ترجمة : صحراء ميديا
قال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إنه يأخذ ماورد في الوثائق التي نشرها موقع “ويكيليكس” على محمل الجد، لأنها “صور طبق الأصل” من برقيات ارسلتها سفارة الولايات المتحدة في انواكشوط الى إدارتها في واشنطن.
وأكد ولد عبد العزيز في مقابلة نشرتها صحيفة “لاتربين” الموريتانية الناطقة بالفرنسية أمس، وأجراها رئيس تحريرها محمد فال ولد عمير، انه يعتقد مع ذلك ان مامضى مضى، و”أن على سياسيينا ان يتوخوا الحذر اثناء اي تعامل مع الأجنبي وعليهم ان يتحملوا مسؤولية ما يقولونه في جميع الظروف” حسب تعبيره.
وأشار ولد عبد العزيز إلى انه كان يعلم ان حياته كانت في خطر، “ولكن هذا الشعور لم يغير أبدا من برنامجي” حسب قوله، مضيفا أنه يعلم ايضا ان معارضي تلك الفترة كانوا محقين في محاربة التغيير بكل الوسائل “فهم يخشونه لأنه سيقوض مصالحم.. اتفهمهم“.
وأكد الرئيس أن من تحدثوا ليسوا إلا الجهة المقابلة من الجبل الجليدي، “أما الرؤوس الكبيرة فمازالت مدفونة في انتظار الفرصة لإقتناص التغيير او للسعي لتصفيتي او إيقاف مسار التغيير“.
وردا على سؤال حول التعديل الحكومي المنتظر، قال ولد عبد العزيز إن أي تغيير حكومي يأتي عندما يكون ضروريا، وأعرب عن اعتقاده بضرورة منح من عينوا الفرصة ليقدموا مالديهم…وأضاف :”الحكومة لن تتغير مادامت تثبت جدارتها وتقدم الخدمات المرجوة منها”. مؤكدا أن كل تعديل يجب ان يكون مبررا ومدروسا، وبعد تفكير ..”وإلا فإننا حتما سنعود الى الوراء“.
وحول انضمام حزب عادل للأغلبية الرئاسية، قال الرئيس ولد عبد العزيز إنه لم يتعهد بشيء لأي سياسي سواء كان رئيس جناح او غيره..وأن الإلتزام الوحيد الذي قطعه على نفسه هو ذلك الذي عقده مع الشعب الموريتاني والذي يدور حول التغيير بمحاربة الرشوة والفساد والجهل والفقر والظلم والهشاشة.
وأضاف :” الحوار الذي اعلنت عنه لايعني حتما المشاركة، كما لا يعني قطعا العودة الى الوراء، وبالنسبة لحزب عادل فأقول إن جميع الموريتانيين متساوون امامنا، واؤكد هنا ان لا مساومة حول هذه الحقيقة وهي إرادة التغيير“.
وقال ولد عبد العزيز إنه لا يحتاج ولا يريد تفريق الناس ليحصل على اصواتهم أو ليتحكم في الإقتراع عبر خلق شقاق سياسي بين المجموعة الواحدة. وانه آن الأوان ليفهم الناس ان من مصلحتهم التجمع لتمكين الدولة من ان تضمن لهم اقل مستوى من الخدمات وذلك لتحسين ظروفهم المعيشية.
وقال :”انا لا أطلب ان أمجد، على العكس انا أرفض ذلك، أريدها قطيعة مع التظاهرات المخلدة لشخص الرئيس، لماذ؟ انا أعتقد ان هذا السلوك سيسهم في خلق نوع من اللاكرامة لدى المواطن الموريتاني ….ممارسات الماضي المتأصلة تمثلت في رشوة الأدمغة والعقول ..علينا اليوم ان نحرر المواطن من هذا لنسمح ببزوغ كرامته“.
