تابع الموريتانيون باهتمام كبير الاجتماع الحاسم الذي عقده حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، ليل الأربعاء| الخميس، لتحديد خيار مرشحه في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 29 يونيو المقبل.
الاجتماع الذي استمر لساعات كان طويلا تضمن نقاشا حادا حول الخيارات التي أعدتها اللجنة المكلفة بتحضير موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية المنتظرة، وفق ما جاء في بيان تواصل.
وناقش المكتب السياسي الخيارات التي وضعتها اللجنة في مكتبه المركزي في نواكشوط، ليستقر على خيار ترشيح الرئيس حمادي ولد سيدي المختار، بدلا من دعم أحد المرشحين المعارضين من خارج الحزب كما قرر عام 2019، حين دعم سيدي محمد ولد بوبكر.
قرار طبيعي
وقال أكناته ولد النقرة الأمين الوطني للإعلام والاتصال بحزب تواصل، إن اختيار الدفع بولد سيدي المختار قرار طبيعي، وعٌرف متبع في المؤسسات الحزبية، معتبرا أن رئيس الحزب يمتلك كل المؤهلات القيادية ليكون مرشحهم في الرئاسيات.
وأضاف ولد النقرة في تصريح لصحراء ميديا، أن رئيس الحزب لم يجد منافسة تذكر خلال التصويت الذي أجراه المكتب السياسي ليل الأربعاء \ الخميس على اختيار المرشح للانتخابات الرئاسية.
لم يدفع تواصل بأي مرشح في الانتخابات الرئاسية منذ عام 2009، فقد كان جميل منصور أخر مرشح دفع به في السباق الرئاسي، إذ حل رابعا فيها بحصوله على 4.76٪ من أصوات الناخبين.
وانتهج الحزب بعد هذه الانتخابات خيار دعم مرشح من خارج الحزب كما كان 2019، حين أعلن دعمه للوزير الأسبق سيدي محمد ولد بوبكر الذي حل ثالثا بحصوله على 17.58% من الأصوات.
أثار دعم تواصل لولد بوبكر جدلا واسعا بين أنصار الحزب الذين انقسموا حول هذا الخيار في الانتخابات الرئاسية، ما جعل قيادة الحزب تصدر بيانا تشرح فيه دوافع قرار دعم الوزير الأول الأسبق.
وكان شيخاني ولد بيب النائب السابق لرئيس حزب تواصل من أبرز القيادات التي أعلنت رفضها لخيار ترشيح ولد بوبكر، وقال في منشور إنه ”يرفض تلميع أحذية بالية لأنظمة غابرة“.
البحث عن التهدئة
يبدو أن الحزب الذي دخل في السنوات الأخيرة في خلافات قوية أدت إلى استقالة قيادات من الصف الأول ابرزها رئيس الحزب الأسبق وأحد مؤسسي تواصل جميل منصور، أراد هذه المرة التهدئة وأن لا يدخل في صراع الأجنحة، وذلك بإعلانه ترشيح حمادي ولد سيدي المختار.
وقال الحزب في بيان، إن قرار ترشيح ولد سيدي المختار جاء تلبية لـ“لمطالب الجماهيرية العارمة في التغيير وصنع مستقبل أفضل يستحقه الشعب الموريتاني الذي عاني كثيرا من تضييق على الحريات وغلاء المعيشة واستشراء الفساد على اختلاف تمظهراته“.
تواصل الذي كان من بين آخر الأحزاب التي أعلنت حسم مرشحها في الرئاسيات، وهو تأخر برره بإتاحة الفرصة لإجراء حوارات ونقاشات مع مختلف الأحزاب والقوى المعارضة ”سعيا لتوحيد الجهود والدفع معا لتبني مرشح موحد في مواجهة مرشح النظام“، على حد تعبيره.
وكان عدد من الشخصيات التي أعلنت عزمها الترشح للرئاسيات التقت بقيادة تواصل وذلك من أجل الحصول على دعمها في الانتخابات بكونه يملك قاعدة شعبية كبيرة، والعدد الكافي من المستشارين البلديين والعمد لتزكيتهم.
غير أن الخلافات في الحزب حول دعم أحد المرشحين المعارضين، جعلت المكتب السياسي يرفض هذا الخيار وإعلان دفع بولد سيدي المختار وذلك من أجل تهدئة الأوضاع الداخلية وتجنب حدوث مشاكل تؤثر سلباً على وحدة الحزب.
تدافع للأراء
وينفي الأمين الوطني للإعلام والاتصال في تواصل، وجود خلافات داخل الحزب حول خياراته في الانتخابات الرئاسية، معتبرا أن هذا القرار لم يأتِ كوسيلة لتجنب الخلافات الداخلية، بل جاء ”كخطوة استراتيجية تعكس تقاليد الحزب في ممارسة الديمقراطية منذ تأسيسه“.
وأوضح ولد النقرة أنه على الرغم من كونه حزباً كبيراً بتنوع واسع في الآراء، إلا أن ذلك لا يعتبر ضعفاً بل عاملاً قوياً، وأن إدارة هذا التنوع هي مسؤولية رئيس الحزب وقيادته.
ولفت إلى أنه لا توجد خلافات داخلية تذكر، بل هناك تدافع طبيعي للآراء من أجل الوصول إلى القرار الأمثل والأفضل لصالح الحزب والبلاد.
كما فند الأخبار التي تتحدث أن تواصل أبلغ أحد المرشحين بدعمه في الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن قيادة الحزب استقبلت أغلب المرشحين للاستماع لهم، وأبلغتهم بأن مطالبهم ستحال إلى الهيئات المخولة باتخاذ القرار.
وقال ولد النقرة ”ليس صحيحا ما يتم تداوله من أخبار حول إبلاغ الحزب أحد المرشحين بدعمه في الانتخابات الرئاسية، فقد استمعت القيادة إلى أغلب المرشحين، وأبلغتهم بأن مطالبهم ستحال إلى الهيئات المخولة في اتخاذ القرار“.