بسم الله الرحمن الرحيم وصلي الله على نبيه الكريم
علمت بكامل الحزن والأسى وأنا خارج الوطن أن أخي وصديقي وأستاذنا الكبير أحمد سالم ولد ببوط انتقل إلى جوار ربه مساء الثلاثاء 10 يوليو 2018 في نواكشوط.
لقد كان المغفور له باذن الله قامة سامقة فى العلم والمعرفة ومثالا فى الأخلاق الحميدة. لقد كان بسيطا بساطة الجامعي الجدير، وكان صدوقا صدق الأستاذ الجليل، وكان طلعة فذا كما كان ثاقب البصيرة فى حقله المعرفي. وهو باحث لا يمل البحث والتدقيق وأمير لا يبارى فى لغة كتابته. وهو روعة فى دقة وسلاسة وحسن إتقان البناء الفكري والمنهج، فله أحسن دكتوراه فى القانون قدمها موريتاني حتى الآن.
لقد عرفت أحمد سالم وهو طفل صغير يعكف على كتابه تحت ضوء الإنارة فى ساعات الليل المتأخرة. كان لا ينقطع عن القراءة. وفوق كل ذلك لم يصب فى شبابه بما أصيب به بعض أترابه من غي الشباب الذي ينسيهم، فى عنفوان عمرهم، واجبهم الديني. لقد شد أحمد سالم على القيم الإسلامية مثابرة على العبادات صلاة وصياما وبرا بالوالدين وعطفا على الفقير ونصرة للمظلوم وللحق المطلق المجرد.
وفى كل ذلك، وتجسيدا له، ظل أحمد سالم لطيفا، مرحا، ساخرا سخرية النبلاء، يضحك الجليس دون تجريح ولا اغتياب.
كان مرجعا لنا جميعا في العلوم القانونية، فلا أنسى وكيف أنسى الأيام التي قضيناها معا في لجنة إعداد وتحرير الدستور الموريتاني 92 رفقة الإخوة الكرام الأستاذ محمد محمود ولد محمد صالح و محمد لمين ولد داهي، حيث كانت درايته التقنية وعلمه الوافر ودقة ملاحظته وحدة ذكائه وسداد رأيه خير ضامن لصحة اقتراحاتنا وحصافة ما ذهبنا إليه من آراء وحلول لبعض القضايا الشائكة.. ومع أنه أول مبرز موريتاني في القانون العام، فلقد ضرب أحسن مثال فى التواضع والانضباط لتولي شخصي المتواضع تنسيق وريادة الفريق.
ولا غرو فهو سليل أسرة أهل ببوط العريقة فى الشجرة الغيلانية المجيدة؛ فهم قوم جمعوا بين قيم العرب الأقحاح ذوي الشوكة والإقدام يوم الكرب وشيم الزوايا عند السجال، نظما ونثرا، بالكلم.
إنه خسارة جسيمة بشهادة عشرات الأساتذة الوطنيين مثل المفكر العربي السيد ولد اباه والأجانب مثل دديي وكوديسوه وغيرهم كثر.
اللهم اغفر له وأكرم منزله وارحمه – برحمتك الواسعة، وأسكنه أعلى فراديسك يا أرحم الراحمين.
اللهم ألهم آل ببوط الصبر والسلوان وقوة الايمان والرضاء بقضاء الله المحتوم…. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
محمد الحسن ولد لبات