خمس إصابات بعضها “بالرصاص الحي”.. وتلويح باحتجاجات رافضة للسوق الجديد
الطينطان ـ الرجل بن عمر.
بينما وعدت سلطات ولاية الحوض الغربي؛ شرق موريتانيا، بحل عاجل لازمة “سوق المواشي” التي عرفتها مدينة الطينطان نهاية الأسبوع الماضي، سارع الوجهاء إلى احتواء الوضع والحد من مضاعفاته، خاصة بعد سقوط جرحى في صفوف المدنيين وقوات الأمن.
الأمر تطلب فسحة من الوقت لالتقاط الأنفاس وتنفيذ بنود التسوية، التي أقرها والي الولاية، والتي تضمنت منح القطعة الأرضية موضع النزاع للتجار المتظاهرين، ما أتاح حالة من ضبط النفس، كانت المدينة على ما يبدو في أمس الحاجة إليها؛ بحسب مراقبين.
وعلى امتداد تلك الفسحة الزمنية، توقع التجار المتظاهرون أن تمنح لهم القطعة الأرضية موضع النزاع مباشرة بعد إحالتها رسميا لحاكم المقاطعة من طرف الوالي، الذي أقر بمنحها، قبل أن يعيد الأمر لاختصاص وزارة الداخلية، ما شكل خيبة أمل لدى تجار سوق “أم النور”، خاصة بعد أن كشفوا عن ثلاث خيارات، تضمنت “البنية” المكان القديم، و”عقدة لحمير” شمالا، و”أم النور” منطقة النزاع الواقعة جنوبا عند مدخل المدينة.
أحمد طالب، أعرب في لقاء مع صحراء عن قلقه من الاتجاه الجديد الذي قد تأخذه الأزمة، خاصة بعد تأخر قرار المنح والجهود الرافضة لها ممثلة في “رابطة تجار الطينطان”؛ وفق تعبيره.
وفي الطرف الآخر للأزمة يعدد داعمو الرابطة ما يصفونه بالجهود الجبارة التي بذلتها السلطات في سبيل إقامة السوق الحالي، حيث يتوفر على حنفية مياه وعدد من الآبار ونزل لراحة تجار المواشي الوافدين من قرى حاسي البركة، المسيل، لحدادة، المبروك، تامشكط..
واتهموا الأطرف الأخرى بما وصفوه بالخروج على الجماعة واللجوء إلى عناد السلطة، بعد أن قررت توحيد السوق؛ بحسب أده ولد داهي، بائع مواشي منذ 15 سنة.
ولد داهي، يتهم مقاطعي السوق الرسمي بالراكضين خلف أجندة سياسية ضيقة؛ تهدف إلى إحياء قطع أرضية معينة، على حساب تقويض السوق، وهو ما لا يتماشى مع مصلحة التجار والمتسوقين؛ على حد وصفه.
هذا وتعود أزمة سوق المواشي في مدينة الطينطان لما قبل فيضانات عام 2007 التي غمرت الجزء الشمالي للمدينة، المكان الأصلي لسوق المواشي.
السوق رحلت على إثر تلك الفيضانات إلى “البنية” في الطرف الآخر، وظل تجار المواشي يتعايشون بسلام، لغاية أغسطس الماضي حين قررت البلدية ترحيلهم، إلى سوق جديد كانت قد شيدته مؤخرا، عندها تحفظ عدد من التجار، على الأموال التي تم صرفها بهذا الخصوص، وأعربوا عن رفضهم لتلك الخطوة لكل من سلطات البلدية والمقاطعة والولاية، كما أخطروا وزارة الداخلية، وعندما لم يلقوا آذانا صاغية قرروا هجر المكان؛ بحسب قولهم.
كان من المآخذ التي تحدث عنها هؤلاء؛ ضيق المساحة، التي لا تتجاوز 100 م/مربع ووقوعه في قلب المدنية الجديدة، حيث لا يمكن تفادي أضرار الحيوانات والأمراض التي يسببها الغبار الذي تحدثه حركتها، وتعفن الجثث بسبب تأخر إجلائها من طرف سلطات البلدية، وعدم توفر مداخل فسيحة للمواشي غير المتعودة على المدن.
وفي ذات السياق يقول،أحمد طالب، “قررنا النزوح إلى منطقة “كني” 5 كلم جنوب المدينة، مستهدفين بذلك شغل حيز أرض لا يخضع لنفوذ الشرطة، لكننا اصطدمنا بقوات الدرك، التي شكلت جزءا من معاناتنا، خاصة بعد أن خذلتها سلطات الولاية؛ على خد وصفه.
وأضاف أن السلطات عمدت إلى تغريمهم بمبلغ 6000 أوقية مقابل كل سيارة مواشي إضافة إلى الإساءة للتجار وحرمانهم من رخص البيع والذبح وغيرها من المضايقات، التي تحملناها طوال الفترة الماضية؛ بحسب قوله.
أحمد طالب أكد ـ كذلك ـ اضطرارهم للنزوح عن سوق “أم النور” 2 كلم جنوبا، حيث هاجمتهم قوات الأمن فجر الأربعاء الماضي بعد إنذار مسبق قالوا إن مفوض شرطة المدينة أبلغهم به.
واتهم أحمد طالب أفراد الشرطة بابتز التجار ودفعتهم للمجابهة، “متسببين في عدة احتكاكات أدت على سقوط خمسة جرحى مدنيين بينهم امرأتان وإصابة عدد من عناصر الشرطة بما فيهم المدير الجهوي للأمن”، مؤكدا استيلاء المنمين عل بعض التجهيزات العسكرية، التي من ضمنا ذخيرة حية؛ بحسب قوله.
وعرض أمام صحراء ميديا ما قال إنها أعيرة حية أطلقها عناصر الأمن على المتظاهرين في الهجوم الثاني الذي وقع بعد الساعة الواحدة ظهرا، بهدف تحرير الطريق، خاصة بعد قدوم تعزيزات أمنية من “أطويل”، “تامشكط”، “عين فربه”.. مؤكدا “صدهم” لذلك الهجوم، و”تحرير عدد من الرهائن كان الأمن قد ألقى القبض عليهم في وقت سابق من بينهم ثلاثة نساء”؛ على حد قوله.
أحمد طالب أكد لجوء المنمين إلى التسوية وعيا منهم بالوضعية الحرجة التي يعيشها باعة المواشي في المدينة، وكذا هشاشة الظروف العامة للمواطنين، خاصة ممن تضرروا من الأزمة؛ وفق تعبيره.
وهو ما أكد عليه، رئيس اتحادية الجزارين، سيدي ولد أمبيريك في حديثه لصحراء ميديا، مضيفا أنه لا معني للفصل التعسفي بين الجزارين وباعة المواشي، من خلال حصر رخص البيع على مواشي سوق البلدية، وكذا عمليات الذبح، حيث لا تتوفر أماكن محددة لذلك؛ إضافة إلى تكاليف جلب رؤوس الإبل وإدخالها إلى السوق المذكور، وما يترتب على ذلك من غرامات؛ بحسب قوله.
وضمن هذا الجو المشحون بالترقب يرابط عدد من تجار المواشي بالسوق المتنازع عليها، رغم الإنذارات المتكررة من طرف الأمن، في انتظار حل للأزمة، التي تعرف مزيدا من التعثر إثر مساع لإجهاض التسوية، التي لا تبدو من وجهة الطرف الآخر أكثر من الإبقاء على سوق منافسة ستخل بالتوازن العام لتجارة المواشي بالمدينة.