وأضاف:”سأكون سعيدا في ذلك اليوم الذي لايأتي فيه الناس إلى لطلب رخصة صيد لايستحقونها اوحظية ولكن ليطرحوا علي مشاكل متعلقة بنظام مجموعة محلية اومشكلا وطنيا.. أقول لكم ان البلد غني لكن نهبه المنظم أعاق تنميته لذا يجب تقويم كل شيء بمافي ذلك الاشخاص“.
وتحدث الرئيس ولد عبد العزيز مطولا حول مشاكل التعليم، مؤكدا أنه إذا صلح التعليم فيصلح كل شيء في موريتانيا، وأضاف ان النظام التربوي لايستجيب لإحتياجات البلد في مجال التنمية… وأنه لمدة خمسين سنة بقينا أسارى جدل كبير حول مسألة اللغات، في حين دخل التعليم في إغماء مطلق بقينا دائما في إطار الشعب الأدبية التي لاتصنع التنمية، مشيرا إلى أن 85 % من آلاف الخريجين يحملون شهادات أدبية ولايستطيعون بالتالي الإنتاج.
وحول الانفاق والتبذير قال الرئيس إنه كان هنالك انفاق كبير يقام به علي مستوى قصر الرئاسة لتأثيث المكاتب بالحواسيب و المكاتب والمقاعد على سبيل المثال كل سنة، في حين ليس علينا تغيير هذه المعدات لمدة الخمسة عشرة سنة القادمة تقريبا.
نص المقابلة:
حوار: محمد فال ولد عمير
نحتفل هذه السنة بخمسينية الإستقلال الوطني بم تحتفظون من خمسين سنة على موريتانيا ؟
بكثير من الحزن على بلدي بالمقارنة مع امكاناتنا، فما قيم به محزن على مستوى التسيير السيئ لثرواتنا والوعود المعطلة والفرص الضائعة، دون ان نتحدث عن فقر المواطنيين وجهلهم وافتقادهم لبنى تحتية.
نستطيع دائما أن نقول إننا انطلقنا من فراغ وأن شيئاما أنجز منذ الف وتسع مائة وستين ولكن بقي لنا الكثير للقيام به. فبلدنا احترق بتأخره في ميادين عديدة إن لم نقل في كل الميادين او على الأقل مايتعلق منها بمقومات الدولة.
لقد ظلت حدودنا مخترقة وغير قابلة للرقابة بسبب نظام دفاع متهالك وفي بعض الأحيان بسبب استقالة السلطات المدنية والعسكرية.
نستطيع أن نقول إن أقل الحقوق لم تصن طيلة هذه السنوات، الحالة المدنية التي تم التغاضي عن اهميتها لسنوات ماضية لم تستطع ان تحدد من هو الموريتاني من غير الموريتاني ؟ كم نحن؟ كيف نعيش ؟ لاشيء تم تحديده حقيقة بطريقة دقيقة.
قد يكون هذا نقدا قاسيا لكن علينا أن نري الامور امامنا لنستطيع المضي قدما وذلك بتصحيح مايجب علينا تصحيحه كما تعلمون، وعلى سبيل المثال لا الحصر نحن لم نتمكن بعد من التحكم في عدد موظفينا، وماذا عن ممتلكات البلد؟ البعض لايتردد في القول إنه لافائدة من إحصاء انفاق الدولة في المباني والمركبات والمعدات الأخرى. البعض يفضل الإنغلاق في نوع من اللاوعي المطلق متجاهلا اننا إذا لم نعلم بالدقة ممتلكات الدولة فإننا نعطي فرصة لوجود إنفاق زائد في بعض الأحيان.
هنالك انفاق كبير يقام به علي مستوى الرئاسة لتأثيث المكاتب بالحواسيب و المكاتب والمقاعد على سبيل المثال كل سنة، في حين ليس علينا تغيير هذه المعدات لمدة الخمسة عشرة سنة القادمة تقريبا.
