دأبت البشرية منذ الأزل على التعايش مع ظاهرة نكران الجميل، وهي لعمري ظاهرة مقيتة، بعيدة من قيم مجتمعنا المسلم الشكور القنوع، ومن حين لآخر يشن بعض هواة السب والتبخيس هجوما لاذعا على الأيادي البيضاء لسمو زوجة أمير قطر رجما بالغيب، في منحى مناف تماما للمكانة السامقة لهذه الأميرة الحنون.
ما لا يخفى على أحد أن الشيخة موزه بنت ناصر المسند تتمتع بتقدير واحترام كبيرين، ليس بيننا نحن الموريتانيين، بل لدى فقراء من أنحاء العالم التي وصلها عطفها وعطاؤها، وهي مكانة احتلتها في قلوب الناس بفاعليتها، واهتمامها بالإنسان ورقيه..
لقد تذكرت الشيخة وبسخاء فقراءَنا، مرضانا، عاطلينا، أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا، في وقت عز فيه تذكر الشرق العربي الثري لهذا المنكب المنسي الذي نتربع عليه ..فحري بنا على الأقل أن نعترف لها بجميل لم نلمسه في كل الشيخات والأميرات من بنات الخليج العربي، وجدير بنا أن نحترم في مودتها لنا بلدا عربيا أصيلا، وزوجا كريما، قرُبت مودتُه فقرُب في القلوب.
إن المساعي التي تبذلها المؤسسة القطرية الموريتانية للتنمية الاجتماعية، لا يمكن حجبها بمقال يُسطر في الظلام، ممن تم فصله في ظروف جد عادية من الخدمة بحكم انتهاء العمل في المشروع الذي تمّ توظيفه من أجله، وحتى لو أعيد نشر المقال بصيغ مختلفة وأسماء مستعارة، فإن المُلفق له يدرك أكثر من غيره أن مشاريع المؤسسة ليست قاصرة على جهة من موريتانيا دون غيرها، وإنما في كل أنحاء البلاد، مما يعني النجاعة وحب الخير للجميع، وقد أسهمت المؤسسة بقدر وافر في تلبية متطلبات الصحة النوعية على طريق الأمل، ببسمة الأمل، المتمثلة في مستشفى خليفه في (بوتيليميت) وجهزته بأحدث الأجهزة الطبية المتطورة، وبصيدلية توفر الأدوية للمرضى.
كانت المؤسسة أيضا بسمة الأمل للعاطلين بفتح الفرصة لتكوين أجيال من التقنيين، والمعلوماتيين وحتى اختصاصي الفندقة والحلاقة، عن طريق مؤسسات ومعاهد التكوين.. ليصل العون العلمي ذروته بمعهد الامتياز الجامعي المتعاقِد مع مدرسة فرنسية عالية المستوى، بحيث يتم تدريس نفس مقررات تلك المدرسة الفرنسية، مع ضمان نفس نوعية التكوين، ونفس الاعتماد الدولي، ويهتم معهد الامتياز هذا بتكوين نخبة من المتفوقين الموريتانين في مجالات إدارة الأعمال، وإدارة المصارف وإدارة المشاريع الكبرى، كما يعنى بتحسين خبرات الموظفين العموميين، وفي أي مجال تطلبه السلطات العمومية وتحتاجها الدولة الموريتانية.
وبجدارة كانت المؤسسة القطرية الموريتانية للتنمية الاجتماعية بسمة أمل لذوى الاحتياجات الخاصة وللأميين أيضا حين استفاد من برامجها الآلاف، ناهيك عن تمويلها لقرابة مائتي مشروع مدر للدخل في مجالات التنمية الحيوانية والتجارة والزراعة وصناعة السياج، والصباغة، والخياطة، وحتى طحن الحبوب..
غيض من فيض، وشهادة من مقر بالجميل، لا حاقد جحود، ومهما كتبتُ لا أستطيع أن أصف ولو جزءا بسيطا من جهود سمو الشيخة موزة وإسهاماتها الخيرية، في مختلف مناحي الحياة، من نواكشوط، إلى الحوض الغربي شرقا، إلى سيلبابي في أقصى جنوب موريتانيا ذات المسافة الشاسعة..
وبالمحصلة فقد كانت لنا الشيخة نموذجا فريدا من خلال مواساتها لمُعدمينا ومُعوزينا ومرضانا .. والمؤكد أن موزة لم تفعل ذلك لتعطي صورة طيبة لأحد، ولا لكي تُرضي هذا الطرف أو ذاك، ولا بحثا عن شهرة أو شعبية، وإنما قناعتها الراسخة هي أن تبذل وتبذل.. وتواصل البذل.