عين الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم السبت 29 يوليو الماضي، السفيرة والدبلوماسية فكتوريا نولاند، مساعدة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، أي بعد ثلاث أيام فقط من انقلاب النيجر الذي هزَّ خطط الغرب في منطقة الساحل والصحراء.
بعد أسبوعٍ واحد من تعيينها، حطت نولاند في مدينة نيامي، عاصمة النيجر، ودخلت مباشرة في مفاوضات مع قادة الانقلاب، وكانت مهمتها واضحة وصريحة؛ لا مجال للمضي في الانقلاب، والتعاون مع “فاغنر” خط أحمر.
الدبلوماسية الأمريكية التي التقت بقائد الجيش المعين من طرف الانقلابيين، وضعت “عدة خيارات” أمامه، ولكنها لم تفصح عن طبيعة هذه الخيارات.
إلا أنها أكدت الموقف الأمريكي القائم على ضرورة العودة إلى المسار الدستوري في البلاد، من خلال استئناف الرئيس المحتجز محمد بازوم لمهامه.
الخبرة الأمريكية
في حين يبدو تعيين فكتوريا نولاند، تزامن بنوع من الصدفة مع الأزمة في النيجر، إلا أنها تبدو الشخصية المثالية للعب دور محوري في تسوية أزمة نقلت النيجر من زاوية النسيان، إلى مركز اهتمام ومتابعة العالم أجمع.
الدبلوماسية الأمريكية بالإضافة إلى كونها مساعدة وزير الخارجية، فهي تشغلُ أيضًا منصب وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية، بعد تأكيد قرار تعيينها من طرف مجلس الشيوخ الأمريكي شهر أبريل من عام 2021.
ولكن السيدة التي تحملُ شهادة في التاريخ، لديها خبرة 33 عامًا في الدبلوماسية، تقلدت خلالها مناصب من بينها مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأوروبية من 2013 حتى 2017، خلال حكم الرئيس باراك أوباما.
كما عملت ناطقة باسم الخارجية الأمريكية خلال حقبة هيلاري كلينتون، وسبق أن عملت سفيرة لدى حلف شمال الأطلسي خلال الولاية الثانية من حكم الرئيس جورج دبليو بوش، من 2005 حتى 2008.
وبعد ذلك، عينت مبعوثة خاصة ومفاوضة رئيسة في معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية بأوروبا عامي 2010 و2011، ومساعدة مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس ديك تشيني في 2003 حتى 2005.
كما تحملُ الدبلوماسية الأمريكية تجربة مهمة في العمل ما وراء البحار، في روسيا والصين ومنغوليا، فهل تنجح في تسوية أزمة النيجر، ومنع البلد الغني باليورانيوم من التوجه نحو المعسكر الروسي، على غرار جارتيه مالي وبوركينا فاسو.
الملف الأفريقي
مساعدة وزير الخارجية الأمريكي بعد تعيينها في المنصب مباشرة، توجهت يوم الجمعة الماضي إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، لتكون تلك هي مهمتها الخارجية الأولى، في إشارة واضحة إلى الاهتمام الأمريكي بالملف الأفريقي.
جمهورية الكونغو الديمقراطية تعيش منذ عدة أشهر تصاعد أعمال العنف في ولايات الشرق، إثر تمرد مسلح تقوده حركة تتهم بأنها متحالفة مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
الدبلوماسية الأمريكية أجرت مباحثات مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية وكبار المسؤولين، لتخرج أمام الصحافيين وتعلن أن الولايات المتحدة سترفع من دعمها الإنساني للكونغو بغلاف مالي قدره 48 مليون دولار.
وأضافت نولاند أن هذا الدعم يأتي في إطار إغاثة المتضررين من الصراع المسلح في شرقي الكونغو، وقالت إن “هؤلاء السكان الذين عانوا طويلًا يستحقون مستقبلًا أفضل”.
من جمهورية الكونغو الديمقراطية توجهت المسؤولة الأمريكية نحو النيجر، لتكون بذلك أول مسؤول غربي يحط في نيامي منذ الانقلاب العسكري.
موقف أمريكي
نولاند حطّت في النيجر من أجل أن تلتقي بأطراف الأزمة، ولكنها لم تتمكن من لقاء زعيم الانقلاب ولا الرئيس بازوم، إلا أنها أكدت للانقلابيين الموقف الأمريكي الواضح والصريح، والذي صدر عدة مرات على لسان وزير الخارجية، حين أكد تمسك الإدارة الأمريكية بعودة بازوم إلى الحكم.
في الوقت ذاته يراهن الأمريكيون على “السبل الدبلوماسية” لتسوية الأزمة، في البلد الأفريقي الهش، والذي يرى فيه الأمريكيون حليفًا استراتيجيًا لهم في الحرب على “الإرهاب”.
يمكنُ القول إن العلاقات الأمريكية مع النيجر وصلت خلال حكم بازوم إلى الذروة، خاصة أن بلينكن كان أول وزير خارجية أميركي يزور المستعمرة الفرنسية السابقة، شهر مارس الماضي.
ومن نيامي أعلن بلينكن مساعدة إنسانية جديدة بـ150 مليون دولار لمنطقة الساحل ومن ضمنها النيجر، ما يرفع القيمة الإجمالية لهذا الدعم إلى 233 مليون دولار في العام 2023.