محزن حقا اننا جميعا مسؤولون عن هذه الوضعية من أمينا إلى أكبر إطار فينا ومن فراشنا إلى أكبر مسؤول .. لقد خلقنا وحافظنا وشجعنا، مع أن البعض لم ينددوا بهذه الوضعية إن لم يكونوا قد باركوها.
وماذا نصنع للخلاص ؟
لابد من تغيير العقلية ولهذا لابد من وعي عام وحقيقي بالوضعية فلايمكن ان نشفي ونحن مرضى، إذا لم نعرف مما نعاني….بلدنا شاسع لكنه مليء بالثروات التي كان يفترض أن تصرف في التنمية وفي النهاية فهذا التأخر ثمرة طبيعية للفساد والرشوة وعدم الشعور بالمصلحة الوطنية العليا .. ليس هذا من صنع الإستعمار ولا من صنيعة الجيران ولا من صنيعة جنسيات متعددة إنهم الموريتانيون وهم مسؤولون عن كل ماحصل لهم .
في اليوم الذي نعي فيه الثمن الذي ندفعه لسوء تسيير ثرواتنا واملاكنا ستكون الحرب على الفساد ضرورة اجتماعية اليوم نعد برنامجا لأننا نعتقد ان الفساد هو الشر المستطير للبلد، لكن لابد من تلك اللحظة التي يرفض فيها المواطنون أنفسهم الفساد ولكن لابد ان نصل إلى وقت يرفض فيه المواطنون ان يكونوا ضحية للفساد وان يرفضوا دفع الرشاوى مقابل الحقوق وان نراهم يشكون ويبدون رفضهم لكي تصل قضيتهم الى مستوى أعلى.
عندما نري الناس يمدون الأصابع باللصوص والخونة ويصفونهم بصفاتهم ..هكذا نستطيع ان نصل إلى غايتنا وهكذا يجب ان يكون جهدا جماعيا وفرديا لمصلحة الجميع.
انا لا أطلب ان أمجد، علي العكس انا أرفض ذلك أريدها قطيعة مع التظاهرات المخلدة لشخص الرئيس، لماذ؟ انا أعتقد ان هذا السلوك سيسهم في خلق نوع من اللاكرامة لدي المواطن الموريتاني ….ممارسات الماضي المتأصلة تمثلت في رشوة الأدمغة والعقول ..علينا اليوم ان نحرر المواطن من هذا لنسمح ببزوغ كرامته.
سأكون سعيدا في ذلك اليوم الذي لايأتي فيه الناس إلى لطلب رخصة صيد لايستحقونها اوحظية ولكن ليطرحوا علي مشاكل متعلقة بنظام مجموعة محلية اومشكلا وطنيا.. أقول لكم ان البلد غني لكن نهبه المنظم أعاق تنميته لذا يجب تقويم كل شيء بمافي ذلك الاشخاص.
وفي هذه الحالة التي يبدو فيها كل شيء ملحا ماهي القطاعات الأولوية بالنسبة لكم ؟
كما قلت آنفا يجب تغيير العقلية لتكون أكثر وطنية و أكثر تعلقا بالمصلحة العامة وأكثر ديناميكية وأكثر دقة… على الموريتاني اليوم أن يتحمل مسؤولياته ولهذا فهو محتاج لنظام تربوي يوجهه على مايجب ان يتمناه.
كيف يمكن لنا بعد خمسين سنة من الاستقلال ان نبقى في وضعية المحتاج في جميع التخصصات؟ نحن نحتاج لمتخصصصين في الطب ومهندسين وتقنيين في جميع التخصصات حتى في أصغر الحرف.. القطاع الوحيد الذي يبدو ان لدينا منه الفائض الكبير هو قطاع الحمالة.. وفي الواقع فإن النظام التربوي لايستجيب لإحتياجات البلد في مجال التنمية… لمدة خمسين سنة بقينا أسارى جدل كبير حول مسألة اللغات في حين دخل التعليم في اغماء مطلق بقينا دائما في إطار الشعب الأدبية التي لاتصنع التنمية، كم؟ 85 % من آلاف الخريجين يحملون شهادات أدبية ولايستطيعون بالتالي الإنتاج.
