قدم رئيس لجنة الحكماء في اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات ديدي ولد بونعامه استقالته، مساء اليوم الأربعاء، استجابة لطلب من الحكومة الموريتانية قدمته الأمينة العامة للحكومة زينب بنت اعلي سالم، وفق مصادر “صحراء ميديا”.
ويوجد ولد بونعامه منذ عدة أيام في العاصمة الفرنسية باريس لتلقي العلاج، ولكنه سيعود الليلة (ليل الأربعاء/الخميس) إلى نواكشوط، ومن المتوقع أن يلتقي بالرئيس محمد ولد عبد العزيز يوم غد الخميس.
وبرر مصدر شبه رسمي تحدث لـ « صحراء ميديا » طلب الحكومة استقالة ولد بونعامه بالقول إنه « أصبح عبئاً » على الحكومة واللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وأضاف ذات المصدر أن السلطات الموريتانية وصلت إلى قناعة تامة بأن مهمة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أصبحت « على المحك »، وتعتقد أنه قد حان الوقت للتدخل وتفادي « الأسوأ »، وفق تعبير مصدر شبه رسمي.
ومن المتوقع أن تقدم السلطة شخصية لقيادة اللجنة الانتخابية، تكون من داخل صفوف الأغلبية وأكثر قدرة على إدارة العملية الانتخابية، ولملمة الفوضى التي حدثت داخل اللجنة خلال الأيام الماضية.
وتشير العديد من المصادر إلى أن السفير السابق والوزير محمد فال ولد بلال هو الخيار الأقوى الذي يتداول اسمه داخل أروقة السلطة، ومن الراجح أن يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للجنة في غضون ساعات قليلة.
وكان ولد بلال أحد الشخصيات المستقلة المؤسسة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في البلاد، ولكنه منذ فترة جمد أنشطته في صفوف المعارضة، وحضر العديد من الأنشطة المنظمة من طرف السلطة، فيما اعتبر وقتها نوعاً من التطبيع مع النظام.
ولكن حتى الآن لم يعلن ولد بلال بشكل صريح انسحابه من المعارضة ولا الالتحاق بصفوف الأغلبية الرئاسية الحاكمة، ولكن تعيينه على رأس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات سيكون بمثابة إعلان واضح وصريح، لأن هذا المنصب من نصيب الأغلبية الرئاسية الحاكمة، وفق توازنات لجنة الحكماء.
وكان غياب ولد بونعامه للعلاج خارج البلاد قد وضع جميع الصلاحيات في يد نائبه عثمان ولد بيجل، المعين من طرف حزب التحالف الشعبي التقدمي، وذلك ما يحدث خللاً واضحاً في التوازنات داخل قيادة اللجنة.
وتشير هذه التوازنات إلى أن الرئيس يجب أن يكون من صفوف الأغلبية الرئاسية الحاكمة، بينما يكون نائبه والأمين العام للجنة من صفوف أحزاب المعارضة، وهما في هذه الحالة من حزبي التحالف والوئام، ولكن غياب ولد بونعامه ضرب هذا التوازن في الصميم، يقول مصدر من داخل السلطة.
ويضيف ذات المصدر أن ولد بيجل الذي يحكم قبضته على اللجنة « لا يبدي أي نوع من المرونة تجاه السلطة، وذلك ما يؤثر بشكل واضح على التوازنات التي شكلت وفقها قيادة اللجنة »، كما يتحدث المصدر عن « قلة الخبرة الإدارية » لدى ولد بيجل، مشيراً إلى أنه كان معلم لغة فرنسية ولم يسبق أن تولى أي مهام إدارية.
في غضون ذلك تتحدث المصادر عن « حالة من الشلل » تصيب مختلف المفاصل الحيوية للجنة، فأغلب مصالحها معطلة في انتظار أن يتضح من سيقود اللجنة، ومن يملك الكلمة الفصل فيها.
وقد زاد الارتباك داخل مصالح اللجنة وفروعها، يوم الجمعة الماضي عندما اصطدمت بالحكومة بخصوص قرار تمديد فترة استلام ملفات الترشح للمجالس البلدية والجهوية، وهو الصدام الذي أنهته المحكمة العليا لصالح الحكومة.
وكانت المعارضة الموريتانية قد دخلت على الخط حين شككت في شرعية اللجنة، وقالت إنها فاقدة للتوافق حيث لم تشرك في تشكيلها، ولكن دخول ولد بلال المحتمل قد يغير بعض المعطيات.