلبية ومعارضة واتفقنا على هذه النقطة، واتصلنا بالأطراف المشاركة في الحوار أغلبية ومعارضة وتبنوا معنا هذا الطرح على أن نمضي إلى نسبة 33%، هذا هو مطلبنا نحن على الأقل 33% كواحد من أهداف الألفية ونحن قادرون على تحقيقها وما تم الحصول عليه ليس فيه أي تراجع.
المفاجأة الكبيرة هي أن مشروع القانون الذي تم عرضه على الغرفتين فيه تراجع كبير في الكم وفي الآلية، فما يؤكده الآن هو أن المرأة ستحصل على لائحة 20 وكم تمثل هذه من 146 في غرفة الجمعية الوطنية، تمثل 13% وعندما نضيف لها غرفة الشيوخ التي لم تؤخذ آليات لولوج النساء لها لأن الآليات التي كانت موجودة تم تجاوزها ووصول المرأة عن طريق الولايات في الداخل كان مكسبا، ولو أنه لم يكن كميا ولكنه نوعي وكيفي مهم، لأنه من المهم أن تأتي المرأة من الداخل وتنتخب في الداخل وتكون شريكا في العملية التنموية.
هذه تراجعات كبرى ومن هذا المنطلق نعتبر أنه مطلوب من كافة القوى السياسية، معارضة وموالاة ونظام وغيره، إدراك أن هذا التراجع يعتبر وصمة عار في جبين موريتانيا، فمشاركة المرأة من المؤشرات التي يقاس بها تقدم وتنمية البلدان ومكانة المرأة في المجتمع، وعندما نكون بدل أن نخطوا إلى الأمام نسير إلى الخلف، فإن ذلك يعد مؤشرا خطيرا جدا على التنمية.