علينا ان نقلب هذا الواقع خلال السنوات المقبلة لنحصل على 85% من حملة الشهادات لدينا في المواد العلمية والفنية خاصة ان البلد بدأ يستفيد من ثرواته المعدنية واصبح مدعوا بالتالي لتنمية خبراته في هذا المجال لمواجهة جشع الشركاء..وذلك بإعداد افضل مخططات للتنمية وفرض أكثر العروض مردودية عند استغلال ثرواتنا بدل مواصلة نبش مشكل اللغات، يجب ان نركز على توفير تعليم رفيع لتكوين رجال الغد.
المنتديات العامة حول التعليم التي وعدتم تأخرت…؟
لدينا رؤية شمولية للمسألة، المنتديات العامة ستكون فرصة لجميع القوى الحية للأمة للتعبير حول القضية ولكن بغرض انشاء مدرسة تستجيب لإكراهات العالم المتمدن ولاحتياجات البلد في مجال التشغيل، يجب ان لا ننخدع فإذا صلح التعليم صلح كل شيء.
بعد قطاع التعليم ماهي الأولويات…؟
الأولوية هي هذه وعليكم تقبل ذلك وهي التي ستؤدي في النهاية الى تغيير العقليات كما اسلفت ولدينا ايضا البنى، والتي هي الأخرى محددة في تكوين الإنسان الموريتاني الجديد: الطرق والكهرباء وتوفير الماء والمراكز الصحية كل هذه الأمور توفر افضل ظروف للسكان، للمعلمين الذين لن يرفضوا الذهاب مستقبلا الى اماكن توجيههم لأ نهم لم يعودوا يحسون بفوارق معيشية بين الداخل وكبريات المراكز الإدارية.
ولدينا قطاع العدالة الذي عانى هو الآخر من تأثيرات ازمة النظام التعليمي بين المناهج الدراسية وحاجة المحاكم..الناس يميلون الى الإعتقاد بأن المشكل الوحيد للقطاع هو تفشي الرشوة هنالك ايضا حاجة القضاة لتلقي تكوين لمواجهة كل مستجدات العصر.
في الفترة الأخيرة أدينت سفينة عليهاعلم فرنسي كانت تحمل كميات من الأرز حتى ميناء انواكشوط مادار حول الموضوع كان إجراء قضائيا مر دون عرقلة لأنه إجراء قضائي.
عندما انظر الى التركة التي ورثناها أرى ان كل شيء اولوي لذا لا أريد ان أضيع الكثير من الوقت في البحث عن بماذا علينا ان نبدأ…لماذا لا نبدأ بكل شيء في آن واحد، لنقاتل في النهاية على جميع جبهات اللاتنمية والتخلف.
السيد الرئيس تفرض علينا الأخبار اليوم أن نتحدث عن الانضمام الأخير لحزب عادل للأغلبية الرئاسية، هل هذه بالنسبة لكم الوسيلة الوحيدة للدخول في الحوار مع المعارضة، الذي أعلنتم عنه أخيرا، خصوصا وأنه بينهم من كنتم تصفونهم بالمفسدين؟
الحوار الذي اعلنت عنه لايعني حتما المشاركة، كما لا يعني قطعا العودة الى الوراء، وبالنسبة لحزب عادل فأقول إن جميع الموريتانيين متساوون امامنا، واؤكد هنا ان لا مساومة حول هذه الحقيقة وهي إرادة التغيير. واسمحوا لي ان ارجع الى الوراء ففي سنة 2005 قررنا القيام بالتغيير لتجنيب موريتانيا الوقوع في انحراف اكيد.
فعلى المستوى السياسي اردنا انفتاحا سياسيا يضمن للفرقاء السياسيين الولوج بنزاهة الى اللعبة، وعلى المستوى الإقتصادي نجحنا في استعادة الممولين الذين وقفوا الى جانب موريتانيا وفي الجانب الاجتماعي اردنا تحرير الإنسان الموريتاني من الإغراءات والضغوط الممارسة عليه حتى يومنا هذا وقد فقد نجحنا ونضجنا عندما خرجنا من الفترة الإنتقالية الأولى بانتخابات حرة وشفافة.
في أقل من سنة على هذه الإنتخابات شهدنا المحاولات الأولى للإستحواذ على السلطة من طرف نفس الأشخاص الذين حكموا لمدة تزيد على العقدين من الزمن وكانوا مسؤولين عن مجمل الإنسدادت التي كانت مسوغ تغيير اغسطس 2005.
فقمنا إذن بتشجيع معارضة شرعية وديمقراطية لكن الرد كان بتعزيز المعسكر المجسد للعودة الى الوراء, بنفس الأوجه وبنفس مستوى الفساد وبعبارة أخرى كان الديكور جاهزا بما في ذلك الفلكلور ..لم ينقصهم إلا رئيس جوق هذا الجمع الذي نهب البلاد خلال 25 سنة خلت، وتابع حتما التغيير الذي حصل والانتقال الذي سمح بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة حدد فيها الشعب الموريتاني خياره بمنحه 53% من الأصوات المعبر عنها بقوة هذه الشرعية اقول لكم هنا إنني لم اتعهد بشيء لأي سياسي سواء كان رئيس جناح او غيره..الإلتزام الوحيد الذي قطعته على نفسي هو ذلك الذي عقدته مع الشعب الموريتاني والذي يدور حول التغيير بمحاربة الرشوة والفساد والجهل والفقر والظلم والهشاشة…وذلك لبناء دولة عصرية تخدم مواطنيها فخورة بكونها هي..ولم اغير مساري لدعم تلقيته في الساعات الأولى ولا الأخيرة ولكن أقول لكم ايضا إن هذا المشروع الذي نحن بصدد نكون سعداء لأن يخدمه جميع الموريتانيين المؤمنين به ولكل من يريد أن يشارك في مؤسستنا نقول اهلا ومرحبا.
ولكن عندما تطلبون الحوار ليس من حقكم أن تفرضوا “في أي إطار” ؟
قلتها فيما مضى واكررها الآن: نحن جميعا هنا وفي بلدنا ونحن جميعا معنيون بهذه المشاكل ونحن جميعا مدعوون سلطة ومعارضة لتصور حلول لهذه المشاكل ولكن في النهاية السلطة من ينفذ خياراتها التنموية وليس المعارضة..نقبل إذن بأن نتحدث حول مجمل المشاكل لا ان نتقاسم اتخاذ القرار الذي يبقى من حق ذلك الذي اقنع برنامجه أغلبية الشعب الموريتاني.. نناقش لا يعني نتقاسم.. إذا قبلنا بهذا فلن يبقى إلا وضع صيغ وإطار للحوار.
تتحدثون دائما عن إعادة هيكلة مؤسسية لا غنى عنها لإعادة توازن السلطات، أليس هذا موضوعا للحوار؟
انا مستعد لنقاش جميع المواضيع.. الإطار الجديد يمكن ان يمنحنا يوما او اياما للتفكير وسيأتي استجابة لطلب من الأغلبية او المعارضة وعندها يمكن ان يكون مثار نقاش.. ولكن لا ننسى ايضا ان لدينا الجمعية الوطنية التي تمثل اليوم فضاء للحوار الدائم، وعلى اي حال من هنا تتخذ القرارات الكبرى ومن المهم ان تكون هذه القرارات مثار نقد وتعليق المنتخبين.
ولعلمكم ففي بعض الأحيان ينتقد نواب الأغلبية هذه القرارات بشدة..في بعض الأحيان يدفع الشطط بأشخاص الى رفض مواقف ساندوها في الماضي او لم يشجبوها على الأقل ولكن لحسن الحظ ان المستمعين لديهم ذاكرة ليست ضعيفة، ولديهم ملكة يميزون بها الصواب من الخطأ.
يقال في أوساطنا إنكم تسيرون بوتيرة تنهك معاونيكم، هل تحسون بهذا أحيانا؟
لا يقال فقط في وسطكم..فثمة بعض أعضاء الحكومة جاؤوا يشكون من الوتيرة التي فرضتها عليهم بعضهم يقول بأنه مثقل، ولكن البلد بحاجة لتدارك ماضاع من الوقت، علينا ان نسير بسرعة غير ان علينا ان نتجرد من هذه النزعة التي تريد دائما الإنطلاق من الصفر، لهذا علينا الاستفادة من تجارب الآخرين.
عندما أردنا انشاء مركز للانكلوجيا قالوا لنا ان من الافضل لنا الاستفادة من نظام “كوبالت” وهونظام عتيق يبدو ان أطر وزارة الصحة يعرفونه لكنني اصررت على اقتناء آخر التكنلوجيا، فإذا كانوا مهيئين للعمل عليها فهذا جيد وإلا نستدعى ذوي الخبرة من الخارج في انتظار تكوين اختصاصيين في المجال وهذه الفرضية الأخيرة هي التي تم اعتمادها رغم عدم ثقتنا في انفسنا…
أتساءل هنا:لماذا نعترف باخفاقنا بداية؟ المضي بلا إيمان لا يمنح النجاح…هذا اساسا مايمنعنا من التقدم..التريث للحصول على هذا او ذاك للقيام بشيئ مستعجل هذا التريث هو اسوأ المواقف..كم مرة اسمع الكل يقولون سننتظردعم الممول الفلاني لإطلاق المشروع الحيوي كذا ..من الآن فصاعدا سنقوم بكل ما يمكننا القيام به بأنفسنا.
انظروا مثلا حيث ماذهبت طرحوا مشكل الماء وصحيح اننا متخلفون ومتخلفون جدا في هذا المجال..انظروا ما انجز مع انه لم يخرج عن الميزانية الموريتانية بدون عون خارجي.. بالنسبة لمكطع لحجار ظل مشكل الماء مطروحا باستمرار وظلوا دائما في انتظار تمويل خارجي ليمنحوا هذه المدينة الكبيرة الماء الصالح للشرب..قررت ان اضع بأسرع مايمكن حدا لهذه الوضعية المحزنة..اليوم تضعها الهندسة العسكرية في اولوياتها وسينجز العمل خلال اشهر ان شاء الله..وعلى سبيل المثال يعتبر تزويد بعض الأحياء كعرفات لبنة في هذا المجال.
ولكن هنالك حقيقة أن معاونيكم لا يجسدون بالضرورة القيم التي زرعها، كيف تنظرون إلى المسألة السيد الرئيس؟
سينتهي بهم الحال الى تجسيد هذه القيم..سنعود الى موضوع العقليات والمواقف من المسألة العامة وكذا التربية…هذا البلد عانى منذ ازيد من عشرين عاما خلت من تسيير يقوم على الخداع كل منا كان ينتقده سرا والأن آن الأوان لندرك اين نحن ونشرع في التغيير.
اليوم لدينا وزراء يعملون صراحة لتمضي الأمور نحو الأفضل وأكرر عليهم دائما ان هناك حلولا لكل المشاكل وأعود الى مثال الماء..لقد فوجئنا عندما نظرنا الى الحالة العامة لمخزون الماء تساءلنا كيف لايحصل الثلاثة ملايين موريتاني على احتياجاتهم المائية؟ السبب ان كل تجمع اسري صغير يريد الحصول على خزان ماء ومدرسة ومستوصف…كثير من اللاعقلانية في توزيع المرافق العمومية..وفي المحصلة تشتيت لقدرات الدولة وانفجار اجتماعي وبالتالي تعذر استجابة الدولة لاحتياجات المواطنين.
لقد نزعنا الى سياسة تجميع السكان بدل تتبع ومواكبة زعماء قبائل او كانتونات..الدولة وضعت يدها على كل الأمور..تعطي الأفضلية للتجمعات باختيارها اولا لمكان قابل للحياة وعبر تشييدها لبنية تحتية تسمح بانسياب الخدمات الأخرى..وللدولة القدرة على تأهيل قرى لكن فقط على أساس سليم..في الماضي كان هذا التشرذم مطلبا للسلطة دائما لأسباب سياسية.
انا لا احتاج ولا اريد تفريق الناس لأحصل على اصواتهم أو لأتحكم في الإقتراع عبر خلق شقاق سياسي بين المجموعة الواحدة. إنه آن الأوان ليفهم الناس ان من مصلحتهم التجمع لتمكين الدولة من ان تضمن لهم اقل مستوى من الخدمات وذلك لتحسين ظروفهم المعيشية.
مشكلة أخرى مطروحة السبب فيها هو الإفتقار الى رؤية واضحة في مجال التحضر الا وهي النمو الفوضوي للمدن..مدننا كلها تنموا اليوم على طول الطريق المعبد..تصوروا انه خلال خمسين سنة سنحصل على مدينة عملاقة ممتدة من انواكشوط الى انبيكة لحواش لكن فقط دكاكين مفتوحة على قارعة الطريق هذا سخيف جدا..تقبلوا الأمر سخيف لكنه في نفس الوقت غير عادل وغيرعادل مانشهده في رجال اعمالنا ممن لديهم اقطاعات ريفية تزيد على 20000هكتار وفي انواكشوط في نفس الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من الاكتظاظ والتكوم في الكزرات على آمل الحصول على اقل من 200 مترمربع..متى استفاد هؤلاء من رخص استغلال جاء الأغنياء ليشتروا منهم قطعهم الأرضية.
نعود إلى الأحداث المرتبطة بالأمن كيف تقيمون العمل الذي قيم به في هذا المجال؟
الإرهاب ضرب بلدنا الذي عجز عن الرد بفاعلية لأن الدولة التي لم تعبيء وسائلها، و لم تملك حينها القدرة لمواجهة التحديات الأمنية كل هذا لأن الوسائل كانت مبددة ومنهوبة من طرف اشخاص دون غيرهم..صحيح ان لدينا ارضا شاسعة وتصعب السيطرة عليها لكن هذا الواقع ايضا لا يصب في مصلحة المعتدين المحتملين..لابد اولا من وجود إرادة لوضع الأمور تحت السيطرة والتغلب بالتالي على الصعاب.
نحن في ارضنا وهذه ميزة لنا على الآخرين قررنا الرد، واليوم نعتبر ان لدينا الحد الأدنى لضمان الأمن في البلد وحماية حدودنا…قررنا اولا ان نضع ايدينا على جميع النقاط العسكرية على عموم التراب الوطني..مركز “عين بنتيلي” مثلا لم يكن مستغلا منذ فبراير 1976 وكذا مركز “لمرية” كان في نهاية العالم، و اليوم انها قاعدة عسكرية ولديها الماء والكهرباء ومن الأن سيقام بها مطار دولي……………لايوجد مكان في الصحراء الموريتانية إلا وتمر به فرق عسكرية موريتانية مرات في اليوم مابين الإستغلال الدائم والمؤقت لم يعد من فراغ يمكن ان يستفيد منه المهربون او المجرمون.
الحصيلة هي الآتي: منذ هجوم سبتمبر2008 لم تشهد البلاد هجوما مباشرا ولا غارات مسلحة لإرهابيين، إعادة هيكلة الجيش كانت ناجحة والأهم من ذلك ان مهربي المخدرات لم يعودوا مطمئنين على امنهم في ارضنا وعلينا القول ايضا ان لا وجود لقاعدة للإرهابيين في بلادنا ولا معسكر تدريب.
المقاربة الأمنية نجحت ايضا بفضل التنسيق القوي مع الدول الشقيقة، والجيران المعنيين..فالتفاهم التام بين هذه الدول اساسي لمواجهة هذه الكارثة.
وعلى المستوى الداخلي حتى تكتمل المقاربة الأمنية اتخذت اجراءات وقيم بأعمال تهدف الى تعبئة الرأى العام حول الظاهرة و تهدف الحملة الى تحصين الأجيال الشابة ومنع الإكتتاب.
ونعود من جديد الى التعليم ففي هذا الإطار نسعي الى تقديم هذه المجموعات بوجوهها الحقيقية التي لا علاقة لها بالإسلام. والموريتانيون جميعهم يدينون ظاهرة التطرف. وتزامنا مع كل هذا جاء العفو تلو الآخر ليسمح بإلإفراج عن شبان كانوا متورطين بدرجات متفاوتة وضعيفة في أعمال معينة. قاعدة العفو هذه تفتح الباب امام إمكانية عودة بعضهم الى الطريق القويم.. يبقى ان هذه المقاربة مرتبطة بإصلاح النظام التربوي ومحاربة الفقر.
دائما في إطار الأحداث، ماهو انطباعكم عن تأثير تسريبات ويكيليكس عن بلدنا؟
أحملها على محمل الجد طبعا فهذه صور طبق الأصل من برقيات ارسلتها سفارة الولايات المتحدة في انواكشوط الى إدارتها في واشنطن واعتقد مع ذلك ان مامضى مضى، وإن كنت اعتقد ان على سياسيينا ان يتوخوا الحذر اثناء اي تعامل مع الأجنبي وعليهم ان يتحملوا مسؤولية ما يقولونه في جميع الظروف.
كنت اعلم ان حياتي كانت في خطر ولكن هذا الشعور لم يغير ابدا من برنامجي وأعلم ايضا ان معارضي تلك الفترة كانوا محقين في محاربة التغيير بكل الوسائل فهم يخشونه لأنه سيقوض مصالحم.. اتفهمهم.. وكما يقال من تحدثوا ليسوا إلا الجهة المقابلة من الجبل الجليدي، أما الرؤوس الكبيرة فمازالت مدفونة في انتظار الفرصة لإقتناص التغيير او للسعي لتصفيتي او إيقاف مسار التغيير…هؤلاء لن أعاملهم بقسوة ولست مستاء ولا احمل ضغينة لأي منهم قلت لكم إنني اتفهمهم…في عام 2003 عارضت شخصيا محاولة تغيير لأنني اعتبرت بأنها كانت مغامرة قد تحمل الكثير من المخاطر للبلد..تفكير سيء وبتنفيذ سيء قررت ان احارب بكل الوسائل.
السيد الرئيس، يثار حديث كثير عن تعديل وزاري…متى سيكون؟
التغيير الحكومي يأتي عندما يكون ضروريا لا اقول إن جميع الموريتانيين متساوون، ولكنني اعتقد ان علينا منح من عينوا في مراكز مسؤولية، و علينا ان نعطيهم الفرصة ليقدموا مالديهم…الحكومة لن تتغير مادامت تثبت جدارتها وتقدم الخدمات المرجوة منها.
بالنسبة لي كل تعديل يجب ان يكون مبررا ومدروسا، وبعد تفكير وإلا فإننا حتما سنعود الى الوراء..انا لا افهم لماذا أقيل وزيرا لم يرتكب جرما صارخا او خطأ فادحا، ليس من الضروري إجراء تعديل في كل ستة اشهر او سنة، اعتقد انه من الأصلح أن ندع الوزراء يتأقلمون مع شخصية الرئيس و وتيرته وذلك لخلق تناسق وتناغم عملي يسعي لتحقيق أهداف محددة سلفا.